تشهد جلّ المؤسسات العمومية في تونس إشكاليات مالية زادت في حدة المخاوف بشأن تفاقم مخاطر اقراضها من طرف البنوك، وذلك في ظلّ ارتفاع مستوى المخاطر السيادية، وفقا للتقرير السنوي الأخير للبنك الافريقي للتنمية الصادر نهاية الأسبوع الفارط بعنوان “الافاق الاقتصادية الافريقية لسنة 2023”.
وأشار التقرير في هذا الاطار الى ان ديون المؤسسات العمومية التونسية تجاه الدولة قد وصلت الى 8ر9 مليار دينار في سنة 2021 مقابل 6 مليار دينار سنة 2019.
وأشار البنك الافريقي للتنمية في تقريره الى ان الحكومة قد صادقت في فيفري 2023 على امر ينقح القانون المتعلق بحوكمة المؤسسات العمومية والمساهمات فيها .
كما بين البنك ان مسألة التصرف في المؤسسات العمومية تمثل احدى اهم تحديات الإصلاح في بلدان شمال افريقيا، ورغم بعض الإنجازات المحققة على هذا الصعيد، فان جلّ الدول لم تستكمل بعد مسار الإصلاح مما يؤثر على موقفها في المفاوضات مع المؤسسات الدولية المالية من ناحية، ويلقي بظلاله على توازنات الاقتصاد الكلي، من ناحية أخرى.
يذكر ان رئيس الدولة، قيس سعيد، كان اكد في عديد المناسبات تمسكه بإصلاح المنشآت والمؤسسات العمومية حيث أشار في لقاء جمعه في نوفمبر 2022 بوزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، الى ان الحل ليس في التفريط في المؤسسات العمومية بل في إصلاحها ومحاسبة كل من يعمل على تفليسها بغضر التفويت فيها.
وبين انه لا مجال للتخلي عن الدور الاجتماعي للدولة لان الحقوق لا تخضع لمعايير الربح والخسارة ولا يمكن ان توضع في بورصة القيم المنقولة تتقاذفها مقاييس العرض والطلب.
وفي سياق مناقض، دأب وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير سعيد، على التعبير على رأي يقوم على ان الدولة لا يمكنها الاستمرار في تسديد ديون المؤسسات العمومية المدعوة لان تنجح في منافسة القطاع الخاص او ان تخوصص او تغلق.
كما قال الوزير في ذات السياق في جلسة عامة بالبرلمان يوم 29 جويلية 2023، “إنّ مؤسسة عمومية غير قادرة على منافسة القطاع الخاص، ما الحاجة اليها.. ويجب بيعها وخصخصتها او غلقها واستعمال إيراداتها في مشاريع مجدية اكثر واستغلال الموارد البشرية في مشاريع ذات جدوى اعلى وبالتالي توفير مداخيل للدولة حتى لا نلجأ للاقتراض لتغطية الخسائر”.