اعتبرت وزيرة المالية، سهام بوغديري نمصية، خلال جلسة عامة عقدت، الثلاثاء، بقصر باردو، لمناقشة قانون المالية التعديلي لسنة 2023، أن تعديل فرضيات قانون المالية الاصلي واصدار قانون تعديلي لا يعكس سوء تقدير من الحكومة للوضع الراهن بل يؤكد حسن تعاملها مع الصدمات التي تواجهها والعوامل الجديدة التي تؤثر على التقديرات السابقة.
وأكدت نمصية، في ردها على تدخلات نواب الشعب الذين انتقدوا استمرار اعتماد الحكومات على قانون تعديلي، ان موارد الميزانية تكتسي صبغة تقديرية في حين تكون نفقاتها محددة لذلك يصبح قانون المالية التكميلي امرا ضروريا للترخيص للحكومة بالترفيع في الاعتمادات المرسمة وصرف النفقات الاضافية.
وأضافت ان جل الدول تقدم على اصدار أكثر من قانون مالية تعديلي في السنة لتحيين فرضياتها.
وأشارت الى ان وضع هذا القانون التعديلي يأتي اساسا بسبب التراجع الكبير في المردود الفلاحي جراء تواتر موجات الجفاف والتغيرات المناخية خاصة ان 90 بالمائة من الانتاج الفلاحي يعتمد على الري. واوضحت ان انتاج القطاع الفلاحي الذي يمثل 11 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي قد تقلص بنحو 7ر8 بالمائة خلال السداسي الاول من سنة 2023، مقارنة بسنة 2022.
وشددت على ان تدهور الانتاج الفلاحي ساهم بالاساس في تقليص نسبة النمو لسنة 2023 الى 9ر0 بالمائة عوضا عن توقعات بتحقيق نسبة 3ر2 بالمائة .
وعزت الوزيرة، كذلك مراجعة سعر برميل النفط في قانون المالية التعديلي 2023 من 89 دولارا الى 83 دولار،
الى تطور مستويات اسعار النفط الخام خلال النصف الثاني من سنة 2023 وانخفاض مخزونات النفط العالمية ليبلغ سعر البرميل 94 دولار في شهر سبتمبر 2023.
واشارت الى أن المعدل التراكمي لاسعار النفط قد بلغ 83 دولار للبرميل، الى غاية 13 اكتوبر 2023. وتتوقع ان تتراوح اسعار النفط خلال سنة 2024 بين 80 و87 دولار للبرميل.
وأوضحت نمصية، من جهة أخرى، ان الترفيع في الاقتراض الداخلي ياتي بسبب عدم حصول تونس على قروض خارجية مبرمجة سابقا، موضحة ان وزارة المالية مجبرة على ايجاد التمويلات لخزينة الدولة رغم نسبة الفائدة في السوق الداخلية تعد مكلفة وتفوق في بعض الاحيان الفوائض الموظفة على الاقتراض الخارجي.
وأعلنت، في السياق ذاته، عن تسديد نسبة 81 بالمائة من جملة خدمة الدين الخارجي لتونس الى غاية موفى اكتوبر 2023. واضافت الوزيرة انه رغم الضغوطات المسلطة على المالية العمومية قامت تونس، أمس الاثنين، بدفع 500 مليون اورو بعنوان اصل الدين و33 مليون اورو بعنوان فوائد الدين الخارجي .
وشددت على سعي الحكومة للمحافظة على مكانة تونس في الأسواق الداخلية والخارجية والايفاء بتعهداتها المالية رغم الرهانات التي تواجهها.
ولفتت الى ان الحكومة، من خلال قانون المالية التعديلي، تحاول قدر المستطاع التعويل على ذاتها لرصد المداخيل اللازمة لميزانية الدولة، داعية كل الفاعلين الاقتصاديين ومختلف الفئات الى دعم هذا التمشي من خلال الالتزام بدفع الضرائب والاداءات والاقتصاد في استهلاك الطاقة وانخراط الاقتصاد الموازي في الواجبات الجبائية.
وكانت تدخلات النواب، قد تركزت خلال الجلسة، على ضرورة التسريع في دفع وتسهيل اجراءات الاستثمار التونسي والأجنبي لمعالجة معضلة تقلص نسبة النمو في تونس التي تراجعت من 8ر1 بالمائة في قانون المالية الاصلي الى 9ر0 بالمائة في القانون التعديلي لسنة 2023.
كما انتقد بعض النواب، في تدخلاتهم، استمرار توجه الدولة نحو الحلول التقليدية لمعالجة نقص موارد الميزانية عبر الاقتراض سواء من الخارج او من السوق الداخلية منبهين الى ان تزايد اقتراض الدولة من البنوك العمومية سيزيد من تقلص السيولة في البلاد وبالتالي ارتفاع نسبة الفائدة الموظفة على قروض المؤسسات التي تناهز حاليا 14 بالمائة.
واقترحوا اعتماد طرق جديدة لدفع النمو مثل دعم الاستثمار العمومي من خلال الترفيع في نسبة الفائدة الموظفة على الادخار الوطني التي لا تتجاوز حاليا 2 بالمائة
ولفتوا الى عدم نجاعة الاجراء الذي اتخذته الحكومة في قانون المالية السابق لادماج السوق الموازية في الاقتصاد الوطني والحث على ايداع المبالغ المالية الهامة المتداولة خارج القطاع المنظم في البنوك، داعين الى ضرورة التفكير في تغيير العملة التونسية للتصدي الى تفاقم التهريب.
واعتبر اغلب النواب ان قانون المالية التعديلي 2023 لم يخصص لقطاع الفلاحة الاجراءات اللازمة التي تتماشى مع مكانته الاستراتيجية في الاقتصاد المحلي مطالبين باطلاق خطة عمل عاجلة والاعلان عن حالة الطوارئ في مجال المياه باعتبار النقص الفادح في هذه الموارد وتقلص في مخزون السدود.