اجتمع أشهر السحرة العالميين وأمهرهم في الوقت الحالي على ركح المسرح الروماني بقرطاج للمرة الأولى في تونس، إذ نادرا ما تمّت برمجة مثل هذا النمط من عروض الألعاب السحرية في مهرجان قرطاج الدولي رغم الإقبال المتزايد للجمهور ورغم طاقة الاستيعاب الكبرى للمسرح.
هؤلاء السحرة، وعددهم تسعة، جمعهم المدير التنفيذي للمهرجان “جوني جوال” في عرض بعنوان “المهرجان العالمي للألعاب السحرية”. وتمّ تقديم هذا العرض السحري الساحر والفريد من نوعه، في سهرة أمس الثلاثاء 2 أوت، ضمن برمجة الدورة السادسة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، وبحضور وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي وجمهور غفير من مختلف الفئات والأعمار.
وتميّزت العروض المقدّمة من السحرة بالمراوحة بين الأسلوب الكلاسيكي والمعاصر كالتي قدمتها الساحرة الصينية “هوانغ زهانغ” التي تجعل من خيوط القماش تتطاير وتتغير ألوانها والساحر الإيطالي “فيليبرتو سيلفي” الذي أمتع الجمهور وأضحكه في الآن نفسه بعرض أوبرالي، أو الجمع بين أسلوب الإضحاك والإمتاع كما يبدو جليا في عرض الساحر الفرنسي “جيمي ديلب” الملقب “بالساحر البرتقالي” الذي أدهش الجمهور بفقدان يديْه وساقيْه، أو من خلال عرض الساحر الكوبي “آرنيستو بلاناس”، فهذا الساحر العالمي اشتهر بلعبة المظلات الملونة التي تتكاثر على الركح بطريقة عجيبة أثناء أدائه بأسلوب فريد ومسلٍّ للغاية.
أما مشاهد الإثارة والذهول فكانت مع الساحر الفرنسي “تيم سيلفر” الذي قدّم عرضا يحبس الأنفاس في مواقف تختفي فيها مرافقته وتعود بطريقة غريبة يكتنفها الغموض ويعجز العقل عن تصديقها أو تقبّلها.
والمثير للاهتمام أيضا في المهرجان العالمي للألعاب السحرية، أن بعض المواقف السحرية كانت ممسرحة أي أنها توفرت فيها شروط اللعبة المسرحية كالبناء الدرامي للأحداث، على غرار ما قدّمه الساحر الفرنسي “جيروم ميرات” في عرض “التمثال برأسين” الذي يرحل فيه بالجمهور إلى عالم مليء بالغموض والعواطف حيث تنفث الرياح الحياة في تمثال غريب برأسين يستيقظان بعدها الواحد تلو الآخر ويتصارعان للاستيلاء على جسم التمثال.
وضمّ العرض أيضا مشاهد لكل من “مايكل سزانيال” (أنقلترا) والساحر الأوكراني “فلاد كريفونوغوف”، إلى جانب الساحر الفرنسي “باتريس كورت” الذي نال شرف تنشيط العرض والتنسيق بين مشاهده، فكانت إطلالته بين مشهد سحري وآخر تزيد من “جرعات” الإضحاك لدى الحاضرين، مستغلا بذلك موهبته في المزج بين فن الكوميديا وفن السحر.
ويعتبر المهرجان العالمي للألعاب السحرية هو الأصل والمرجع في هذا المجال، وهذا بفضل برنامج محكم وعالي الجودة أمنه فنانون سحرة يمثلون مختلف المدارس والتيارات في عالم السحر شدّوا إليهم أنظار الحاضرين لا سيّما من فئة الأطفال الذين ظلّ تركيزهم مشدودا نحو أكثر المشاهد غموضا وإثارة.