تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الثلاثاء، حول عدد من المواضيع التي تخص الشأن الوطني والعالمي مثل التأكيد على ضرورة العمل على استعادة بريق الخطوط الجوية التونسية خاصة مع حلول العام الجديد وتسليط الضوء على أهداف سعي عدد من القوى الغربية الى ترسيخ نموذج ‘الجولاني’ وسط الامة العربية اضافة الى طرح استفهام جوهري حول من سيحدد ملامح اليوم الموالي في غزة والمنطقة بعد تعثر مفاوضات صفقة التبادل، والتطرق الى فكرة المغرب العربي التي ظلت “تتأرجح بين تنظير المنظرين وحسابات السياسيين”.
أكدت صحيفة (لابراس) في مقالها الافتتاحي، على ضرورة أن يبدأ نشاط المطارات، وخاصة شركة الخطوط الجوية التونسية، العام الجديد بمزيد من الدقة والثقة خاصة بعد كل الاضطرابات وخيبات الأمل التي شوهت بشكل خطير صورة ومصداقية الشركة طوال السنوات الأخيرة.
وأضافت الصحيفة، في هذا السياق، أن الامر يتعلق بمواجهة التحدي المتمثل في تحديد موقع استراتيجي جديد في سوق دولية تتزايد متطلباتها من حيث الثقة والجاذبية وبالتالي المنافسة معتبرة أن ذلك سيكون ثورة صغيرة تأخذ في الاعتبار تعزيز الوضع المالي، والإدارة الجيدة لفائض الموظفين، وإعادة تقييم البنية التحتية الموجودة بالفعل، وتوحيد الأسطول المتاح، وتنويع الخدمات القائمة، واكتساب المؤهلات الفنية المطلوبة والأهم من ذلك تحسين الالتزام بالمواعيد الذي كان في حالة سقوط حر لسنوات.
وقدرت الصحيفة، أن برنامج إنعاش النقل الجوي سيمكن من تزويد الاقتصاد الوطني بأجنحة جديدة من القدرة التنافسية وبالتالي تعزيز التفاؤل، الذي يقاس بالطبع بالعودة السريعة إلى الربحية التي سيستفيد منها بشكل رئيسي قطاع السياحة خاصة وأن هذا القطاع يهدف إلى العودة إلى أداء تسجيل الأرقام القياسية وبالتالي تجاوز عتبة ال10 ملايين سائح المتوقعة لهذه السنة.
ولاحظت جريدة (الصباح) في افتتاحية عددها اليوم، أن الدراسات المستفيضة للواقع العربي اليوم والقراءة في الازمات المتوالية في المنطقة العربية تبرز مفاهيم ونماذج تروجها الدول الغربية وتحاول فرضها وغرسها وترسيخها وسط هذه الامة التي أنهكتها الحروب والانقسامات منذ عقود مشيرة الى أن من بين هذه المفاهيم نموذج ‘الجولاني’ الدي أصبح رمزا لاستخدام منهجي للفوارق المذهبية وتعزيز التفكير المتطرف وتهشيم الهوية الوطنية والثقافية والتطبيع مع الارهاب.
وأضافت أن السياق الاستراتيجي لنموذج ‘الجولاني’ لا ينفصل عن المحاولات المتكررة للغرب لاعادة هندسة المنطقة على مقاس مصالحه، من ذلك دعم الميليشيات المسلحة والمتطرفة والترويج لحالات الانقسام المجتمعي وزعزعة الاقتصادات المحلية معتبرة أن هذه الاستراتيجية تدمر الدول المستهدفة وفي المقابل تخدم أهدافا للدول المحركة المعنية والتي أصبحت معروفة وتتحرك علنا.
وأوضحت أن مشروع ‘الجولاني’، ليس مجرد خطة لتدمير الدول بل هو استراتيجية متعددة الابعاد تهدف الى تفكيك الروابط الوطنية واضعاف الشعوب عبر التفقير والتجهيل والترهيب ومع ذلك فان مقاومة هذا المشروع تتطلب تكاتف الشعوب وتعزيز الهوية الوطنية وارساء أسس تنمية اقتصادية وسياسية مستقلة، وفق ما ورد بالصحيفة.
من جانبها، أثارت صحيفة (المغرب) استفهاما جوهريا حول من سيحدد ملامح اليوم الموالي في غزة والمنطقة بعد تعثر مفاوضات صفقة التبادل مشيرة الى استمرار حرب الابادة الجماعية في قطاع غزة حيث يستمر الاحتلال في قصف كل شئ في القطاع ليفرض انتصاره العسكري الذي يبدو أنه مجرد خطاب وشعار سياسي يبحث عن اخفاء حقيقة أساسية وهي قدرة المقاومة الفلسطينية، رغم حجم الدمار والخسائر، على تنفيذ عمليات نوعية موجعة ضد جيش الاحتلال تؤكد من خلالها أن الحسم العسكري للصراع لن يكون ممكنا.
وأضافت الصحيفة، أن ما كشفته عمليات المقاومة هي قدرتها على اطالة أمد الحرب وقدرتها على خوض حرب استنزاف كبدت فيها الاحتلال خسائر بشرية وسياسية وديبلوماسية أجبرته على أن يختار بين حرب استنزاف أو صفقة تضمن للمقاومة الحد الادنى من مطالبها التي يريد الاحتلال افراغها من أية مضامين تتعلق باليوم الموالي للحرب بهدف ضمان سيطرة كلية على القطاع بشكل مباشر أو غير مباشر مما جعل المفاوضات تتعثر في أمتارها الاخيرة كل مرة.
وبينت، في هذا السياق، أن الجميع اليوم في حالة ترقب لما ستنتهي اليه المفاوضات المتعثرة ومدى قدرة الوسطاء على انجاح الصفقة التي تتعثر مرة أخرى بمنطق الاحتلال القائم هذه المرة على رفض الافراج عن عدد من قادة، حماس، في اطار الصفقة بذريعة أن ذلك سيؤدي الى اعادة بناء الحركة بما يمثل تهديدا للاحتلال.
أما جريدة (الصحافة)، فقد خصصت مقالها الافتتاحي، للحديث عن فكرة المغرب العربي التي ظلت، وفق تقديرها، تتأرجح بين تنظير المنظرين وحسابات السياسيين مشيرة الى أن امكانية التحقق عرفت مدا وجزرا على امتداد المراحل التاريخية وتأثرت بالمعطيات السياسية الداخلية لكل قطر من الاقطار الخمسة لهذا المجال الجغرافي.
وأضافت، أن الاختيارات الاقتصادية والانماط المجتمعية كان لها الاثر البالغ على هذا الكيان السياسي دون نسيان دور القوى الخارجية وفي مقدمتها المستعمر القديم لاهم الاقطار المغربية مؤكدة على ضرورة فهم السياقات الحالية في منطقتنا أو في محيطنا الاقليمي اجمالا من أجل حسن ادارة الاوضاع الحالية وتجاوز كل مظاهر سوء الفهم أو اختلاف وجهات النظر بشأن بعض القضايا وتقدير الموقف منها والتركيز فقط على ما يجمع الشعوب من مصالح اقتصادية وأمنية بالتحديد لضمان الاستقرار والتنمية في هذا المجال الجغرافي الذي يزخر بالخيرات والموراد التي يمكن استغلالها بشكل تكاملي في شكل تكتل اقتصادي حتما سيكون له ثقل على المستوى الاقليمي والعالمي، وفق تقدير الصحيفة.