مع اقتراب موسم جني وبيع محصول التمور بولاية توزر، تتجدد إشكاليات ترويج المنتوج وأثمانه “غير المجزية” بالنسبة للفلاحين، والتى تصل الى المستهلك بأضعاف الاسعار على رؤوس النخيل، فلئن يبدو الموسم الحالي 2023 / 2024 أفضل من سابقيه من حيث حجم وجودة الإنتاج وفرص الترويج، إلا أن الإشكاليات المرتبطة بالفلاح متواصلة من حيث تدني الأسعار بصفة خاصة وعدم تمكنه من تغطية تكلفة الإنتاج المرتفعة، وفق ما أكده عدد من الفلاحين لصحفية وكالة تونس افريقيا للانباء.
وتطرق رئيس مجمع التنمية الفلاحية بمعتمدية توزر محمد بن حامد، الى ما تعانيه المناطق السقوية من نقص في مياه الري بسبب تعطل الآبار أو خروجها نهائيا عن الخدمة، وعدم إمكانية حفر آبار تعويضية في آجال مختصرة إما لغياب التمويل أو لنقص الشركات المتخصصة في المجال، وهو ما يدفع حسب تأكيده الى اعتماد نظام ري بتدفق منخفض لا يلبي حاجة أشجار النخيل من هذه المياه.
واضاف انه رغم تمكن مجمع التنمية الفلاحية من ترويج جزء كبير من المنتوج بسعر 2500 مليم للكلغ الواحد على رؤوس النخيل، فإن واحات أخرى تواجه تدني أسعار البيع، التي وصلت الى 1000 مليم للكلغ الواحد، وبين أن أسعار بيع التمور على رؤوس النخيل لم تتغير عن مثيلاتها منذ ثمانيات القرن الماضي رغم ارتفاع التكلفة من يد عاملة وأدوية ومياه ري ومديونية لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز، حيث يبلغ معدل تكلفة فاتورة التيار الكهربائي سنويا قرابة ألفي دينار، واقترح مزيد تنظيم مجامع التنمية الفلاحية حتى تتمكن من انجاز مشاريع مشتركة على غرار احداث مخازن التبريد.
ويعتبر عدد من الفلاحين، ومن بينهم فوزي دعفوس من المنطقة السقوية ابن الشباط، أن مسؤولية الترويج والتصدير ليست من مهام الفلاح، الذي يكمن دوره في العناية بالإنتاج في حين تتولى أطراف أخرى التسويق، واكد أن حسن الترويج والتصدير نحو الخارج يعود بالنفع المباشر على الفلاح من حيث الأسعار، مشيرا الى ان الموسم الحالي يعرف نقصا في السيولة ما أدى بعديد التجار (وسطاء بين الفلاح والمصدر) الى تأجيل عمليات الشراء.
وتعتبر غياب هيكلة واضحة لمنتجي التمور من أكبر العوائق أمام تطوير قدرات الفلاح، وفق ما بينه الفلاح بمنطقة حزوة الهادي بن مصباح الذي قال ان دور نسبة كبيرة من المجامع يقتصر على تسيير الدورة المائية، داعيا الى تغيير هذه المجامع بشركات تعاونية حتى تتمكن من انجاز المشاريع المنتظرة منها وتحسين الإنتاج وتعصيره والرفع من دخل الفلاح فضلا عن التحكم في أسعار البيع، وايضا البحث عن الحلول المتعلقة باقتناء الادوية واقتناء الناموسية في ظل عدم توفرهما خلال الموسم الحالي.
كما تحدث بن مصباح عن غياب الاستثمار بسبب طول الإجراءات الإدارية التي تعطل انجاز استثمارات وتحرم الفلاح من الامتيازات التي قد توفرها خاصة بإدخال الميكنة وتعصير طرق العمل الفلاحي في الواحات.
يذكر أن اللجنة الجهوية للاستثمار بولاية توزر، التى انعقدت الخميس المنقضي، تبنت مقترح احداث لجنة تعنى بتأهيل الفلاحين ومجامع التنمية الفلاحية وستنطلق في ضبط برنامج عملها قريبا والاعلان عن الإجراءات التي سيقع تنفيذها، حيث بين والي توزر، محمد أيمن البجاوي، في تصريح ل”وات”، أنه وقع الاتفاق على بعث اللجنة للتفكير في وضعية الفلاح باعتباره الحلقة الأضعف في منظومة التمور، عبر اقتراح برامج لتأهيله وتأهيل مجامع التنمية الفلاحية، ليتمكن من ترويج انتاجه بأثمان مجزية، والرفع من القدرة التنافسية للتمور التونسية في الأسواق العالمية في ظلّ منافسة عالمية.