أعربت رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، الثلاثاء، عن التطلع لتحويل تونس إلى مركز إقليمي للتجديد والذكاء، يواكب التحولات والتطورات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي اليوم، والتي تعتمد أساسًا على اقتصاد المعرفة والتجديد.
وأضافت لدى اختتامها ندوة نظمتها رئاسة الحكومة بدار الضيافة بقرطاج من أجل استعراض النتائج والاستخلاصات الرئيسية المنبثقة عن النسخة الأولى لمجالس التجديد لدعم المبادرة والمؤسسات الناشئة، المنعقدة في نوفمبر 2022، أن هذه المجالس تعكس التوجه الذي تبنته الحكومة من أجل تعزيز التكنولوجيا وتثمين الذكاء الوطني.
واعتبرت أن المبادرة تعد الرافعة الأمثل لضمان صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات المتعددة التي تهز العالم، وتحقيق الأهداف الوطنية، لا سيما في ما يتعلق بالإدماج الاقتصادي والاجتماعي والمالي، وبالاكتفاء الذاتي الغذائي، والتحول الطاقي، ورقمنة الخدمات وتطوير النظام الصحي وتثمين التراث.
وشددت بودن على أهمية خارطة الطريق المنبثقة عن اللقاءات الملتئمة في إطار تلك المجالس، والتي قالت إن من شأنها تعزيز تحول البلاد إلى مركز إقليمي للتجديد والذكاء والمبادرة، وبروز نسيج اقتصادي مبتكر ومجدد، وتأمين تموقع أفضل للشركات الوطنية والمؤسسات الناشئة واستعادة الثقة في قدرات البلاد ومستقبلها.
جدبر بالإشارة أن اللقاءات الأولى لمجالس التجديد، التي أطلقت يوم 3 نوفمبر 2022، تتنزل في إطار البرنامج الوطني للإصلاحات الذي تم الإعلان عنه في 3 جوان 2022 . وتهدف هذه اللقاءات الأولى إلى توحيد ومضافرة الجهود الوطنية (العمومية والخاصة والأكاديمية) من أجل تحسين مناخ الابتكار والتجديد بشكل مستدام في تونس.
وقد أثث أشغال تلك اللقاءات أكثر من 150 مشاركًا من القطاعين العام والخاص، إلى جانب حضور مكثف لممثلي هيئات إقليمية وتنظيمات جمعياتية، مع مشاركات فاعلة عن بعد لممثلين عن الجالية التونسية بالمهجر. كما سجلت مشاركة فاعلين ناشطين صلب منظومات التجديد والبحث من أجل التنمية ومؤسسات ناشئة، ضمن جميع ورشات العمل.
وعقدت هذه الاجتماعات على ثلاث مراحل، من خلال تنظيم يوم قطاعي في 3 نوفمبر 2022 يهدف إلى تحديد احتياجات القطاعات المعنية (الصحة والشؤون الاجتماعية والفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والتربية والتعليم العالي والتوظيف والتشغيل والتكوين والصناعة والطاقة والمالية والتجارة والنقل والبيئة والسياحة والثقافة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبحث العلمي والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن(، في مجال الابتكار والتجديد، وتشخيص المشاريع الممكنة في المجال.
وقد تم في 9 نوفمبر 2022 تنظيم يوم دراسي محوري، يهدف إلى تحديد التدابير الأفقية التي يجب اتخاذها من أجل تعزيز مناخ التجديد، ليختتم اليوم بيوم مخصص لاستعراض نتائج واستخلاصات اليوم القطاعي وتقديم رؤية تأليفية للمشاريع المجددة والاجراءات القطاعية والتدابير الشمولية ذات العلاقة.
ومكنت هذه الاجتماعات من تشخيص ما يقارب 25 اجراء أفقيا لدعم مناخ التجديد، و126 مشروعًا قطاعيًا مبتكرًا، وأكثر من 100 إجراء قطاعي، و20 اجراء مرتبطاً بالتشريع المنظم للمؤسسات الناشئة، و 36 اجراء مشتركاً تتصل بمناخ الأعمال، فضلا عن مقترح ببلورة إطار حوكمة للتجديد.
