أمام شبابيك مغلقة، قدم مغني الراب السوري بوكلثوم عرضه، مساء الاثنين بمسرح الأوبرا في مدينة الثقافة، حيث توافد الجمهور سويعات قبل انطلاق العرض واصطف في طابور طويل منتظرا بشوق فتح منافذ الدخول للمسرح.
وتميّز هذا العرض بالحماس والتّوهج لما يناهز ساعة من الزمن، لم يهدأ خلالها الجمهور ولم يكفّ عن الغناء والهتاف مع هذا الفنان الذي يصافح التونسيين للمرّة الأولى من بوابة الدورة الثامنة لأيام قرطاج الموسيقية (21 – 28 جانفي 2023)، حيث زاده حماس الجمهور شحنة إضافية ليشعل أرجاء المسرح رقصا وغناءً، بعد أن التحف بالعلم التونسي عرفانا منه لجمهورها الذي غمره حبا لموسيقاه المعبرة عن الوجع المكتوم في الذات البشرية.
وقف بوكلثوم، واسمه الحقيقي محمد منير، على الركح مشدودا إلى تفاعل جماهيري منقطع النظير، فردّد بنبرة غاضبة ثائرة ومتمرّدة على الواقع باقة من أغانيه منها “ممنون” و”جوانا” و”عالي” و”طالب” و”صوّان” و”لا تنسوني” و”ولّع” و”دلّوني”… وهي أغان نابعة من قساوة الحياة التي عاشها في سوريا إبان الحرب، ثمّ ازدادت قسوة مع إقامته الحالية في العاصمة الهولندية آمستردام، لكن الظروف القاسية التي مرّ به لم تثنه عن العمل الموسيقي والإنتاج الغزير، مما أكسبه شهرة واسعة في الوطن العربي ونحت لنفسه بصمة في عالم الراب.
وفي تصريحات مقتضبة لـ”وات”، أثنى عدد من الحاضرين على برمجة هذه الدورة الثامنة من أيام قرطاج الموسيقية لما “لامسوه من جودة في العروض المنتقاة وتنوع أنماطها الموسيقية”، فيما عبّر بعض الحاضرين عن أسفهم لعدم تمكّن فئات كثيرة من أصدقائهم وعائلاتهم من الحصول على تذاكر هذا العرض لمحدودية طاقة الاستيعاب. وطالبوا بإعادة برمجة بوكلثوم في المهرجانات الصيفية لتمكين عدد أكبر من الجمهور من الحضور.
ومغني الراب السوري “بو كلثوم” هو أيضا منتج انطلقت مسيرته الفنية سنة 2003 في دمشق. وقد أطلق على نفسه هذه التسمية نسبة إلى كوكب الشرق أم كلثوم التي شغف بغنائها منذ صغره. وعرفت مسيرة بو كلثوم الشخصية والفنية تغييرات حاسمة انطلاقا من اندلاع الحرب في سوريا مرورا بالسفر إلى الأردن، وصولا إلى مخيمات اللاجئين في أوروبا، ليستقرّ في نهاية بهولندا.
ويمتلك بو كلثوم في رصيده ثلاثة ألبومات هي “أنديرال” (2015) والبعبع” (2017) و”طالب” (2021). وأثرت الحرب السورية كثيرا في نفسيته، فغنّى للوطن والطفولة الجريحة. وأنشد السلام للإنسان في كل الأوطان.