يتطلب الاصلاح الشامل للمنظومة التربوية بالاساس اعادة النظر فى الوظيفة الاجتماعية والعلمية للموسسة التربوية ومراجعة الهدف من التعليم فى حد ذاته بحسب ما ذهب اليه اليوم الاثنين عدد من المتدخلين خلال الجلسة الافتتاحية لاعمال الندوة الوطنية الثانية نحو اصلاح شامل للمنظومة التربوية.
مبادىء الدستور مدخلا الملتئمة اليوم الاثنين بدار الكتب الوطنية بالعاصمة.
وتحدث فى هذا السياق الاستاذ الجامعى والمفكر أبو يعرب المرزوقى على أهمية تربية التلميذ على الديمقراطية من جهة وعلى وظيفة المدرسة فى تكوين مواطنين أحرار من جهة أخرى داعيا الى تصويب دور المدرسة فى تونس حتى تسهم فى تكوين مواطن حر متمكن من لغته وفكره ومساهم فاعل فى الشأن العام كحاكم أو كمحكوم وكمبدع منتسب الى حضارة وثقافة وكمواطن مشارك فى توزيع العمل وفى انتاج الثروات .
ويرى المرزوقى فى مداخلته فى هذه الندوة التى بادرت بتنظيمها شبكة التربية والتكوين والبحث العلمى بأن الاصلاح التربوى لا يجب أن يقتصر على المناهج والبرامج فحسب بل يتعين أن يمر عبر دعم التسيير الذاتى للموسسات وتشريك التلميذ فيه وذلك من خلال اسهامه فى مختلف العمليات المتعلقة بالمدرسة من تنظيف وعناية وصيانة مقابل مجانية تعلمه.
كما يتعين وفق المرزوقى توفير متاحف بيولوجية ونباتية وتاريخية وحيوانية وجغرافية واحداث مكتبات بالمدارس لتعميق التكوين الشامل للتلميذ ولدعم مواهبه البدنية والفنية.
ولا يرى هذا المفكر مانعا من التخلى عن مجانية التعليم فى المرحلة الجامعية اذ أن ذلك سيمكن الطالب وفق رأيه من تحمل مسوولية خياراته من حيث الشعبة التى قرر مواصلة تعليمه فيها والتعويل على نفسه من حيث ايجاد التمويل اللازم لمتابعة دراسته سواء بالالتحاق بموسسة اقتصادية توفر له الدعم المالى الضرورى أو عبر حصوله على قرض بنكى.
ولاحظ الاستاذ الجامعى سعيد غراب من جهته ضرورة الاتفاق حول الهدف المرجو من المنظومة التربوية واعطاء الاهمية المستحقة للتعلم فى مرحلة ما قبل سن التمدرس ولمحيط المدرسة والتخلى عن البعد التجارى للعملية التربوية بما فى ذلك المدارس الخاصة والدروس الخصوصية والكتب الموازية للبرامج التعليمية فضلا عن فرض الانضباط وتعزيز كفاءات المكونين وتوفير الحوافز الدافعة للابداع.
أما الخبير لدى منظمتى اليونسكو و الالكسو والمتفقد فى مجال التربية سابقا الدكتور محمد بن راشد فقد ركز مداخلته على ما هو منتظر من عملية الاصلاح والتى قال انها فى المجمل انتظارات سوسيولوجية من خلال تمكين الناشئة من ثقافة حقوقية ومواطنية تناى بهم عن التعصب وانتظارات سوسيو حضارية ترمى الى تجذير الهوية الوطنية والتمكن من اللغة الام ولغتين اخريين على الاقل وامتلاك القدرة على توظيف وسائل الاتصال الحديثة بالاضافة الى انتظارات سوسيو اقتصادية تنبنى على التركيز على تطوير التربية كمدخل قيمى لغرس ثقافة العمل والتركيز على الكفايات.
وتطرق المتدخلون خلال النقاش الى هنات المنظومة التربوية ومن بينها بحسب رأيهم ما يتعلق بدسامة البرامج التعليمية وبمناظرات الانتداب وبنظام التقييم وبالزمن المدرسى محذرين بالخصوص من ضعف اتقان اللغة الفرنسية حتى فى صفوف بعض الاساتذة على اختلاف مستوياتهم المهنية ومن مغبة المتاجرة بالتعليم كسلعة تخضع للعرض والطلب والدروس الخصوصية.
وقد أفاد رئيس شبكة التربية والتكوين والبحث العلمى حاتم الجلاصى فى كلمة بالمناسبة أن هذه الندوة التى تعد مواصلة لعمل الندوة الاولى التى نظمتها الشبكة فى ديسمبر 2013 تتنزل فى اطار سعيها لتقديم تصور عام للاصلاح الشامل للمنظومة التربوية من المنتظر أن يكون جاهزا مع شهر أوت 2015 ويتضمن جدول أعمال هذه الندوة التى تتواصل على مدى ثلاثة أيام عشر جلسات علمية وخمس ورشات تتعلق بمواضيع ذات صلة بقضايا التربية فضلا عن حوارات مفتوحة فى هذا المجال.