الجزائر 2026: توازن هش بين العجز، الجيش، والتنويع الاقتصادي

 

يستعدّ البرلمان الجزائري للتصويت على ميزانية عام 2026، في وقت تواجه فيه البلاد معادلة دقيقة بين الطموح والقيود. فالحكومة تسعى إلى إنعاش الاقتصاد خارج قطاع المحروقات، مع تحمّل عجز قياسي ونفقات عسكرية غير مسبوقة.

عجز مُخطط لتحفيز النمو

ينصّ مشروع قانون المالية على عجز قدره 40 مليار دولار، أي ما يعادل 12,4٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وتقدّم الحكومة هذا العجز بوصفه خيارًا مقصودًا لدعم النمو والاستثمار.

تركّز السلطات على قطاعات الزراعة والصناعة والبناء بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط. غير أن هذا التوجه يُثقل المالية العمومية، وقد يؤدي إلى ارتفاع الدين العام إذا لم تتحقق نسبة النمو المتوقعة.

أولوية للدفاع

تستحوذ وزارة الدفاع على حصة غير مسبوقة من الميزانية، تقدَّر بـ 25 مليار دولار، أي أكثر من 20٪ من إجمالي الإنفاق العام، وهو رقم يفوق ميزانيات عدة وزارات مدنية مجتمعة.

تؤكد الحكومة أن الهدف هو تحديث الجيش في ظل أوضاع إقليمية غير مستقرة. لكن هذا التخصيص الكبير يحدّ من التمويل الموجّه لقطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، ما يثير جدلًا حول ترتيب الأولويات الوطنية.

الدينار تحت الضغط

يواصل الدينار الجزائري التراجع في سوق الصرف. فالسعر الرسمي للدولار يتراوح بين 129 و130 دينارًا، فيما يتجاوز الفارق في السوق الموازية 60٪ مقارنة بالسعر الرسمي.

هذا الوضع يعكس ضعف الثقة في العملة الوطنية، ويقلّص القدرة الشرائية للأسر، كما يعقّد جهود التحكم في التضخم.

الطاقة كرافعة أساسية

تراهن الحكومة على قطاع الطاقة لإعادة التوازن إلى المالية العامة. إذ خُصص له 60 مليار دولار من الاستثمارات بين 2025 و2029، ستوجَّه 80٪ منها إلى الاستكشاف والإنتاج.

كما تسعى الدولة إلى تسريع الانتقال نحو الطاقات المتجددة، مع مشاريع إنتاج 3.200 ميغاواط من الطاقة الشمسية. والهدف مزدوج: تعزيز الإيرادات وتقليص الاعتماد على النفط الخام.

معادلة صعبة بين الطموح والواقع

تعكس ميزانية 2026 مفترق طرق للاقتصاد الجزائري: عجز مُعلن، ضغط على العملة، واستثمارات ضخمة في الطاقة. غير أن نجاح هذا التوجه يبقى رهينًا بقدرة الحكومة على استعادة الثقة الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق توازن فعلي بين النمو والاستقرار.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.