اعتبرت منظمات وجمعيات وطنية خلال ندوة صحفية اليوم الاثنين بالعاصمة، أن المرسوم عدد 55 المتعلق بتنقيح القانن الانتخابي، قد أدخل تحويرات جوهرية على القانون الانتخابي خلقت العديد من الهنات والإشكاليات طالت كافة مراحل المسار الانتخابي وحرمت المرأة والشباب من تمثيلية محترمة في البرلمان القادم والأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في هذا الاستحقاق. وبينوا خلال الندوة التي تمحورت حول “قراءة في القانون الانتخابي على ضوء فترة الترشحات” أن نظام الاقتراع على الأفراد و شروط الترشح وتقسيم الدوائر سيجعل من الانتخابات التشريعية المنتظر تنظيمها في 17 ديسمبر القادم “مختلفة وغريبة” على مستوى المشاركة وكذلك على مستوى النتائج، مشيرين إلى أن أفراد الجالية التونسية بالخارج لن يشاركوا في هذا الاستحقاق الانتخابي بالنظر إلى غياب الترشحات في 7 دوائر انتخابية ووجود 3 مترشحين يمرون آليا إلى البرلمان باعتبار أنهم مترشحين وحيدين عن دوائرهم.
وفي هذا السياق أوضح أمين الحلواني عن شبكة “مراقبون” أن نظام الاقتراع على الأفراد كان من المفروض أن يفرز عددا كبيرا من المترشحين إلا أن شروط التزكيات حالت دون ذلك، “معتبرا ان الإشكال الحقيقي يكمن في نوعية الأشخاص المترشحين باعتبار أنه -وذلك من المفارقات الكبيرة- “ما كان يعاب على المجلس النيابي السابق هو أنه يضم “مهربين” وأصحاب النفوذ المالي وفي المقابل فإن المرسوم الانتخابي يسهل مرور هذه الفئة بصفة أكبر إلى البرلمان القادم”، وفق قوله .واعتبر أن كل المنظمات والجمعيات المهتمة بالشأن الانتخابي سبق وأن لفتت الانتباه ونبهت عديد المرات إلى أن هذا المرسوم الانتخابي الذي تمت صياغته دون مقاييس علمية وتقنية واضحة سيفضي إلى إشكاليات لا حصر لها مقدرا أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورئاسة الجمهورية تبدوان إلى حد اليوم غير واعيتين بهذا الوضع، ولا يعترفان بوجود أي إشكال.
ونبه ممثل جمعية أوفياء إبراهيم الزغلامي إلى أن مرور نواب بصفة آلية إلى البرلمان يطرح إشكالا يتعلق بمسألة سحب الوكالة من نائب لم ينتخبه الشعب فضلا عن الجهة التي يمكنها القيام بذلك.وعبرت المديرة التنفيذية للمركز التونسي المتوسطي أحلام النصيري عن استيائها من نتائج مرحلة الترشحات للانتخابات بالنسبة للمرأة التي لم تتجاوز نسبة 15 بالمائة ، وهو ما اعتبرته تراجعا لافتا لمشاركة المرأة في الحياة السياسية وتمثيليتها في البرلمان مقارنة بالانتخابات السابقة، وذلك بسبب المرسوم الانتخابي الذي يقصي المرأة والشباب، وفق تقديرها. وقالت “إن المال السياسي خلال فترة جمع التزكيات لعب دورا كبيرا في إقصاء المرأة في مجتمع ذكوري لا يسمح بتموقعها ووصولها إلى الصفوف الأولى للمشاركة في الشأن العام”، مؤكدة ضرورة اعتماد مبدأ
التمييز الايجابي لفائدة المرأة وإيجاد آليات قانونية لتكريس التناصف وفرضه على أرض الواقع. وبين يسري المزاتي عن المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن المرسوم 55 لم يضمن تمثيلية الأشخاص ذوي الإعاقة وهو ما تجسد من خلال عدم ضمان حق هذه الفئة من التزكيات ومن المشاركة كمترشح، مشيرا إلى ترشح ثلاثة أشخاص فقط للانتخابات التشريعية من هذه الفئة وتبقى حظوظهم ضعيفة للالتحاق بالبرلمان القادم إضافة إلى غياب مبدأ تكافؤ الفرص في ظل غياب التمويل العمومي الذي تحتاجه هذه الفئة التي تعتبر من أكثر الفئات هشاشة في تونس.
وقال من جهة أخرى إنه “بالرغم من كل الهنات في هذا المسار الانتخابي وإقرار جمعيات المجتمع المدني منذ البداية بمخالفته للمعايير الدولية إلا أنه قرر عدم المقاطعة والعمل على مواصلة ملاحظة المسار الانتخابي مهما كانت الظروف، معتبرا ان ذلك يعد من وظيفته ولا بد له من المراقبة لحماية المكتسبات”.أما المدير التنفيذي لمرصد شاهد الناصر الهرابي فقد لفت إلى أن التصريح بقبول 1058 مطلب ترشح أوليا من بين 1427 مطلبا مقدما خلال 11 يوما من شأنه أن يؤثر على النزاع الانتخابي بالنسبة للطعون في قرارات الرفض والذي سيؤكد صحة موقف هيئة الانتخابات أو سيرجع الحقوق إلى أصحابها .واعتبر أن عدد الطعون في قرارات الرفض كان دون المأمول لضيق الوقت المخصص لذلك ولعدم جدية بعض المترشحين في الترشح ولانعدام ثقافة التقاضي لدى البعض الآخر.
يذكر في هذا الصدد ان الدوائر القضائية الابتدائية للمحكمة الادارية تلقت الى حد امس الأحد 60 طعنا، في إطار تعهدها بنزاعات الترشح للانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر 2022.