لم ينه المعهد الوطني للإحصاء بعد عمليات معالجة نتائج التعداد العام للسكان الذي أنجز في شهر ماي الماضي وهذا كان متوقعا لتعقيد العملية وللكم الكبير من المعلومات الواجب معالجتها في مثل هذه الاحصائيات . ولكن للمعطى الاحصائي أهمية محورية اليوم في تونس ونحن نقترب من المواعيد الانتخابية البرلمانية والرئاسية القادمة ذلك أن عدد المقاعد في الدوائر الانتخابية الأربع والعشرين (مع مقاعد التونسيين في الخارج حسب معطيات أخرى) مرتبط بالطبع بعدد السكان مما يؤثر على اختيارات الأحزاب السياسية ويشكل خارطة معقدة التفاصيل يحدد فيها حجم هذه الدوائر أهمية كل حزب سياسي كما يحدد في الأخير طبيعة توزيع النواب داخل المجلس النيابي القادم…ولئن لم ينه المعهد الوطني معالجة التعداد الأخير للسكان فإنه له من الآليات وخاصة آلية تقديرات السكان السنوية وآخرها تقديرات 2013 , ما يسمح بالخروج برؤية واضحة المعالم للخريطة السكانية التونسية يحيينها المعهد باستمرار.
فبالرجوع لتقديرات السكان لجويلية 2013 المنشورة على موقع المعهد الوطني للإحصاء يمكن أن نقرأ أولا حجم كل دائرة انتخابية بدأ بولاية تونس الأكثر عددا (والمقسمة إلى دائرتين انتخابيتين ) والتي تضم حوالي مليون ساكن تليها مباشرة ولاية صفاقس بحوالي 969.823 ساكن (والمقسمة إلى دائرتين انتخابيتين أيضا ) وتأتي في المرتبة الثالثة ولاية نابل بحوالي 784.516 ساكنا (والمقسمة إلى دائرتين انتخابيتين أيضا ) فولاية سوسة ب655.870 (والمقسمة إلى دائرتين انتخابيتين أيضا ) وبن عروس بحوالي 615.987 ساكنا …
وبالموازاة لهذه الولايات الخمس ذات العدد الأكبر من السكان والتي سوف تحصد عددا كبيرا من المقاعد بالطبع نجد الولايات الأقل عددا. ففي المرتبة الأخيرة عدديا نجد ولاية توزر وبها 108.672 ساكنا وقبلها ولاية تطاوين التي تضم حوالي 148.202 ساكنا وقبلها ولاية قبلي ب156.890 ساكنا وقبلها ولاية زغوان ب176.027 ساكنا..(مزيد من التفاصيل عبر الرابط التالي: http://www.ins.nat.tn/indexar.php)
ولئن لا يمكن في الوضع الحالي ولعدم توفر تراكم نتائج احصائية عن الانتخابات تحليل التواجد الحزبي حسب القاعدة الجهوية فإن عمليات سبر الآراء التي انجزت من قبل مختلف المعاهد المتخصصة في الموضوع تعطينا صورة تقريبية للتواجد الحزبي الأهم في الأقاليم الكبرى مما قد يساعد على رسم توقعات الانتشار في الانتخابات القادمة.
ولكن قبل هذه التوقعات لابد من الملاحظة أن الأقاليم التونسية السبعة متفاوة الحجم والأهمية مثل ما تبينه نتائج تقديرات السكان التي سبق أن ذكرناها. وحسب هذه التقديرات فإن مجموع السكان التونسيين يبلغ حوالي 11 مليون ساكنا (بالضبط 10.886.526ساكنا) ويوجد نصفهم بين إقليمي تونس الكبرى (2.540.803 ساكنا ) والوسط الشرقي (ولايات سوسة والمنستير والمهدية وصفاقس) الذي يبلغ عدد سكانه 2.560.550 ساكنا ؟ وبالتالي فإن نصف سكان البلاد في هذين الإقليمين بينما يتوزع النصف الثاني على خمسة أقاليم تأتي تنازليا كالآتي:
• الشمال الشرقي (ولايات نابل وزغوان وبنزرت) : 1.522.200 ساكنا
• الوسط الغربي (ولايات القيروان والقصرين وسيدي بوزيد) : 1.432.800 ساكنا
• الشمال الغربي (ولايات باجة وجندوبة والكاف وسليانة) : 1.221.632 ساكنا
• الجنوب الشرقي (ولايات قابس ومدنين وتطاوين) : 993.239 ساكنا
• الجنوب الغربي (ولايات قفصة وقبلي وتوزر) : 615.292 ساكنا
ولو حصرنا أهم المواجهات الانتخابية حسب أغلب عمليات سبر الآراء فإننا سنجدها تدور بين حركتي نداء تونس والنهضة والجبهة الشعبية (مع كل التحفظات من مفاجئات قد تحصل مثل مفاجئة قائمات الهاشمي الحامدي في انتخابات 2011 ). ويبدو هنا أن النهضة والنداء يتمتعان معا بحضور كبير ومكثف ومتواز شيئا ما في تونس الكبرى وفي مدينة صفاقس بينما يتفوق النداء على النهضة في بقية إقليم الوسط الشرقي (الساحل). ولئن بدا حضور النداء (دائما حسب مختلف عمليات سبر الآراء ) مهما في الشمال الشرقي ومتوسطا في الشمال الغربي دون أن ينفي هذا تواجدا مهما أيضا للنهضة فإن هذه الأخيرة تكتسح إلى مستويات كبيرة كلا من الجنوب الشرقي والجنوب الغربي حيث يكاد النداء يكون غير متواجد إلا بأرقام ضغيرة..زيادة على هذا فأن للجبهة الشعبية حظوظ معقولة في الإقليمين الكبيرين ولكنها تحصد أحسن نتائجها في الشمال (الشرقي والغربي ) وفي الوسط الغربي (القيروان وخاصة القصرين وسيدي بوزيد ) علاوة على تواجد ذو أهمية في قفصة …
علي الشتوي