تمثل انتخابات المجالس المحلية ليوم 24 ديسمبر المقبل، إحدى المحطات التي يعبر من خلالها المواطن، عن إرادته في اختيار من يمثله في الهياكل المنتخبة، للدفاع عن المحيط الذي يقيم فيه وتحقيق تطلعاته وتغيير واقعه نحو غد أفضل، ومن خلال سبر أراء بعض المواطنين ورصد مواقفهم بعدد من الدوائر بكافة المعتمديات حول انتظاراتهم من هذه المجالس ودورها في تحقيق مشاغلهم، تباينت المواقف بين مؤيد لهذه التجربة في جميع جوانبها ورافض لها نسبيا أو كليا.
وفي هذا السياق، اعتبر عدد من الشباب، تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة بعمادة الزريبة حمام الجنوبية، من بينهم علاء رقاز وريان الهمامي، أن هذه الانتخابات تختلف عن سابقاتها في كيفية انتخاب ممثلي المجالس وفي تمثيلية كافة المناطق ضمن تركيبتها، وشككوا في المقابل في قدرة أعضاء الهياكل المنتخبة على تغيير واقعهم باعتبارهم لا يملكون سلطة القرار وسيقتصر دورهم على تبليغ مشاغل الشباب، التي بقيت دون حلول منذ سنوات على غرار البطالة والتصدي لظاهرة تفشي تعاطي المخدرات لدى فئة الشباب ومخاطرها على الأسرة والمجتمع، وفق تقديرهم
واعتبرت هدى خليل، أصيلة عمادة زغوان الجنوبية (مروضة) بدورها، أن المجالس المحلية المزمع انتخابها “استنساخ للمجالس المحلية للتنمية سابقا، مع تغيير كيفية انتخاب أعضائها”، وفق تقديرها، واضافت ان دورها “سيبقى كسابقاتها منحصرا في عرض الاقتراحات”، معربة عن أملها في أن تعاين هذه المجالس عن قرب معاناة المرأة الريفية خاصة العاملة في القطاع الفلاحي لتوفير لقمة العيش في ظروف طبيعية قاسية بمعتمديات الناظور والفحص وصواف، وأن تدافع عنها لدى الهياكل العليا التي يبقى دورها حسب رأيها “غامضا في غياب صدور أوامر ترتيبية توضح مهامها وحدود قدرتها على تفعيل مشاغل المواطن”.
ومن ناحيته، لم يخف كمال عون، حامل لإعاقة، أصيل عمادة سوغاس من معتمدية الناظور، ارتياحه لادراج حاملي الإعاقة ضمن الهياكل المنتخبة المقبلة، معتبرا ذلك مكسبا لهذه الشريحة التي ظلت تعاني من التهميش لسنوات طويلة مع بعض المساعدات والمنح التي لا تفي بمتطلباتها الحياتية وتحقيق رغبات أسرها ، وأكد أنه يوجد بعمادة سوغاس والمناطق المجاورة، ما يفوق 700 معاق، يعيشون متاعب كبيرة في التنقل وكسب لقمة العيش في مناطق ريفية تعاني هي الأخرى الفقر والخصاصة، آملا في أن يلعب أعضاء المجلس المحلي المنتخب دورهم الناجع في تبني قضية ذوي الاحتياجات الخصوصية في الدفاع عن حقوقهم والعمل على معالجة أسباب ارتفاع ظاهرة الإعاقة بهذه الربوع، وأقتراح مشاريع جادة لهذه المناطق المحرومة قادرة على تغيير نمط الحياة لمتساكنيها على غرار تعبيد الطرقات وتهذيب التجمعات السكنية وتركيز وحدات صناعية صغيرة لاستيعاب العاطلين عن العمل.
وتساءل الجيلاني بن عبدالله، من عمادة الزريبة حمام الشمالية بمعتمدية الزريبة (معلم متقاعد)، عن غياب القوانين التي تنظم العلاقة بين الهياكل المنتخبة بالسلطة التنفيذية ومدى استجابتها لمقترحات هذه الهياكل، معتبر ا أن عدم وضع سقف أدنى للمستوى التعليمي ضمن شروط الترشح لعضوية هذه الهياكل، واعتماد قاعدة القرعة في بعض الحالات لنيل العضوية، قد يفرز هيئات لاتملك قوة التصور والتشخيص لطرح القضايا الحقيقية لمناطقهم
واضاف أنه غير معني بهذه الانتخابات التي اعتبرها “إهدارا للمال وللوقت في ظل وضع اقتصادي صعب تمر به البلاد”، وفق تعبيره، واقترح في المقابل، إحداث لجان من الخبراء في المجال الاقتصادي والمالي صلب كافة الهياكل القادمة، لبلورة مقترحات الهيئات المنتخبة واقتراح الحلول العملية للنهوض بالمناطق الفقيرة مع مراعاة خصائص كل منطقة، مشددا على ضرورة توضيح مهام وصلاحيات هذه الهياكل التي تبقى غامضة ومعقدة أحيانا لدى عامة الناس، ومدى إلزامية تنفيذ برامجها ومشاريعها المقترحة.
وأبدى سالم البكري من عمادة صواف الشرقية (صاحب ورشة حدادة)، ضمن مجموعة أخرى من المواطنين، خشيته من أن يؤدي القانون الانتخابي لعضوية المجالس المحلية ومجالس الجهات والأقاليم والمقترحات الصادرة عنها، إلى “إحياء نعرة العروشية” بين أبناء العمادة الواحدة، و”إذكاء نزعة الجهويات” داخل الأقاليم، مثمنا في المقابل تمثيلية كافة العمادات بهذه المجالس، تجسيما لسياسة القرب التي ستمكن متساكنيها من تبليغ مشاغلهم عبر ممثليهم الذين يحملون نفس همومهم، وفق تعبيره.
وأكدوا أن معتمدية صواف بكافة عمادتها، عانت لسنوات طويلة الفقر والتهميش لغياب بنية تحتية عصرية من طرقات ومسالك وقلة المشاريع القادرة على خلق مواطن الشغل، إلى جانب غياب أغلب المرافق الأساسية، مما جعلها تتذيل ترتيب معتمديات الجهة في مؤشر التنمية، وأبدوا استياءهم لعدم تنفيذ قرار إحداث المنطقة الصناعية المقترحة بصواف، آملين أن يتمكن ممثلوهم في الهياكل الجديدة من تحقيق انتظاراتهم في النهوض بالمنطقة في كافة المجالات.
وللإشارة فإن متساكني المناطق الريفية بالولاية، ابدوا تحمسا كبيرا لانتخابات المجالس المحلية، من خلال الإقبال على الترشح أو عبر التحركات الجانبية للمترشحين منذ فترة الإعلان عن القائمة الرسمية للمقبولين نهائيا لخوض الانتخابات المقبلة، في حين ابدى متساكنو المناطق الحضرية كثيرا من التردد في تقديم الترشحات وأظهروا نوعا من عدم المبالاة.