في العيد العالمي لحرية الصحافة جامعيون وأكاديميون في قطاع الإعلام يؤكدون دور الصحافي في مواجهة الأخبار الزائفة والموجهة

في اليوم العالمي لحرية الصحافة يثير موضوع نشر لأخبار الزائفة والموجهة على مواقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك وتويتر واليوتيوب) والتي تعمل غالبيتها دون معايير محددة ومهنية مضبوطة الجدل والتساؤل عن الدور الموكول للصحافي الفاعل والمسؤول اليوم في أن يكون جدار صد لمواجهة الأخبار “المفبركة ” و إنارة الرأي العام .

و أكدت مجموعة من الإعلاميين و الباحثين والجامعيين في قطاع الإعلام الذين استجوبتهم “وات”ضرورة أن يلتزم الصحافي بالبحث في نشر معلومات دقيقة معمقة وموثقة وذات مصداقية يقدمها للمواطن في الوقت المناسب قبل أن يلتجأ إلى البحث عنها من مصادر أخرى قد تضر بمصلحة الدولة وتخدم مصالح ومأرب أطراف بعينها.

وقال الإستاد بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار العربي شويخة أن الصحافي يحتاج إلى المشاركة في دورات تكوينية وتدريبية مستمرة تكسبه المهارات اللازمة وتجعله يتجاوز التحاليل الإخبارية السطحية والبسيطة التي أفقدت مصداقية وسائل الإعلام بمختلف أصنافها وجعلت المواطن فريسة للمواقع الاجتماعية التي باتت تمثل خطرا حقيقيا لايستهان به في توجيه الرأي العام وفق تحليله .

واكد شويخة ضرورة تواجد هياكل تحريرية صلب المؤسسات الإعلامية في تونس توكل إليها مهمة مراقبة الإنتاج الصحفي وتقييم أعمال الصحافيين وحمايتهم إن لزم الآمر من أي خطر يمكن أن يتعرضون إليه عند إبداء رأيهم وفق معايير مهنية مضبوطة .

واعتبرا ,في هذا السياق, أن غياب الهياكل التحريرية صلب المؤسسات الإعلامية ستفتح المجال أمام تدخلات سياسية ومالية ودينية وغيرها……

وأوضح أهمية تدخل الهياكل التحريرية صلب المؤسسات الإعلامية في إيجاد الحلول عند غياب المعلومة الدقيقة والتعتيم على المعلومات الشيء الذي يجعل الصحافي فريسة للاجتهاد الشخصي والتأويل والالتجاء ربما إلى مواقع “خبيثة” لاتحكمها قوانين وضوابط مهنية وهو أمر في غاية الخطورة وفق تأكيده .

وقال أن الجمهور هو الحلقة والقاعدة الهامة التي تلعب دورا مهما في إعادة الثقة لوسائل الإعلام التي فقدت مصداقيتها وفسحت مجالا واسعا أمام تصدر بعض المواقع الاجتماعية المشهد .

واقر محمد العش( موظف متقاعد ) التقته “وات” يقتني إحدى الجرائد اليومية الوطنية من احد الأكشاك بالعاصمة ومتابع للشأن الوطني وفق ما أفاد به ان الجمهور فقد الثقة في الإعلام لأنه يعد” إعلاما سلبيا” وفق توصيفه غير بناء وغير قادر على الرفع من معنويات المواطنين وخاصة خلال الأزمات وقد سخرته الأنظمة لخدمتها وحولته إلى أدوات دعاية وظل يعاني من تبعية سياسية وقصور مهني وارتهان لصالح الممولين ولم ينجح في كسب ثقة الجمهور وفق تقديره.

وبين أن المواطن أصبح تائها أمام الزخم الهائل من المعلومات التي تنشر يوميا على مواقع التواصل الاجتماعي امام التعتيم عن المعلومة وعدم “تأكيدها” او “دحضها” من قبل وسائل الإعلام بمختلف أصنافها المكتوبة والمقروءة والمسموعة وفتح باب التأويلات على مصراعيه.

كما اظهر محمد العش اختلاف نفس محتوى ومضمون الخبر الواحد في عدة وسائل الإعلام سواءا كانت محلية او اجنبية وعدم تطابقه وإظهاره وفق مقاييس تضبطها هي وحسب توجهاتها ومأربها الخاصة .

وتساءلت الإعلامية التونسية بدولة الكويت سناء الوسلاتي عن عدم وجود منصات الكترونية أو أقسام صلب المؤسسات الإعلامية لدحض الأخبار “المضللة ” وذلك بالرجوع إلى مصادر الخبر والاعتماد على الحجة والبرهان ضمن المعايير المهنية المحددة والمتعارف عليها.

