“أنا لي حلم كبير” عمل مسرحي جديد هو الثالث لمختبر “إرادة” لمسرح الإدماج بجزيرة جربة، بعد نجاح عملين سابقين هما “هيا نقطف ثمرة” و”هيا نعبر جسرا”.
وتم مساء أمس تقديم العرض قبل الأول لهذا العمل الثالث، في قاعة رياض النفوسي بدار الثقافة بجربة أجيم، وقد نجح في كسب الرهان من جديد على قدرة المسرح على تطوير قدرات أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخصوصية ومنحهم الثقة، ليعتلوا خشبة المسرح أمام جمهور حضر بكثافة، تأثر وتفاعل فصفق وشجع.
قطفوا الأزهار وعبروا الجسر واليوم حققوا الأحلام، هم 9 أطفال منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة أو ما يطلق عليهم اسم “ذوي الهمم” هم فرح وباديس ويونس وعبد الرحمان وادم وياسين وشمس الاسلام وشهد، ومعهم ضحى وخبيب، ومن ورائهم فريق عمل كبير بين مختصين في علم النفس الحركي وفي علم الاجتماع ولغة الاشارة والنطق وعلم النفس إلى جانب فنانين ومربين وتقنيين وآخرين، جمعهم الدكتور زهير بن تردايت في هذا العمل “انا لي حلم ” الذي تولى إخراجه.
قال زهير بن تردايت إن هذا العمل لم ينطلق من نص جاهز بل انبثق من الاطفال في ارتجالاتهم ومواقفهم ومشاهدهم، فهو نابع منهم ومما يحملونه في دواخلهم من طاقات وامكانات واحاسيس ومواهب وما ان اتيحت لهم الفرصة لاستكشافها واستخراجها حتى تفجرت كل هذه الطاقات فخرجت الحكاية في صورة جميلة وحيدة فتحولت فنا وجه رسائل عظيمة ومعان بليغة.
روى هؤلاء الاطفال حكايتهم وتحدثوا عن حلمهم، فكانت الحكاية ليست ككل الحكايات، فقد أرادوها خروجا عن المألمالوف وقطعا مع السائد هي ليست “حكاية الغول وقطع الرؤوس” و”عجوز القايلة” بل حكاية جديدة، هي حكايات القادرين على تحدي الخوف والثائرين على العجز وعلى الظروف وعلى الذئاب والافاعي وعلى الكلمة السيئة وعلى التنمر.
تحدوا وقاوموا فرسموا ورقصوا وغنوا وتحركوا وطوعوا الذئب ووظفوا الأحجار الملقاة في الغابة وحولوها عربة فحلقوا عاليا فوق السحاب وحققوا أحلامهم وأمنياتهم .
رسم هؤلاء الأطفال “الفنانون الصغار” طريقهم وأحلامهم وبحثوا عن ضوء فيه محبة وبحثوا عمن ينصت إليهم ويفهم أغنيتهم وحكايتهم ويعي قيمتهم ويأخذ بيدهم، ليحققوا أحلامهم، فسعوا بكل عزائمهم وبوحدتهم دون استسلام رافضين الذل مصيرا، موجهين رسائل كثيرة وعميقة مفادها أن لا لليأس ولا للعجز أو التيه وبأن الكلمة الطيبة تداوي وأينما تكون المحبة تغيب كلمة السوء.
كانت القصة حكاية مغامرين تاهوا بين الذئاب والافاعي والتنين في غابة وفي طريق طويلة من أجل تحقيق احلام واماني فنجحوا وبنوا اسوار مدينتهم وعبروا على فنهم وعلى قيمتهم وقالوا بصوت واحد ان كل حلم يتحقق و”أنا طيف، أنا حب، أنا ملاك صغير، أنا هنا، وأنا موجود، لا نخاف ولا نمل”.
بهذا العرض قبل الاول أنهى مختبر إرادة لمسرح الادماج عمله الذي انطلق فيه منذ 6 أشهر ليعزز تجربتين سابقتين، الأولى سنة 2017 تاريخ انطلاقه ليستفيد من هذه الأعمال 33 طفلا منهم من يحمل طيف التوحد وبعضهم من ذوي الاحتياجات الخصوصية.
نجح المختبر للمرة الثالثة بعمله “أنا لي حلم كبير” في إثبات نجاعة المسرح في العلاج والادماج وفي تمكين الاطفال وخاصة من ذوي الاحتياجات الخصوصية من التعبير واخراج مواهبهم وطاقاتهم من الزوايا المظلمة وإعطائهم الثقة في أنفسهم ليغنوا ويرقصوا ويواجهوا الجمهور وليتفاعلوا معه .
وللتذكير فإن هذا العمل الأخير جاء بعد نجاح عمل سابق “هيا نعبر جسرا” التي فاز به المخرج زهير بن تردايت بالجائزة الوطنية الاولى لحقوق الطفل بعنوان سنة 2021 من وزارة شؤون المراة والاسرة والطفولة وكبار السن.
ويدعم مختبر إرادة وزارة الشؤون الثقافية والجمعية التونسية لفنون الشارع ودار الثقافة فريد غازي ومركز الفنون الركحية والدرامية والجمعية العامة للقاصرين على الحركة العضوية بحومة السوق والمجمع التربوي الأجيال الجديدة باجيم.