شهدت تونس بعد ثورة 14 جانفي ارتفاعا في حالات الانتحار أو محاولة الانتحار لاسيما في صفوف الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات ورغم عدم وجود احصائيات دقيقة فان ظاهرة انتحار الاطفال أصبحت مؤخرا ملفتة للانتباه.
والانتحار هو عمل من الأعمال التى تتسبب عمدا في قتل المرء لنفسه “الموت”،وغالبا ما يكون الإنتحار مبررا لخروج المرء من اليأس.
ووفق دراسة أعدها “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” نشرت في فيفري الماضي فقد تم تسجيل 507 حالة انتحار ومحاولة انتحار بعد الثورة منها 304 حالة سنة 2013 و203 حالة سنة 2014 لتتواصل هذه الظاهرة بتفشي حيث تم تسجيل أكثر من 9 حالات الى حد اليوم منذ بداية سنة 2015 منها 3 حالات انتحار في صفوف الأطفال آخرها الأسبوع الماضي والمتمثلة في انتحار طفلة التسع سنوات بمعتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد.
وقد تصدرت ولاية القيروان نسب الانتحار في تونس سنة 2014، بـ 31 حالة انتحار من مجموع 203 حالات في كامل البلاد فيما تصدر شهري أوت وديسمبر أعلى نسب الانتحار حيث تم تسجيل 23 حالة انتحار في أوت 2014، ثم 27 حالة انتحار في ديسمبر من العام نفسه.
ووفق تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، سجلت معتمدية ”العلا” من ولاية القيروان وحدها نحو 15 حالة انتحار أفريل 2014، نسبة عالية منها في صفوف تلاميذ والمنقطعين عن الدراسة.
ولعل الملفت للانتباه في ظاهرة الانتحار وما بات ينذر بالخطر هو انتقالها لفئة الأطفال حيث تم تسجيل 18 حالة انتحار في صفوف الأطفال سنة 2014″.
وأرجع التقرير دوافع ظاهرة الانتحار التي شملت مختلف الفئات السنية بين تسع سنوات و75 عاما، من التلاميذ والموظفين والعاطلين والمزارعين والتجار الى عوامل عاطفية واجتماعية ومادية خاصة في المناطق المهمشة.
بين التقرير ذاته أن الشنق يعتبر أولى الوسائل استعمالا والذي ينتهي غالبا بالوفاة.
ومن جهته أكد الدكتور أحمد الأبيض طبيب وباحث في المسائل النفسية والاجتماعية في تصريح للمصدر أن ظاهرة الانتحار أصبحت ملفتة للانتباه في الآونة الاخيرة خاصة بعد استهدافها الأطفال مشيرا الى أن الثورة ارتبطت في الذاكرة الاجتماعية بالانتحار ولعل هذا عنصر من العناصر التي تدفع العديد من الأشخاص للانتحار بعد بلوغه مرحلة اليأس منتيجة لجملة من العوامل النفسية والمادية والاجتماعية.
وبخصوص ظاهرة انتحار الأطفال قال الدكتور أن انتحار الأطفال يعود الى عنصرين أساسين وهما الاهمال وغياب الاحاطة بالاضافة الى المنوعات والبرامج والمسلسلات التي يشاهدها الطفل في القنوات التلفزية والتي تحتوي بعضها على مشاهد عنف.
وبين في دات السياق ان عقول الأطفال تفتحت على أشياء كثيرة والطفل اليوم في مجتمع الاستهلاك أصبح يقارن نفسه بأترابه وبما يراه التلفاز وأصبحت لديه حاجيات قد تفوق طاقة الأباء خاصة في الأحياء الفقيرة مما قد يشعر الطفل اليأس والحزن في حال عدم حصوله على ما يريده بالاضافة الى غياب عنصر المحبة المصرح به مما قد يشعر الطفل بأنه لا قيمة له.
وشدد الدكتور أحمد الأبيض على ان الطفل بحاجة الى تصريح والديه له أكثر من مرة في اليوم بحبهما له واهتمامهما به ولكن هذا لا يمنع معاقبته في بعض الأحيان حتى لا يصبح دلال مفرط .
وأضاف أن غياب شعور الطفل بأنه محبوب قد يدفعه للرغبة في الغياب وهو ما يجعله يقدم على الانتحار زد على ذلك ما يشاهده في التلفاز من صور متحركة تحتوي على مشاهد عنف وقتل.
،