استعرض مجلس البنك المركزي التونسي خلال اجتماعه أمس الاثنين في بداية أشغاله آخر المعطيات حول تطور الظرف الاقتصادي الدولي ومن بينها توقعات النمو الصادرة مؤخرا عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، التي تبرز تواصل انتعاشة الاقتصاد العالمي بنسق معتدل عموما مع نوع من الفتور في منطقة الأورو، أين يستدعي الوضع اتخاذ إجراءات جديدة لدفع الطلب الداخلي والنشاط الاقتصادي بصفة أشمل.
وعلى المستوى الوطني، اطلع المجلس على آخر البيانات الاقتصادية المتوفرة والتي تبرز مؤشرات إيجابية بالنسبة للقطاع الفلاحي مع بوادر واعدة لموسم زيت الزيتون بعد الأداء الجيد على مستوى موسم الحبوب )زيادة المحصول بـ80 ٪(، وذلك بالتوازي مع تحسن مداخيل القطاع السياحي خلال شهري أوت وسبتمبر.
غير أنه وبالمقابل، تواصل تقلص الإنتاج الصناعي خلال النصف الأول من السنة الحالية بالعلاقة أساسا مع تراجع الصناعات غير المعملية وخاصة قطاع الطاقة.
وفي هذا السياق، تشير آخر التقديرات إلى مراجعة نسبة النمو الاقتصادي المنتظرة لسنة 2014 نحو الانخفاض إلى ما بين 2,3٪ و2,4٪ مقابل 2,8٪ حسب التوقعات السابقة، في حين يتوقع أن تناهز نسبة النمو 3٪ في السنة القادمة.
وبخصوص القطاع الخارجي،أشار المجلس إلى تواصل انزلاق عجز الميزان التجاري (+34,8٪أو 1.412 م.د) ليبلغ 5.470 م.د أي ما يمثل 6,6٪ من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2014 مقابل 5,3٪ خلال نفس الفترة من سنة 2013 وذلك بسبب استمرار ارتفاع عجز الميزان التجاري (+22,7٪ إلى موفى أوت 2014) ليتجاوز 9,4 مليارات دينار، نتيجة تراجع الصادرات (-0,6٪) وارتفاع الواردات (+6,2٪). وقد لاحظ المجلس، على وجه الخصوص، تواصل تعمق عجز ميزان الطاقة (زيادة بـ71٪) الذي بلغ إلى حدود الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية نفس المستوى المسجل لكامل سنة 2013 ليساهم بذلك في توسع العجز التجاري الجملي بأكثر من 60٪.وقد مكنت تعبئة تمويلات خارجية هامة من الحفاظ على مستوى مريح للموجودات الصافية من العملة الأجنبية، التي بلغت حوالي 12.524 م.د أو ما يعادل 110 أيام من التوريد بتاريخ 26 سبتمبر 2014، مقابل 103 أيام في نفس التاريخ من سنة 2013.
وبالنسبة لمسارالتضخم، سجل المجلس بعض التحسن في تطور الأسعار، في شهر أوت 2014، حيث بلغت نسبة التضخم 5,8٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 6٪ في الشهر السابق وذلك بالعلاقة مع انخفاض النسق الذي عرفته أسعار المواد المعملية والمواد الغذائية والذي مكن من الحد من أثر تسارع أسعار الخدمات. وقد شمل نفس المسار التضخّم الأساسي (فيما عدا أسعار المواد المؤطرة والطازجة) الذي تراجع إلى حدود 5,8٪ مقابل 6,2٪ في شهر جويلية.
وبخصوص نشاط القطاع المصرفي، أشار المجلس إلى تدعم نسق تطور قائم الإيداعات خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية (7٪ مقابل 3,7٪ قبل سنة) ليشمل، بالخصوص، الحسابات لأجل وبدرجة أقل الإيداعات تحت الطلب. كما عرفت المساعدات للاقتصاد مسارا مماثلا خلال نفس الفترة (7,1٪ مقابل 4,1٪) شمل خاصة القروض قصيرة الأجل.
وعلى مستوى التطورات النقدية، لاحظ المجلس استمرار تراجع حاجيات البنوك من السيولة خلال شهر سبتمبر وللشهر الثالث على التوالي، مما أدى إلى انخفاض تدخل البنك المركزي لضخ السيولة إلى حدود 4.644 مليون دينار بالمعدل اليومي، إلى غاية 26 من الشهر )4.293 م د بالنسبة ليوم 26 سبتمبر( ، مقابل 5.142 مليون خلال شهر أوت الماضي. ومن ناحيتها، سجلت نسبة الفائدة الوسطية في السوق النقدية شبه استقرار في مستوى 4,93٪، خلال نفس الفترة مقابل4,94٪ قبل شهر.
وفيما يتعلق بسعر الصرف، سجل المجلس تحسن قيمة الدينار إزاء الأورو خلال شهر سبتمبر الحالي، لتبلغ 2,2826 دينار أي بارتفاع قدره 0,5٪ بتاريخ 26 من الشهر. و بالمقابل، عرف الدينار تراجعا بـ 3,1٪ مقابل الدولار في نفس التاريخ ليصل إلى 1,7944 دينار. ومقارنة ببداية السنة الحالية، سجل سعر صرف الدينار، يوم 26 سبتمبر، تراجعا بـ 0,7٪ أمام الأورو و8,2٪ إزاء الدولار.
واستنادا إلى هذه المعطيات، يؤكد المجلس، مرة أخرى، على جدية المخاطر التي تهدد التوازنات المالية خاصة على مستوى القطاع الخارجي من خلال التدهور المتزايد للعجز التجاري خاصة في ظل تقلص نسق الصادرات الذي قد يحتد خلال الأشهر القادمة بالعلاقة مع احتمال تعطل الانتعاشة في منطقة الأورو، الأمر الذي يبرز الحاجة الملحة إلى التسريع في وضع الإجراءات العملية الهادفة إلى ترشيد الواردات، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير.