عز الدين باش الشاوش وزير الثقافة الحالي هو من بين الكفاءات التونسية التي تحظى باحترام واسع. يوم 18 أفريل 2011، يحتفل بعيد ميلاده الرابع والسبعين. لديه تجربة طويلة في ميدان الثقافة والتراث والآثار. تقلد مناصب مختلفة محليا ودوليا بعد تخرّجه من دار المعلمين العليا بباريس ومدرسة روما للتاريخ والأثار ودراسة اللغات القديمة…
تونس- وزير الثقافة يتحدث عن الدعم السينمائي والآثار المسروقة وتركة التجمع |
عز الدين باش الشاوش وزير الثقافة الحالي هو من بين الكفاءات التونسية التي تحظى باحترام واسع. يوم 18 أفريل 2011، يحتفل بعيد ميلاده الرابع والسبعين. لديه تجربة طويلة في ميدان الثقافة والتراث والآثار. تقلد مناصب مختلفة محليا ودوليا بعد تخرّجه من دار المعلمين العليا بباريس ومدرسة روما للتاريخ والأثار ودراسة اللغات القديمة.
لكن رغم انكبابه على الكثير من الملفات الساخنة وإنصاته لشكاوى المبدعين، إلا أنه لم يكن بمنأى عن بعض الانتقادات. إلتقينا بالسيد عز الدين باش الشاوش، الذي أجابنا على بعض الأسئلة. وكان الحوار التالي:
– سيدي الوزير، يتهمكم البعض بأنكم تولون عناية أكبر بالآثار، بينما تتجاهلون الدعم السينمائي، الذي يحتاجه المنتجون والمخرجون لاسيما الشبان منهم لإنتاج أعمالهم. كيف تردون على اتهامكم بتعطيل الدعم الموجه للإنتاج السينمائي؟
– الناس أحرار في ما يقولون، لكن المهم هو عندما نوجه اتهامات يجب أن تكون هناك أدلة. عندما وصلت إلى الوزارة قيل لي أن هناك فساد إداري فيما يتعلق بالدعم السينمائي. وقيل لي أنّ الدعم كان يوجه على أساس المحسوبية والانتماء السياسي، وأن الدعم كان يوظف للرقابة السياسية على الأعمال الفنية… لذلك خيرت أن نتريث قليلا لإعادة النظر في تركيبة اللجان المكلفة بالدعم حتى نضمن في المستقبل عنصر الشفافية. في الواقع، هناك أطراف تسعى لتحقيق مصالحا الشخصية فقط ولايهمها المصلحة العامة. أحدهم اتهمني بعرقلة الدعم وبأنني لا أهتم سوى بالآثار وهو مخرج معروف كان قد تحصل على دعم بقرابة 200 ألف دينار منذ عام 2006، ولم ينجز فيلمه إلى الآن وكان يتذرع كل مرة بحجج واهية. نحن أرسلنا إليه رسالة من أجل إعاد مال الشعب وإلا فإننا سنظر لملاحقته قضائيا.
– هل أفهم من ذلك أنكم أوقفتم مؤقتا الدعم السينمائي حتى يكون موجها بقدر كبير من الشفافية؟
– لا. نحن لم نوقف الدعم السينمائي. وسينطلق عمل اللجان المكلفة بالدعم، يوم الإثنين المقبل، بقبول مشاريع الأعمال السينمائية. لقد تريثنا قليلا للاستماع إلى آراء المنتجين السينمائيين وأهل الاختصاص حول إعادة تركيبة لجنة الدعم السينمائي، لأننا نرفض أن يقع دعم المنتجين بالطريقة القديمة بناء على الولاءات والانتماء السياسي… وقد قضيّت الكثير من الوقت في الاستماع إلى الشكاوى وخاصة من الشبان. وأخيرا اتفقنا على أن تنتخب كل الجمعيات والمنظمات الناشطة في السينما والإنتاج والتوزيع ممثلين عنها لتعيينهم في اللجان المكلفة بالدعم.
– كيف تمت إعادة تركيبة اللجان؟
– حاليا هناك ثلاث لجان ضبطنا لها مقاييسها وأعضاؤها وهي "لجنة الاقتناء" تتكون من منتجين وموزعين ومخرجين، وهناك "لجنة الدعم" وتتركب من مخرجين ومنتجين وموزعين وأقحمنا فيها ممثلين عن الشبان المبدعين كي يكون لهم رأي في تقييم الأعمال. وأخيرا هناك "لجنة العون على أول إنتاج" وهي متكونة من مخرجين ومنتجين وموزعين والشباب.
– كانت الوزارة في السابق تخصّص حوالي 4 ملايين دينار لدعم الإنتاج السينمائي. فهل ستبقون على هذه الاعتمادات أم سيقع تخفيضها؟
– نحن نبذل كل جهدنا للإبقاء على هذه الميزانية، وإن نجحنا في ذلك فإننا نكون قد توفقنا في القيام بعمل كبير لأننا في الحقيقة تسلمنا أمانة وزارة الثقافة وهي تشكو من سوء تصرف في الأموال.
