بعد ايام من “نعي ” التجمع الدستوري الديمقراطي رسميا تم مؤخرا الاعلان عن اتخاذ العدالة اجراءات قانونية في حق عدد من قادة التجمع مثل تحجير سفرهم خارج تراب الجمهورية او فتح تحقيق عدلي ضدهم. هذه الاجراءات لا تعني ان اولئك القادة مورطون فعلا ولكنها تفتح الباب امام امكانية تورط عدد من “ورثة” التجمع في قضايا جزائية ومدنية…
تونس – تركة التجمع الدستوري تتربص بورثته |
بعد ايام من "نعي " التجمع الدستوري الديمقراطي رسميا تم مؤخرا الاعلان عن اتخاذ العدالة اجراءات قانونية في حق عدد من قادة التجمع مثل تحجير سفرهم خارج تراب الجمهورية او فتح تحقيق عدلي ضدهم. هذه الاجراءات لا تعني ان اولئك القادة مورطون فعلا ولكنها تفتح الباب امام امكانية تورط عدد من "ورثة" التجمع في قضايا جزائية ومدنية. وكان التجمع الدستوري الديمقراطي ابصر النورفي 27 فيفري 1988 ليحل محل الحزب الاشتراكي الدستوري وظل طيلة 23 سنة الحزب الحاكم والمسيطر على الحياة السياسية التونسية من حيث التمثيل البرلماني والحضور في الحكومة وعدد المنخرطين الذي فاق مليوني منخرط.
وتلقى هذا الحزب ضربته الموجعة الاولى عندما فر رئيسه (الرئيس المخلوع) ثم اصابه الشلل عندما اعلن ابرز قادته استقالتهم عن مسؤولياتهم الحزبية ثم مات سريريا باقدام وزير الداخلية يوم 6 فيفري الماضي على تجميد نشاطه قبل ان يتم اعلان وفاته رسميا يوم 9 مارس الجاري تاريخ اصدار المحكمة الابتدائية بتونس قرارا بحله وتصفية كافة أملاكه. ولكن ما هي المسؤوليات المترتبة عن هذا كله؟ عندما نتمعن في حيثيات الحكم القاضي بحل التجمع نجد المحكمة قد اقتنعت بأن "الحزب المدعى عليه قد خالف مقتضيات القانون المنظم للأحزاب في فصوله 2 و 12 و 15 و 16 و 19 وقد رتب هذا القانون صراحة حل الحزب السياسي المخالف." واوضحت جمعية القضاة التونسيين في قراءتها للحكم من حيث الاصل "أن المحكمة عللت حكمها بجملة من الأدلة التي من بينها اعتبارها ان الحزب المدعى عليه تكون بسعي من رئيسه المخلوع الذي استغل مركزه وما له من نفوذ ليهيمن على السلطة التشريعية والجماعات العمومية المحلية واستحوذ على الأغلبية المطلقة في مجالس التشريع وسعى إلى بسط هيمنته على دواليب الدولة والإدارة الى حد "التماهي الذي يصعب فضه بين الحزب والدولة وطفق يشرع القوانين ليس على نحو ما تقتضيه الضرورة التشريعية والمصلحة العليا للبلاد بل في ما يتفق والمصلحة الحزبية الضيقة حتى وإن تعارضت مع روح الدستور وقيم الجمهورية". وقد كان بامكان هيئة المحكمة فتح باب التتبع في حق بعض المسؤولين لو سايرت المدعين في ما ذهبوا اليه من اعتبار الحزب المدعى عليه مسؤولا عن موجة العنف التي شهدتها بلادنا منذ اندلاع الثورة لكن هيئة المحكمة لاحظت حسب قراءة جمعية القضاة التونسيين "أنه مع تسليمها بوقوع أحداث عنف كبيرة وعمليات ترويع إلا أنه لم يتوفر بملف القضية من أدلة وقرائن على إسناد الأفعال المذكورة إلى الحزب المدعى عليه ولم تعتمد هذا المستند". ورغم ذلك فان المحامي فوزي بن مراد (نائب وزارة الداخلية بوصفها الطرف المدعي في القضية) علّق على الحكم قائلاً " إنه أهم إنجاز حقّقته الثورة" لان نتيجة الحكم (حل الحزب) كانت اهم على الاقل في ذلك الوقت من الحيثيات. ومع هذا نعود لنسأل ان كان الحكم القاضي بحل التجمع قد سلم صك البراءة لمسؤوليه وقادته. يفترض المنطق ان تكون الاجابة بالنفي والدليل ان عددا من المحامين رفعوا دعوى قضائية طلبوا فيها تتبع عدد من الوجوه السياسية السابقة ومن قادة حزب التجمع المنحل بتهم اختلاس أموال عمومية واستغلال المناصب لاستخلاص فائدة لا وجه لها و الإضرار بالإدارة ومخالفة التراتيب المنطبقة على تلك العمليات. كما ان المحاكم تواصل حاليا النظر في شكاوى وقضايا اخرى ذات الطابعين المدني والجزائي ويمكن من الناحية الاجرائية منع اي شخص من مغادرة البلاد حتى يمكن استدعاؤه عند الحاجة بوصفه متهما او شاهدا او مشتكى به وهذا ما حدث مؤخرا مع بعض رموز الحزب المنحل وعلى رأسهم امينه العام. ما يمكن قوله في النهاية ا ن اي شخص اصبح حاليا تحت طائلة القانون ويمكن تتبعه اذا توفرت ادلة الشبهة كما يمكن محاكمته متى توفرت ادلة الاتهام ويجوز عقابه عندما تتوفر ادلة الادانة على ان جميع مسؤولي ذلك الحزب لا يزالون من وجهة نظر القانون ابرياء حتى تثبت ادانتهم قضائيا.
|
عادل العبيدي |