تركزت اهتمامات الصحف التونسية حول عدة مواضيع تخص الشأن الوطني والعالمي على غرار تثمين ‘انتفاضة الجامعات الامريكية’ التي أصبحت عابرة للقارات وتحليل أبعاد تفكيك شبكة خطيرة تنشط في مجال الاتجار بالبشر وعلاقتها بالتواجد الكثيف للافارقة جنوب الصحراء في بلادنا الى جانب التساؤل حول السياسة الاقتصادية في تونس التي ما زالت ‘تائهة’ رغم التغيير الجوهري الذي عاشته البلاد والتطرق الى ملف المتقاعدين في تونس.
تطرقت جريدة (الصباح) في افتتاحية عددها اليوم، الى ما أسمته انتفاضة الجامعات الامريكية من كولومبيا الى هارفرد ويايل وغيرها من الجامعات العريقة وصولا الى أكبر الجامعات الفرنسية والبريطانية والايطالية وغيرها معتبرة أنها انتفاضة عابرة للقارات أعادت الى الاذهان ربيع الجامعات في ستينات القرن الماضي رفضا للميز العنصري في أمريكا وجنوب افريقيا ورفضا لحرب فيتنام.
واعتبرت الصحيفة، أن أحد أهم الاسباب وراء حضور الجامعات الامريكية والاوروبية وغيرها في هذا الموقف الداعم للشعب الفلسطيني، أنها ارتبطت بشعوب حية قادرة على التفكير والتمييز بين الحق والباطل ولا تقبل الغاء العقول أو تكبيلها. كما أن هذه المؤسسات التي تصنع قيادات المستقبل جعلت من التعليم رسالة معرفية تتجاوز حدود التلقين الببغائي للطلبة وتراهن، لا على شحن العقول بالمعلومات التي سيسقطها الطالب من ذاكرته بمجرد التخرج، ولكن على تلقين الطالب التفكير العميق وطرح الاسئلة الفلسفية الجدية وعدم الاخذ بالمسلمات في مواجهة كل الازمات والملفات على عكس ما يحدث في أغلب الجامعات العربية التي راهنت على اعداد جيوش من حاملي الشهادات العليا المعطلين.
وأشارت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، الى الحدث الامني الذي تم رصده في الساعات الاخيرة ويتمثل في تفكيك شبكة خطيرة تنشط في مجال الاتجار بالبشر مؤكدة أن الخيط الرابط بين الاتجار بالبشر كجريمة عابرة للحدود وبين الهجرة السرية جلي في هذه الواقعة الاجرامية وفي غيرها من الوقائع التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن ما يحدث منذ فترة في كل من العامرة وجبنيانة وولاية صفاقس عموما، من التواجد الكثيف للافارقة جنوب الصحراء والتحركات المشبوهة التي تحدث هنا أو هناك بخصوص هذا الملف، هي قطعا أمور مشبوهة تحرك خيوطها أصابع ماهرة من خلف الستار تهدف الى اشاعة الفوضى والبلبلة في تونس من ناحية ومن ناحية أخرى محاولة استغلال الوضعية من أجل جعل بلادنا فضاء للاتجار بالبشر خاصة مع توافد هذه الموجات البشرية القادمة من بلدان الساحل والصحراء والتي تعاني من أنواع متشابكة من الهشاشة وهو ما يمكن توظيفه بسهولة لاستغلال هؤلاء أبشع استغلال والمتاجرة بأجسادهم وأحلامهم على حد سواء.
أما صحيفة (المغرب)، فقد أثارت استفهاما جوهريا حول السياسة الاقتصادية في بلادنا التي لا تزال تائهة، رغم التغيير الجوهري والعميق في النظام السياسي وفي المناخات العامة السائدة في البلاد معتبرة أن المسألة الاساسية التي يجب الوقوف عندها منذ سنة 2011، هي انشطار النخب الفاعلة حول طبيعة السياسات الاقتصادية التي ينبغي توخيها … فالنخب الادارية ونخب المال والاعمال تريد في غالبيتها الساحقة استئناف السياسات الاقتصادية السارية زمن الراحل بن علي، مع بعض التحيين والتعديل والاصلاح وفي ذلك تجد هذه النخب مساندة من قبل بعض الاقتصاديين والاحزاب السياسية.
أما بقية النخب الاخرى في النقابات والاحزاب وجمعيات المجتمع المدني فتريد القطع الجذري مع هذه السياسات دون أن توضح المضمون العملي لهذه السياسات البديلة مكتفية بشعارات عامة من قبل “استعادة الدولة لدورها الاجتماعي”.
ونبهت الصحيفة، في هذا السياق، من خطورة الاستهانة بهذا الانشطار لانه كان من الاسباب التي عطلت بروز رؤية موحدة لمستقبل البلاد واختياراتها الاقتصادية. وقد اتخذ الامر شكلا مختلفا ولكنه أكثر حدة منذ 25 جويلية 2021 الى حد اليوم اذ انتصر رئيس الدولة بوضوح الى وجهة نظر القطيعة مع اعطاء مضمون لهذه القطيعة يتمثل في محورية الشركات الاهلية في النهوض الاقتصادي ومقاومة البطالة كذلك سيادية القرار الاقتصادي وعدم الرضوخ الى املاءات المؤسسات المالية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.
من جانبها اهتمت جريدة (لوطون)، بملف المتقاعدين مشيرة الى أنه في الوقت الذي تتساءل فيه بعض البلدان حول العالم عن تأثير الشيخوخة على أنظمة التقاعد سواء من وجهة نظر توازن المالية العامة أو الوضع المالي للمتقاعدين في المستقبل، نلاحظ الأهمية الضئيلة التي تحظى بها هذه الفئة من قبل السلطات في تونس حيث يتعرض أغلب المتقاعدين لخطر الفقر، بل لا يمكن تجاهل قلق عدد كبير منهم إزاء تدهور مستوى قدرتهم الشرائية الذي يتزايد ويتدهور مع مرور السنوات.
واعتبرت الصحيفة، أنه وبعد أن تمكن كل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من حل مشاكلهما المالية التي يعانيان منها منذ عدة سنوات، يمكنهما إعادة النظر في معاشات منتسبيهم من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية وقدرتهم الشرائية لافتة الى أنهما بصدد منح القروض لمنتسبيهم، وهذا مؤشر على أن ميزانيتها أصبحت فائضة كما كانت من قبل، كما أنها قد تفيد أصحاب المعاشات من خلال زيادة معاشاتهم التقاعدية.