تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الثلاثاء، حول عدد من المواضيع التي تخص الشأن الوطني والعالمي أبرزها المشهد في قطاع غزة الذي تطغى عليه منذ نصف عام صور الموت والخراب والدمار أمام عجز دولي مقيت والتساؤل حول كيفية تعامل رئيس الجمهورية مع ارتفاع منسوب الاحتقان في المشهد السياسي والمدني والاجتماعي، اضافة الى تسليط الضوء على التقرير الجديد لوكالة ‘موديز’ حول توقعاتها الخاصة بتونس.
“لا شئ في غزة سوى انتظار الموت …”، هو عنوان المقال الافتتاحي الذي تطرقت فيه جريدة (الصباح)، الى المشهد في غزة الذي تطغى عليه صور الموت والخراب والدمار والتشفي مقابل استسلام وعجز دولي مقيت ازاء جرائم الابادة الجماعية حتى لم تعد هناك حاجة للبحث عن أدلة أو وثائق تدين هذا الكيان الذي يواصل امتصاص الدماء وتعيد تذكير العالم بماضيه الدموي بالوراثة.
واعتبرت أن التقارير الدولية والمنظمات الانسانية لم تعد لها معنى في ظل غطرسة وصلف الاحتلال ومكابرته وهو يعلن رفضه السماح بعبور المساعدات مضاعفا بذلك الاحراجات أمام حلفائه الدوليين الذين باتوا يرون في ذلك رسائل مستفزة أمام الرأي العام المنتفض يوما بعد يوم ضد ظلم الاحتلال وجوره ولكن أيضا ضد تواطؤ الانظمة والقوى الدولية التي يبدو أنها اختارت الدور الاسهل وهو دور المتفرج.
وأشارت الصحيفة، في سياق متصل، الى وجود أصوات كثيرة في العاصمة السياسية الامريكية واشنطن، وتحديدا في مجلس الشيوخ، تدعو الرئيس، جو بايدن، لاتخاذ خطوة ‘جريئة’ نحو اقامة دولة فلسطينية وذلك في موقف متشدد جديد تجاه رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسيكون من المهم أن يكون لهذه الاصوات امتدادا داخل وخارج أمريكا … الموت يحاصر غزة وأهلها والمجال اليوم للتحرك بكل الطرق المتاحة لايقاف مجزرة طال أمدها.
وأثارت جريدة (الصحافة) في مقال بصفحتها الخامسة، استفهاما جوهريا حول كيفية تعامل رئيس الجمهورية، قيس سعيد، مع ارتفاع منسوب الاحتقان، هذه الايام، في المشهد السياسي والمدني والاجتماعي، مشيرة الى أنه بعد التجمع العمالي للاتحاد العام التونسي للشغل بالقصبة للمطالبة بالحوار وغضبة الاطباء على خلفية ايقاف عميد البياطرة و’انتفاضة’ المحامين في بيانهم الاخير جراء تواتر ملاحقة عديد المحامين، وتلويح المدرسين بالعودة الى الاحتجاج، ها هم الصحفيون يعبرون بدورهم عن القلق مما يتعرض له قطاعهم بخصوص التتبعات بحق عدد من الصحفيين.
وعبر كاتب المقال، عن الخشية من عودة ظاهرة القطاعية المقيتة حيث تثور كل مهنة للدفاع عن نفسها تحت لافتة الحريات معتبرا أنه أمر مشروع لاصحابه لكنه قد ينقلب على الجميع ويخلق في نفس الوقت تسابقا وتلاحقا بين المهن والقطاعات وينهكها ويهز صورتها في المجتمع، والاخطر من ذلك قد يوصلنا الى مرحلة الصراع والتصادم في أسوا الاحوال وهو ما يعود علينا بالوبال.
وأبرز أنه يكفي أن نعود الى مواقف الهياكل المهنية لهذ القطاعات لنقف على ضرورة الانتباه الى خطر القطاعية التي تعصف بالحرية وهي تخال أنها بصدد الدفاع عنها منقسمة ومنغلقة على نفسها مشددا على أنه، في ظل الاوضاع الراهنة وأمام استمرار الازمة المركبة، لا مناص من اجتناب اقحام القطاعات المهنية في موجات فعل ورد فعل لا تتحملها البلاد ولن تنفع العباد وعلى هياكل هذه المهن ألا تسقط في الفخ في انتظار أن يدلو الرئيس بدلوه ويتفاعل في الوقت والشكل والمضمون المناسب، وفق ما ورد بالصحيفة.
من جانبها، سلطت صحيفة (المغرب)، في مقالها الافتتاحي، الضوء على التقرير الجديد لوكالة ‘موديز’، الذي عدلت فيه نظرتها المستقبلية للبلاد وتوازناتها المالية من سلبية الى مستقرة مع ابقائها للتصنيف على المدى الطويل بالعملة الاجنبية والمحلية عند (CAA2).
وأبرزت الصحيفة، أن هذا التقرير التقني يقدم صورة أولية عن المشهد التونسي، وهي أن البلاد، ورغم بعض الاجراءت الحكومية والاصلاحات التي شرعت فيها السلطة، لم تبتعد عن دائرة الخطر بل أنها، رغم التحسن الطفيف في المؤشرات العامة، تواجه مخاطر مرتفعة نتيجة النمو الهش وحالة الانكماش الاقتصادي التي تواجهها.
وأضافت أن ما يشير اليه تقرير ‘موديز’ هو أن بعض الاصلاحات والخيارت التي فرضت على البلاد ساعدت على تخفيف مخاطر أزمة أعنف ماليا ولكنها لم تعالج الازمة الهيكلية وأن الخطوات والخيارات المتخذة اليوم من قبل السلطة قد تمنح بعض الوقت أو تخفف من الاعراض لكنها ستظل قاصرة ومحدودة اذا كانت دون اصلاحات هيكلية تعالج أصل الازمة لا عوارضها.
كما بينت، ذات الصحيفة، أن ما يشير اليه التقرير أننا كنا في وضع صعب ولا نزال، فالمالية العمومية التونسية تواجه اليوم خطر التعثر في تعبئة موارد مالية من الخارج بالعملات الاجنبية مما يعني امكانية انهاك السوق الداخلية بالاقتراض أو الدفع نحو اقتراض جديد من البنك المركزي، وفي كلتا الحالتين الامر خطير.