التأسيسي التونسي يتلعثم في درس الديمقراطية الأول

تجاوز نواب المجلس التأسيسي مساء أمس الجمعة عتبة 15 بندا مصادقا عليها من القانون المنظم للسلط وما زال ينتظرهم الكثير من البنود والكثير من المناقشات خاصة وأن المجلس قرر مواصلة العمل حتى في عطلة نهاية الأسبوع …



التأسيسي التونسي يتلعثم في درس الديمقراطية الأول

 

تجاوز نواب المجلس التأسيسي مساء أمس الجمعة عتبة 15 بندا مصادقا عليها  من القانون المنظم للسلط وما زال ينتظرهم الكثير من البنود والكثير من المناقشات خاصة وأن المجلس قرر مواصلة العمل حتى في عطلة نهاية الأسبوع …

وبالرجوع لأهم نقاشات المجلس نرى بسرعة تركز النقاشات والخصومات بين الكتل البرلمانية الكبرى حول مسائل كانت في جملتها ولا تزال تشق الساحة السياسية منذ أزل العمل السياسي في تونس…

ذلك أن تحديد المدة الزمنية للمجلس وتحديد مهام رئيس الدولة وتقاسم السلط بينه وبين رئيس الحكومة وتحديد صلوحيات هذا الأخير وعلاقته بمؤسسات الدولة المختلفة مثل البنك المركزي  وبالرؤساء الاثنين وبالمجلس …كل هذا يعود بنا إلى اختلاف الرؤى القديم بين الحزب الأغلبي "حركة النهضة" وبين الحزبان المتحالفان معه من جهة وبين النهضة وحليفيها أي الترويكا وبين أحزاب "اليسار "والمعارضة من جهة ثانية … فبالرغم من التفاهمات التي وقعت بين الترويكا لم تصمد الأحزاب أمام نداءات نوابها ومناصريها واضطر حزب حركة النهضة للتنازل عن عدة مسائل كان استطاع تمريرها للقيادات في المؤتمر والتكتل وأسقطها احتجاج القواعد…

ولئن انتقد جزء لا بأس به من الشارع التونسي الاختلافات والوقت المهدور في نقاشات المجلس فإن  هذا النقد والامتعاض مردهما أولا نقص تجربتنا الديمقراطية وثانيا هلعنا من الأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية وخشيتنا من الانزلاق إلى حالة فوضوية نستشعر جميعا أن الرابح الأكبر فيها سيكون المتطرفون وأعداء الديمقراطية وهم كثر وبالبلاد يتربصون بالطبع…

وتوضح الاختلافات الحادة أحيانا في قاعة الجلسات بالمجلس التأسيسي اختلاف الرؤى بصفة كبيرة أحيانا داخل الطيف السياسي التونسي..فحركة النهضة مقتنعة تمام الاقتناع بالنظام البرلماني الصرف وقد صاغت كل اقتراحاتها انطلاقا من هذه الخلفية وبوضوح أحرج حتى الحلفاء أحيانا لظهوره بمظهر الصلف "الأغلبي" من جهة ولتنكره من جهة أخرى لدعاوي الوفاق الأشمل في المجلس التأسيسي في هذه الفتة الانتقالية الثانية…أما الأقلية البرلمانية فهي ترى أنها حصلت على الفرصة المثلى لإحراج الترويكا ومناصبتها المعارضة إلى أقصى الحدود لإفشالها في الحكم تحسبا للانتخابات البرلمانية القادمة…

واستغل الشق المعارض للنهضة في المجلس هذه الثغرات ولم ينفك يشهر بها إلى درجة تحول النقاش إلى ما لا نهاية له إضافة إلى التشهير بالأغلبية بعد أن تصوت بالإيجاب لفائدة مقترحاتها.لا بل أن هناك من النواب الأفاضل من يطالب الأغلبية باعتماد مقترحات مختلفة حتى بعد التصويت عليها بالأغلبية في الجلسة العامة…ومن الجهة الأخرى بدأ الامتعاض من تجرؤ النواب الأقليين على النيل والتشهير بكل مقترح أغلبي مما حدا بالبعض للخروج عن آداب الحوار واستعمال تهم التخوين والتآمر ..

ولابد من الإقرار في الواقع أن ما نراه من اشتباكات لفظية حادة واختلافات عميقة ليست سوى ظواهر عادية في كل البرلمانات في العالم الديمقراطي ونحن لسنا سوى في "القسم الأول تحضيري في الديمقراطية " كما قال ذلك أحد نواب المجلس التأسيسي …ولكن وضعيتنا الخاصة وكل الاهتمام المسلط على المجلس وحجم انتظاراتنا من الثمرة الأولى لثورتنا تفسر ربما ما نراه من انتقادات تبدو مجحفة ومن نفاذ صبر كبير…

ابراهيم بالصادق

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.