وتنقسم الإجراءات الأفقية إلى ثلاثة محاور، وهي إضفاء الطابع المؤسسي، والنفاذ إلى الأسواق، والموارد.
وعلى صعيد إضفاء الطابع المؤسسي، تتمثل الإجراءات المقترحة في إنشاء هيئة متعددة القطاعات مكلفة بالتجديد لدى رئاسة الحكومة معززة بوحدة عملياتية، وإرساء حوكمة عمومية وخاصة للتجديد، وإدماج متابعة الإصلاحات المتصلة بمناخ الأعمال في إطار الوحدة العملياتية للتجديد، وتحديد موضوعات التجديد ذات الأولوية، وإشراك القطاع الخاص في حوكمة هياكل البحث والتنمية وتعزيز حركية التنقل نحو الشركات، وإطلاق منصة التصريح الإلزامي بأعمال التجديد والبحث من أجل التنمية، وإطلاق برنامج لتحسين ترتيب تونس في المؤشر العالمي للتجديد “جي 2″، مع تشريك القطاع الخاص.
كما يتعلق الأمر بتوجيه الدبلوماسية الاقتصادية والتعاون الدولي نحو التجديد والبحث من أجل التنمية، والعمل على النهوض بصورة تونس كمركز تكنولوجي وقطب للتجديد والبحث من أجل التنمية على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى تكثيف الحملات التحسيسية بأهمية التجديد لدى السكان، من أجل ترسيخ ثقافة التجديد والابتكار، وإرساء مقاربة منهجية وأفقية تتعلق بالجودة (المعايير، والمواصفات وبطاقات الإشهاد.. العلامات).
وعلى مستوى الموارد، مكنت الاجتماعات من التأكيد على الحاجة إلى تعزيز إقلاح المنظومة الاقتصادية الوطنية لحماية الملكية الفكرية، ودعم الباحثين المجددين في مسار الحصول على براءات الاختراع (الاعتراف بالمهن الجديدة، التمويل والمرافقة، تطوير منظومة التجديد صلب الجامعات التونسية، تقييم عتبة المنح/الإعفاءات الضريبية البحثية، إرساء علامة “تونس الإبداعية”)، إضافة إلى تدقيق شهادات المنشأ الخاصة بالمنتجات التونسية. كما تم اقتراح إرساء إطار إلزامي ينظم مجال البيانات المفتوحة مع قائمة الأولويات وإحداث مركز بيانات للمعطيات ذات الصبغة العمومية.
وفي ما يتعلق بالنفاد إلى الأسواق، تتمحور الإجراءات المعتمدة حول الترويج للعلامة التجارية التونسية من خلال الدبلوماسية الاقتصادية، وتبسيط الإجراءات الديوانية بالنسبة للمشاريع المندرجة تحت علامة ” “تونس الإبداعية”، وإنشاء منصة وطنية للمشاريع والمنتجات والخدمات المجددة، واستكمال تجسيم وضعية الباعث الذاتي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك طور الدراسة والتمحيص نحو 20 إجراء لفائدة الشركات الناشئة، وذلك استعداداً لإصدار نسخة جديدة من قانون الشركات الناشئة يكون أكثر تلاؤما مع الاحتياجات الجديدة لهذا الصنف من الشركات.
وخلال هذا اليوم المخصص لاستعراض الاستخلاصات والتوصيات، المنعقد الثلاثاء 15 نوفمبر، قدم ممثلو الوزارات (15 وزارة) والفرق القطاعية المشاركة في مجالس التجديد، 126 مشروعًا مجددا تلتزم بها مختلف الوزارات، ويتمثل الهدف الأساسي منها في دفع التوجه نحو اقتصاد المعرفة، وهو خيار شرعت الحكومة في تجسيده. وتغطي هذه المشاريع جميع قطاعات النشاط (الصحة، التجارة، الصناعة، الطاقة، المالية، البيئة، التجهيز، الفلاحة، الشؤون الاجتماعية، التربية، التعليم العالي، السياحة، الثقافة، والتكنولوجيا والبحث والمرأة،…)، وهي ترمي جميعها إلى إحداث تغيير جوهري على معيش التونسيين باتجاه الأفضل.