– على مستوى الدعم، عانى بعض المخرجين الشبان من إقصاء وتهميش في الفترة السابقة لفائدة المخرجين المعروفين. هل لديكم توجها جديدا لفتح فرص أرحب أمام الشباب؟
– بالفعل لقد استمعت إلى عديد الشكاوى من الشباب وسنعمل على أن يكون هناك توازن في توجيه الدعم السينمائي وتخصيص جزء كبير من هذا الدعم للإنتاج الأولي للشباب.
– يعتبر التمويل عنصرا هاما في الإنتاج السينمائي. ونظرا لمحدودية الدعم هل تفكرون في دعوة القطاع الخاص والمؤسسات الاقتصادية لدعم الإنتاج؟
– من الصعب أن يقدم أي رجل الأعمال أو أصحاب المؤسسات على دعم السينما إذا لم يكن هناك مقابل. الأعمال الخيرية تراجعت حتى في البلدان المتقدمة. علينا أن نقدم تشجيعات جبائية ومالية من أجل جلب تمويلات من القطاع الخاص.
فمثلا، إذا سعينا لحل مشكلة تراجع دور السينما، علينا تشجيع البنوك لتمويل المستثمرين وعلى الدولة أن تعفيهم من دفع الضرائب لمدة 10 سنوات على الأقل حتى يكون المشروع مربحا.
– هل لديكم خطة لتشجيع الاستثمار في قطاع السينما؟ – بالفعل. نحن بصدد العمل على إحداث المركز الوطني للسينما، وهي عبارة عن مؤسسة عمومية تعنى بالنهوض بالاستثمارات في هذا القطاع.
– يتساءل البعض عن موعد تدشين مدينة الثقافة وعن سبب توقف الأشغال؟
– يتطلب إنهاء جميع الأشغال المتبقية قرابة 7 أو 8 ملايين دينار. وبلغت كلفة المشروع إلى حد الآن 80 مليون دينار. لقد اقترحت على الحكومة المؤقتة في ظل وجود أزمة مالية أن نقوم باستغلال مدينة الثقافة على مراحل. بمعنى كل مرحلة ننتهي من إنجازها تدخل حيز الاستغلال بدلا من الانتظار لحين أن تنتهي كل الأشغال. في البداية سنفتتح متحف الفنون الجميلة وستتطلب تهيئة هذا المتحف 2 ملايين دينار على الأقل. ومن المتوقع أن تنتهي الأشغال به خلال 6 أشهر. ثمّ بعد ذلك سنقوم بتهيئة المسرح والأوبرا.
– بعد حلّ حزب التجمع هل تفكرون في استغلال المحلات والبنايات التي كانت على ذمته؟
– أول طلب طلبته من الحكومة المؤقتة في هذا السياق هو أن تعيد لوزارة الثقافة دار التجمع بقصر العبدلية بالمرسى، لأنها مبنية على أرض وزارة الثقافة. ونحن نفكر في استغلال العديد من مقرات الحزب الحاكم السابق بإسنادها لمستثمرين شبان من أجل فتح دور ثقافة ومسارح وتشجيعهم على الاستثمار بإعفائهم من دفع معاليم الكراء لمدة 10 سنوات وإعفائهم من الضرائب لنفس المدة. لقد طرحت هذه الفكرة على الحكومة المؤقتة ونحن بصدد البحث فيها.
– بالنسبة إلى المهرجانات، هل بالفعل سيقع تنظيمها في مواعيدها؟
– كل المهرجانات تبقى على حالها وامكانياتها موجودة ولا رجعة فيها.
– هل استرجعتم الآثار التي وقع تحويلها إلى منازل بعض أفراد عائلة الرئيس المخلوع؟
– لقد استرجعنا الكثير منها ونحن بصدد اقتلاع بعض الآثار التي ألصقت في جدران بعض المباني.
– تعرضت المواقع الأثرية إلى عمليات نهب. كيف تفكرون في حمايتها مستقبلا؟
– نحن نسعى لحماية آثارنا من السرقات. وفكرنا في تكليف المتخرجين الشبان من معاهد الآثار والتراث بحماية المواقع الأثرية في جميع الولايات. هناك أكثر من 300 متخرجين من معاهد علوم الأثار والتراث سيقومون بحماية جميع المواقع الأثرية. وسنفتح قريبا للمستثمرين فرص فتح مؤسساتهم الصغرى والمتوسطة لترميم المواقع الأثرية والمحافظة على التراث. كما سنقوم بإحداث صندوق صيانة الممتلكات الثقافية لدعم هذه المشاريع.
– ماهو مصير المباني التي تعود للطرابلسية والتي شيدت على مواقع أثرية؟
– لقد تمت مصادرة جميع هذه الممتلكات. وستقوم وزارة الثقافة باسترجاع تلك المباني. وستوظف بعض العقارات كمتاحف أو مكتبات، أما المباني التي يجب إزالتها فسيتم هدمها.
|
حاوره خميس بن بريك |