تؤكد بيانات مالية حكومية مدعومة بآراء الخبراء الماليين، تراجع الاقتراض الخارجي لتونس، ما بين شهري جوان 2022 و2023 ، بنسبة 52 بالمائة، في وقت عاد فيه رئيس الجمهورية قيس سعيد، مرة أخرى ، الى الحديث عن ضرورة التعويل على الذات لتمويل ميزانية الدولة.
وأكد مراد الحطاب، مختص في الشأن الاقتصادي، في حوار مع “وات”، الثلاثاء، أن الأرقام الصادرة عن وزارة المالية تشير الى تراجع الاقتراض من 7 ر5607 مليون دينار نهاية جوان 2022 الى 3ر2710 مليون دينار أواخر النصف الأول من العام الحالي مسجلة انخفاضا بقيمة 4ر2897 مليون دينار.
ويرى الحطاب ان تونس قلّصت من تعويلها على الاقتراض الخارجي الى أقصى حدّ، إذ لم تتجاوز قروض البلاد الخارجية المتحصل عليها في النصف الأول من سنة 2023 نسبة 18 بالمائة من القيمة المقدرة في قانون المالية 2023.
وسجلت تونس، وفق الحطاب، على الرغم من شحّ الاقتراض، حاصلا في الميزانية ارتفع بين جوان 2022 وجوان 2023 بنحو 746 مليون دينار ليصل في نهاية الفترة الى 8ر58 مليون دينار. علما انه كان سلبيا وذلك بما قدره -2ر687 مليون دينار في بداية نفس الفترة.
وتحققت هذه البيانات الايجابية، والتي جاءت على عكس توقعات وكالات التصنيف العالمية ودعوة عديد المسؤولين في الحكومة الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، بفضل تحسين مستوى مداخيل ميزانية الدولة بنسبة 6ر6 بالمائة طيلة النصف الأول من سنة 2023، حسب المتحدث.
وتمكنت تونس، من تعبئة قرابة 6ر20 مليار دينار على شكل مداخيل، لكنها في المقابل قامت بالتحكم في العديد من الأعباء على غرار نفقات التسيير (750 مليون دينار) ونفقات التدخلات (4678 مليون دينار) .
وتأتي هذه البيانات في ظل تحسن قيمة نفقات الاستثمار التي ناهزت أواخر السداسي الأول من هذا العام 6ر1822 مليون دينار في حين لم تتجاوز نفقات التمويل (فائدة الدين) 3ر2401 مليون دينار وفق الحطاب، التعويل على الذات لتوفير التمويلات.
وقال رئيس الجمهورية، قيس سعيد، أمس الاثنين، في سياق التطرق الى مسألة دعم الميزانية وتعبئة موارد الدولة، خلال اجتماعه بمجموعة من الوزراء، “سنعوّل على ذواتنا ولن نتنازل ابدا عن ذرّة واحدة من سيادتنا”.
وأضاف سعيد قائلا: ” فليكن واضحا بالنسبة للعالم كلّه ولكلّ التونسيين اننا لن نتنازل عن ذرّة واحدة عن سيادتنا وبعد المدّ لن يكون هناك جزر”.
وتأتي هذه الأرقام والمواقف، في ظلّ استمرار تعليق الاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء والذي سيتيح لتونس تعبئة 9ر1 مليار دولار على أقساط وفي وقت محوري للبت في إمكانية اعداد قانون مالية تكميلي للعام الجاري واعداد مشروع ميزانية سنة 2024 .
وارتكز الاتفاق الذي أعدته الحكومة سنة 2022، خلال عهدة رئيسة الحكومة السابقة، نجلاء بودن، على حزمة إصلاحات من بينها اصلاح الدعم الحكومي، لكن سعيد عبر بشكل قاطع عن رفض أي اتفاق لا يراعى السيادة الوطنية خلال لقائه المديرة العامة لصندوق النقد الدولي بكريستينا غورغييفا.
وأبرز الحطاب ان تونس تمكنت، في مقابل تراجع الاقتراض الخارجي، من سداد جلّ ديونها الخارجية الى موفى 20 سبتمبر 2023، وذلك في حدود 7264 مليون دينار من جملة 8945 مليون دينار .
وبيّن ان هذه الخطوة تم تحقيقها دون اللجوء الى صندوق النقد الدولي او لأي هيئة مالية من منظومة التمويل الدولية او الأسواق المالية العالمية في سياق املاءات او شروط مسبقة.
وخلص الى القول بأن جلّ القروض الخارجية ومن بينها قرض من الحكومة السعودية بقيمة 400 مليون دولار لم توجه على غرار السنوات السابقة لدعم الميزانية الدولة بل نحو مشاريع تابع انجازها الدائنون بأنفسهم.