كان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في السابق يستمد جزءا من شرعيته لدى الغرب من قمعه للتيار الإسلامي في إطار ما يعرف بمكافحة الإرهاب أو التطرّف الديني…
شرطة السماء والخطر القادم إلى تونس |
كان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في السابق يستمد جزءا من شرعيته لدى الغرب من قمعه للتيار الإسلامي في إطار ما يعرف بمكافحة الإرهاب أو التطرّف الديني.
وكانت السجون قبل صدور مرسوم العفو التشريعي العام تعج زنزاناتها بآلاف المساجين الإسلاميين…
أمّا عقوبة المراقبة الإدارية والإمضاءات الدورية في مراكز البوليس والحرمان من جوازات السفر وغيرها فقد كانت سيفا مسلطا على رقاب من يعرفون بـ"الخوانجية"…
وجاءت الثورة لتنزع عن هؤلاء أغلال الماضي وحررت رقابهم، إلا أنّ بعضهم اعتقد أنّ عقارب الساعة عادت إلى الوراء وأنّ وقت الفتوحات وإقامة الخلافة وتعدد الزوجات قد حان.
فقبل أسبوع من بدء الانتخابات خرجت عن صراط الوفاق الوطني مجموعة تتحدث بإسم الدين ونسيت قول الله تعالى: "ولا تعثوا في الأرض مفسدين".
وغير عابئة بقانون الطوارئ كشرت عن أنيابها جماعات تطلق اللحى وتلبس القميص وبعضهم يمتطي درجات نارية شبيهة بتلك التي كان يقودها المولى عمر، لتباشر مهام شرطة السماء.
فخرج علينا بالأمس في "جمعة الغضب" أناس غاضبون وحاقدون وعلى رؤوسهم أعلام سوداء داكنة ساعين إلى القصاص من صاحب قناة "نسمة" الوقحة دفاعا على مشاعر المسلمين.
وقد يسأل سائل لماذا لم يظهر هؤلاء الأبطال في الثورة؟ ولماذا لم يكشروا عن أنيابهم الطويلة في وجه النظام السابق، الذي طالب نوابه من قبل بخفض صوت الآذان؟
صحيح أنّ قناة "ن(س)مة" أساءت إلى الإسلام بقلة أدبها وجهلها للأمور أو لغاية مقصودة، وكان عليها أن تفكر مرتين قبل أن تقدم على جريمتها ثمّ تسعى للتكفير عن ذنبها بالاعتذار على لسان من كان ينادي للديكتاتور بن علي "ببونا الحنين" !!!
لكن لا يجب أن يكون خطأها شماعة يعلّق عليها البعض خطر التطرف الحداثوي، لفرض رؤاه وإيديولوجيته على إرادة هذا الشعب المعتدل.
فلن يرضى التونسيون بذلك أبدا ولن يسمحوا لأحد كان أن يتلاعب بمصيرهم مهما كانت مشاربه ورؤاه.
|
خميس بن بريك |