تواجه المعتمديات الثلاث للدائرة الانتخابية منزل بوزيان المكناسي والمزونة العديد من الإشكاليات التنموية المشتركة ليتراوح مؤشر التنمية بها بين 0 فاصل 357 بالمزونة و 0 فاصل 366 بمنزل بوزيان و0 فاصل 457 بالمكناسي، حسب إحصائيات 2021، بالرغم من توفرها على العديد من الثروات البشرية والطبيعية.
تزخر معتمدية المكناسي بثروات إنشائية ذات جودة عالية وبكميات هامة، قابلة للتحويل الصناعي كالفسفاط والجبس ومقاطع للحجارة الكلسية والطينية، بالإضافة إلى عدد من العيون المائية والمواقع والمعالم الأثرية على غرار قصر خليفة الزناتي، كما تتوفر بها ضيعات فلاحية دولية شاسعة ورصيد عقاري قادر على احتضان المشاريع العمومية والاستثمارات الخاصة.
كما تحتل معتمدية المزونة موقعا جغرافيا متميزا حيث انها تبعد عن مراكز الولايات المجاورة بمسافات متقاربة لا تتجاوز 75 كلم بالنسبة لولاية سيدي بوزيد، و90 كلم عن كل من صفاقس وقابس وقفصة، وتمر بها السكة الحديدية الرابطة بين المتلوي وتونس، وتبعد عن ميناء الصخيرة 40 كلم فقط، وهي تنفرد بوجود سلسلة جبال النجيلات وواحدة من أكبر المحميات بتونس وهي محمية بوهدمة التي صنفتها منظمة اليونسكو ضمن المحميات الطبيعية التي يمكن استغلالها في السياحة البيئية بعد تثمين الثروات الطبيعية المتواجدة بها وإدراجها ضمن مسلك سياحي، الأمر الذي سيساعد على بعث بعض المشاريع لدفع حركة التنمية، الإضافة الى مساحات شاسعة مستغلة للرعي وزراعة الحبوب وبعض البقول البعلية والتوابل والأشجار المثمرة مثل الفستق واللوز والزيتون.
وتمسح الأراضي السقوية بالمزونة أكثر من ألفي هكتار ويوجد بها أكثر من 600 بئر سطحية وعدد كبير من الآبار العميقة مما ساهم في تنمية الزراعة تحت البيوت المحمية وخاصة زراعة الخضروات وتحديدا الفلفل (تحتل المزونة المرتبة 3 بالولاية في انتاجه)، بالإضافة الى الأشجار المثمرة واللحوم الحمراء والبيضاء والحليب.
وتعتبر الفلاحة الركيزة الأساسية لسكان معتمدية منزل بوزيان حيث تشغل ما يقارب 25 بالمائة من السكان، وتمتد الأراضي الفلاحية على مساحة أكثر من 40 ألف هكتار، خمسها فقط أراضي سقوية، كما تمتاز المنطقة بإنتاج الباكورات وتربية الماشية وتوفر عددا من العيون الاستشفائية الساخنة على غرار هداج والكربة.
وبالرغم من هذه الميزات لمعتمديات الدائرة الانتخابية المكناسي منزل بوزيان والمزونة، إلا أن مختلف تقارير اللجان المحلية للتنمية اتفقت على عجزها عن حجب تدهور الوضع التنموي وتواصل تعطل انجاز المشاريع المبرمجة، وذلك بسبب ضعف البنية التحتية داخل المدينة وبالمناطق الريفية وعدم تسوية وضعية الاراضي الدولية وضعف الخدمات الصحية وعدم تدعيم المستشفيات بالتجهيزات والإطار البشري ونقص الأقسام والاختصاصات الجديدة .
ولا تختلف وضعية الدائرة الانتخابية الرقاب السعيدة أولاد حفوز عن الدائرة السابقة، حيث تحتل معتمدية أولاد حفوز المرتبة 143 والرقاب والسعيدة 229 وطنيا بمؤشرتنمية يبلغ 0 فاصل 457 بالنسبة لأولاد حفوز و0 فاصل 383 بالنسبة لمعتمديتي الرقاب والسعيدة، حيث تقع معتمدية السعيدة جنوب ولاية سيدي بوزيد وتحدها شمالا معتمدية الرقاب ومن الجنوب الشرقي معتمدية اولاد حفوز، وغربا معتمدية منزل شاكر من ولاية صفاقس، وتضم 5 عمادات بمساحة جملية تبلغ 294 كلم مربع وتعد 23 ألفا 175ساكنا، ويغلب عليها الطابع الريفي والتشتت السكاني (85 بالمائة من السكان يعيشون بالوسط الريفي)، ويتجاوز العدد الجملي للعاطلين عن العمل بالمعتمدية 1000 منهم 500 من حاملي الشهادات العليا، وتبلغ نسبة التنوير العمومي فيها 50 بالمائة ونسبة الربط العامة بالماء الصالح للشرب 60 بالمائة ولا وجود للربط بشبكة التطهير فيها.