وأبرزت أهمية الرد على هذه “الفبركات” بنشر الخبر الصحيح في أسرع وقت ممكن دون أن ننسى دور الدولة في العمل على تنظيم عملية النشر الالكتروني من خلال إحداث هيكل أو مؤسسة ترصد الأخبار المضللة والزائفة ومروجيها وتتبعهم لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

وبينت أن تطور نسب المشاهدة لبعض المنابر التي يؤثثها معلقون او مجللون “كرونيكور” بالرغم من الخطاب السطحي لغالبيتهم والمنحازين لبعض التوجهات واقتصار رأيهم على إبداء الرأي عوضا عن التعمق في التحليل و النقاش بالاستناد الى الحجة والدليل والحديث في كل المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية خير دليل على تأثير هذه الفئة في المتلقي وبالتالي ابتعاد ه عن المضامين الإعلامية الهادفة وفق تعبيرها والحديث عن صحافة الإثارة .

وأفاد الباحث في مجال الميديا الاجتماعية خليل الجلاصي ,من جهته, أن المواطن يعتقد أن “الكرنيكور” المتواجد اليوم بكثافة في المنابر الإعلامية وهو يحلل ويناقش مجموعة من الوقائع والأفكار والمواضيع بمختلف أنواعها ويقدمها على انه صحافي يمتلك المهارات ويحاول ان يغرسها في أذهان المتلقي الذي قد يتميز غالبيته بالايجابية والعفوية يساهم بشكل كبير في رسم صورة خاطئة عن وسائل الإعلام لدى الجمهور.

وقال خليل الجلاصي “اننا تجاوزنا الحديث عن الصحافة “المضللة” وأصبحنا نعيش تحت ضغط “تلوث إعلامي” ” أمام غياب الثقافة الرقمية لدى المواطن التونسي وهو مؤشر خطير يستوجب تدخل الدولة لتكون القاطرة التي تقود المشهد الإعلامي والسياسات العمومية وترتقي بالمضامين الإعلامية بعيدا عن “منطق السوق” وفق تعبيره
وفي ما يتعلق بجودة المضامين الإعلامية قال خليل الجلاصي أن 70 بالمائة تقريبا من القنوات التلفزية في تونس لا تقدم مضامين ذات جودة عالية قادرة على كسب ثقة الجمهور بل هي قنوات تسويقية ربحية بالأساس .

وأكد ضرورة إعطاء الآليات للجماهير حتى يكونوا قادرين على التحقق من الأخبار والسياقات “المضللة” وفق تعبيره عبر تنمية الحس النقدي لديهم بمعنى إرساء قاعدة انه” لايوجد خبر صحيح وكل الأخبار خاطئة إلى أن يتم التثبت من صحتها” فضلا عن تعميق البحث حول السبل الكفيلة بإعادة الثقة في وسائل الإعلام ورد الاعتبار لها وذلك عبر القيام بمجموعة من الدراسات والتقارير التي تتناول بالدرس التضليل ألمعلوماتي و أهمية دور الصحافي الفاعل اليوم في مقاومته.

وقال رئيس مشروع” لاب تراك ” بشبكة مراقبون محمد الهادي الفاهم أن دراسة متعلقة ” بالتضليل ألمعلوماتي السياسي ” أعدها مؤخرا ثلة من الخبراء من معهد الصحافة وعلوم الأخبار وببادرة من شبكة مراقبون خلصت نتائجها الى مسالة تمويل صفحات لصالح السياسيين والأحزاب وإنشاء وإدارة صفحات سياسية ودعائية وإدارتها والترويج لها باعتبارها تقدم صفحات وقتية يتم حجبها بعد الاستفادة منها في الحملات السياسية وتوظيف خبراء مزيفين وتقليد صحافة التحري .

كما قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات الهامة ذات العلاقة بمواجهة التضليل ألمعلوماتي انطلاقا من حملات الرصد على مواقع التواصل الاجتماعي وأساليب التلاعب بالرأي العام تتضمن بالخصوص إرساء حوار وطني تشارك فيه كل الأطراف المعنية من صحافيين ومختصين في المجال الإعلامي يتطرق إلى موضوع التضليل ألمعلوماتي وتداعياته إضافة إلى فرض قيود على المنصات الالكترونية التي تنشر الأخبار الزائفة قصد إثارة البلبلة وزعزعة الاستقرار الوطني .

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.