تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الجمعة، حول عدة مواضيع تخص الشأن الوطني والعالمي أبرزها تواصل التنكيل بالفسطينيين في غزة، منذ أكثر من أربعة أشهر، وتشريدهم وتقتيلهم واجبارهم على الرحيل الى خارج القطاع وتسليط الضوء على احتجاج المتقاعدين، أمس، في شارع الحبيب بورقيبة الى جانب تخصيص حيز هام للحديث عن الحرب على الفساد وأهمية الانتصار فيها لتحقيق تطور اقتصادي وتأمين مستقبل التونسيين.
خصصت جريدة (الصباح) مقالها الافتتاحي، للحديث عن الاوضاع المأساوية في غزة حيث تعددت الاسباب والموت واحد، فان لم تمت بالقصف تموت قنصا وان لم تمت في غارة جوية ستموت عند اجتياح جيش الكيان الصهيوني المغتصب للارض والحق … وان نجوت من رصاص الموت فلن تنجو من الموت جوعا أو عطشا أو بردا … يحدث كل ذلك منذ أكثر من أربعة أشهر وأمام أنظار كل العالم في غياب كامل للضمير الانساني الذي دفن تحت ركام مواقف مهادنة وكاذبة في أغلبها.
وأشارت الصحيفة، الى أنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة، لا غذاء ولا دواء، وبات الامل في الحياة شبه منعدم لالاف البشر الذين لا ذنب لهم الا أنهم يتمسكون بأرضهم ولا يريدون الرحيل منها قسرا، في حين يتعمد الاحتلال الغاشم الامعان في التنكيل بهم وفي تشريدهم وتقتيلهم واجبارهم على الرحيل الى خارج حدود الارض الفلسطينية.
وبينت، ذات الصحيفة، أن الحرب ستنتهي … فلا حرب تدوم الى الابد … ولكن الفظاعات التي حدثت في قطاع غزة لن تنسى وموت الضمير الانساني لن ينسى، وتجاهل الحكومات العربية والاسلامية لما يحصل من انتهاكات ومن تنكيل بالحق الفلسطيني لن ينسى. وتواطؤ العالم الغربي وصمته على كل المجازر المرتبكة وعدم ادانته لكل تلك الاعتداءات الوحشية لن ينسى … فما حدث ويحدث وسيحدث مستقبلا سيبقى لعنة تلاحق البشرية لاجيال قادمة.
واهتمت صحيفة (المغرب) في افتتاحية عددها اليوم، باحتجاج المتقاعدين في شارع الحبيب بورقيبة، في عيد الحب، الذي قد يبدو مشهدا غير مألوف بالنسبة الى أغلب التونسيين معتبرة أن هذا الاحتجاج لا يعد خبرا عاديا في بلاد صار فيها الاحتجاج بلا معنى. ولكن علينا أن ندرك أن للامر صلة بمنزلة المتقاعدين في المجتمع والدولة وبالتحولات الطارئة على هذه الشريحة من المجتمع الذي بدأ ينحو منحى تضاعف نسبة المسنين، اذ تقدر أعداد هؤلاء بمليونين في سنة 2030. كما أنه يتعين علينا أن ننتبه الى أن مرئية المتقاعدين المنخرطين في نظام التغطية الاجتماعية لا يمكن أن تحجب الفئات المنسية والمغيبة في قطاع الفلاحة وغيرها من القطاعات الهشة حيث لا يفكر المرء في الانخراط في أي نظام يؤمن له جراية تقاعد، بل يترك لشأنه ليواجه مصيره بمفرده معولا على صلة القرابة والتضامن العائلي أو على مهنة أخرى تكفل له قوته.
وأضافت، في سياق متصل، أن انخراط المتقاعدين في الجامعة العامة للمتقاعدين هو شكل من أشكال النضال من أجل تغيير الوصم الاجتماعي والنظرة السلبية والصور النمطية التي تذكرهم باستمرار بأن مهمتهم قد انتهت بانتهاء العمل وهو طريقة من طرائق التكيف مع الحداثة باعتبارهم يجتمعون ويتناقشون في أوضاعهم والقوانين التي ما عادت تتلاءم مع واقعهم اليومي ومتطلبات العيش الكريم ويخططون للتحركات فيكتبون الشعارات والبيانات ويرفعون الصوت عسى أن تسمع شكواهم ويعاملون بانصاف واحترام.
أما جريدة (الصحافة)، فقد سلطت في ورقة بصفحتها الثالثة، الضوء على ‘تهاطل’ القرارات القضائية بفتح تحقيقات متصلة بشبهات فساد الى جانب اصدار بطاقات ايداع بالسجن في حق عديد المشتبه بهم وذلك في نفس الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الجمهورية، قيس سعيد، على ضرورة القيام بثورة تشريعية في عديد المجالات بما أنه يخوض اليوم ‘حربا بلا هوادة ضد الفاسدين والمفسدين الذين تسللوا الى مؤسسات الدولة في كل القطاعات’.
واعتبر كاتب المقال، أنه لن يكون بمقدور تونس أن تنهض ويتوقف نزيفها ويصلح حال اقتصادها وتأمين مستقبل أبنائها دون احراز تقدم ملموس في هذه الحرب المفتوحة التي لا يمكن أن تكون أمنية وقضائية فقط وانما حربا شاملة تلعب فيها الثقافة والتربية والتعليم والفنون والسياسة والتشريعات أيضا دورا في نشر ثقافة مناوئة للفساد بكل أشكاله وأنواعه مع ايجاد البدائل والحلول الجذرية للأزمة المركبة التي تضرب البلاد في العمق وتمس مقومات العيش الكريم للمواطن التونسي. وهذه هي الطريقة الوحيدة للانتصار في الحرب على الفساد والاهم من ذلك تثبيت وتحصين هذا الانتصار ضد الردة والانتكاسة، وفق ما ورد بالصحيفة.