وبالنسبة لمعتمدية الرقاب فتعتبر من ابرز مناطق الإنتاج الفلاحي لا على مستوى الولاية فقط، وإنما أيضا على الصعيد الوطني، حيث شهدت خلال السنوات الأخيرة تركيز مستغلات فلاحية متطورة ودخول الكثير من رجال الأعمال الميدان الفلاحي، فتنوع بذلك الإنتاج واتجه الفلاحون إلى التصدير نحو دول مجاورة وأخرى أوروبية على غرار فرنسا وألمانيا وايطاليا، وساهم الموقع الجغرافي المتميز للمنطقة ووجود أكثر من 10 آلاف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، والتي تحتوي أكثر من 1300 بئر سطحية و200 بئر عميقة في النهوض بالقطاع الفلاحي واتجاه الأهالي إلى تعاطي الفلاحة بمختلف أنواعها، حيث لم يقع الاقتصار على المنتوجات التقليدية بل أقدم الكثير من الفلاحين ولأول مرة خلال السنوات الأخيرة على زراعة القوارص وعدد من أصناف الخضر والغلال وخاصة العنب والرمان والخوخ وغيرها.
ويمثل التهديد الكبير المسلط على المائدة المائية ابرز الإشكاليات بالرقاب خاصة حيث أشارت الكثير من الدراسات التي أنجزها خبراء في المجال إلى هروب المائدة المائية وعدم قدرتها على استيعاب هذا العدد من الآبار سواء منها السطحية أو العميقة، الأمر الذي انعكس سلبا أيضا على كلفة استخراج المياه إذ لم تعد المحركات العادية الوسيلة المثالية لإخراجه، حيث تجاوز عمق الآبار السطحية معدلاته المعقولة (/20م) وأصبح الاتجاه إلى كهربة الآبار حلا حتميا، الا ان الفلاحين اصطدموا بمنع الدولة كهربة الآبار وانخفضت بذلك المساحات المخصصة للزراعة بل وبدا المستثمرون ينفرون من المنطقة، وذلك بالاضافة الى عدم تهيئة وتعبيد المسالك الفلاحية، الأمر الذي يعطل خروج الخضر والغلال المعدة للتصدير أو للبيع خارج المنطقة خاصة خلال الأيام الممطرة .
كما رفعت العديد من المطالب الخاصة بتطوير المنظومة الصحية التي تعاني من نقص الإطارات الطبية وشبه الطبية وانعدام التجهيزات الأساسية (5 آلاف ساكن لكل طبيب)، وكذلك تركيز وحدات صناعية تحويلية تستغل الإنتاج الفلاحي المتوفر بالجهة ويستقطب عددا كبيرا من اليد العاملة المختصة وإحداث فروع للإدارات الكبرى والحيوية، مطلبا ملحا لاستقطاب المستثمرين والحفاظ على النهضة الاقتصادية التي عرفتها المنطقة خلال العشرية الأخيرة وأيضا تزويد العديد من التجمعات السكنية بالماء الصالح للشراب. .
وتحتل معتمديتي الدائرة الانتخابية بئر الحفي وسيدي علي بن عون المرتبة 239 و236 وطنيا بمؤشر تنمية0 فاصل 369 بالنسبة لبئر الحفي و0 فاصل 372 لسيدي علي بن عون حيث انهما يقعان غرب الولاية ويتميزان بموقع استراتيجي باعتبار انهما بين ولايتي القصرين وقفصة مما جعلهما منطقة عبور بالإضافة إلى تواجدهما على الطريق الوطنية عدد3
فمعتمدية سيدي علي بن عون، تمتلك بعدا تاريخيا يتمثل في حضورها في سيرة القبائل التي استوطنت المنطقة إلى جانب بعد روحي وهو احتضانها ضريح الولي الصالح سيدي علي بن عون ويضاف إلى كل ذلك وفرة الموارد الفلاحية والموارد الطبيعية والبشرية، وتتوفر بمعتمدية بئر الحفي مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة وبعض المواد الأولية للصناعة (كمادة الرخام الأبيض والوردي الملكي والأصفر)، كما يوجد عدد كبير من الشواهد والمواقع الأثرية والثروات الجبلية الايكولوجية مثل الغابات والعيون المائية.
وحسب تقرير صادر عن معتمدية سيدي علي بن عون مازال تعبيد المسالك الفلاحية وربط جميع المدارس الابتدائية والتجمعات السكنية والفلاحية بالطريق المعبدة بالإضافة إلى تركيز بعض الجسور لفك عزلة المواطنين عند نزول الامطار اهم اشكال بالمنطقة بالاضافة الى مطلب بعث فرع محلي للشركة التونسية للكهرباء والغاز وآخر للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وإعادة تحديث شبكة التنوير خاصة بالمنطقة البلدية وأيضا إيصال الماء الصالح للشراب لكل التجمعات السكنية وإعادة النظر في قانون الجمعيات المائية وحسن التصرف في التساقطات حتى تتم عملية تغذية القاعدة المائية بصفة مجدية.
وفي قطاع الصناعة بين التقرير انه لا بد من بعث مصانع تحويل للمنتوجات الفلاحية كالحليب واللحوم والغلال والخضروات ووحدات تعليب الزيتون وإحداث وحدات خزن للمنتوجات الفلاحية المتنوعة ومقاطع للآجر وتشجيع الصناعات التقليدية الغذائية واحداث مركز نموذجي لأصحاب المهن الصغرى وتعاضدية خدمات تعنى خصيصا بمجال التسويق ومنطقة صناعية.
ويعتبر إحداث مدرسة في اختصاص الهندسة الفلاحية ومسرح للهواء الطلق لتقريب الخدمات الترفيهية للشباب وانجاز سد بمنطقة أولاد خليفة وبحيرة جبلية بجبل بئر الحفي لتوفير مياه الري وتسوية الإشكال العقاري للأراضي الفلاحية وانجاز فضاء صناعي لتشجيع المستثمرين على الانتصاب وبعث المشاريع في الجهة وحل إشكالية محطة التطهير وتقريب الخدمات الأساسية من سكان المناطق الريفية بالإضافة إلى تعبيد الطرقات وتوسيع شبكة الماء الصالح للشراب، أهم مطالب أهالي معتمدية بئر الحفي .
وتشير الوثيقة الخاصة بالمخطط الجهوي للتنمية 2023 / 2025 لولاية سيدي بوزيد إلى أن التوزع السكاني بالمناطق الذكورة وبولاية سيدي بوزيد بصفة عامة يتميز بمستوى تحضر ضعيف حيث لا تتعدى نسبة السكان في الوسط الحضري 27 فاصل 1 بالمائة (سنة 2014) وهو ما لم يسمح ببروز مركز حضري مهيكل وحد من تطور وظيفة المراكز الحضرية الثانوية بالإضافة إلى تواصل ضعف هيكلة وإدارة التجمعات السكنية الريفية وعدم تحقيق تكامل واندماج بين مناطق الجهة الواحدة والاستجابة لطلبات تنموية لا تزال ملحة بالوسطين الحضري والريفي.
ويعدد التقرير العديد من الإشكاليات الأخرى المتعلقة بغياب بنية تحتية مهيكلة ودامجة لمناطق الجهة وغياب النقل الحديدي وتواضع خدمات النقل العمومي للركاب ونقص في تهيئة وتعبيد الطرقات والانهج والمسالك الريفية والربط بشبكات التطهير وصرف المياه والحماية من الفيضانات والتنوير والماء الصالح للشراب وأيضا طول إجراءات فتح الاعتمادات المحالة تعهدا ودفعا خاصة المتعلقة بالمشاريع العمومية ذات الصبغة الجهوية وتأثير المصبات البلدية العشوائية ومحدودية النشاط الصناعي في النهوض بالاستثمار والتشغيل وغياب مناخ الاستثمار وضعف جاذبية الجهة لدفع وتحفيز المبادرة الخاصة.
كما يجب، وفق التقرير، الإسراع بتركيز بنية أساسية مهيكلة ومتطورة ودامجة من خلال انجاز الطريق السيارة القصرين صفاقس سيدي بوزيد وإحداث سوق الانتاج بالوسط للخضر والغلال وتزويد الولاية بالغاز الطبيعي واستكمال مكونات منجم فسفاط المكناسي وتأهيل وتفعيل شبكة الخط الحديدي الرابط بين سوسة والقصرين وربطه بسيدي بوزيد.
ويقترح إحداث لجان قيادة جهوية لمتابعة تنفيذ المشاريع الوطنية المهيكلة الكبرى وبعث منطقة صناعية كبرى بجنوب الولاية تضم منزل بوزيان والمكناسي والمزونة وخلق نسيج صناعي متكامل بغاية خلق الثروة وتثمين المدخرات الباطنية من موارد طبيعية وثروات غابية والإسراع في عملية مراجعة أمثلة التهيئة للبلديات وتكوين مدخر عقاري لبعث المشاريع العمومية وتهيئة المناطق السكنية والصناعية والعمل على دخول المستشفيات الجهوية بالمكناسي والرقاب حيز الاستغلال ومراجعة التقسيم الإداري والترابي للمعتمديات وحدود بعض البلديات نظرا للتشتت الجغرافي ومراجعة خارطة حماية الأراضي الفلاحية وتنظيم الفضاء الترابي باعتماد أمثلة محينة للتهيئة الترابية والعمرانية وتعميها على التجمعات السكنية الريفية وإحداث بنك جهوي للتنمية.