ما هي اللغة المفضلة للاعلانات الإشهارية: العربية الفصحى أم اللهجة العامية؟ لقد طرحت يومية “الصباح” في عددها الصادر (20 فيفري ) هذا السؤال من خلال دعوة السيد توفيق حبيب مدير وكالة (تي هاش كوم) للإجابة عنه والحديث عن هذا الموضوع. …
ما هي اللغة المفضلة للاعلانات الإشهارية: العربية الفصحى أم اللهجة العامية؟ لقد طرحت يومية “الصباح” في عددها الصادر (20 فيفري ) هذا السؤال من خلال دعوة السيد توفيق حبيب مدير وكالة (تي هاش كوم) للإجابة عنه والحديث عن هذا الموضوع. وبالنسبة لكاتب المقال فان الاجابة بديهية ولا تدعو الى الشك، لا يتوجب استعمال سوى اللغة العربية دون اللجوء إلى اللغة الفرنسية أو اللهجة العامية التونسي التي تتاتى بعض مفرداتها من لغة موليار او شكسبير ( موش نورمال…وغيرها). وقد دافع السيد توفيق حبيب عن استعمال اللغة العربية الفصحى ملفتا النظر إلى أخطار استعمال اللهجة المحلية التي تهدد ثقافتنا وتقطع مع أصولها. وأفادت وكالة اتصال أخرى أن استعمال اللغة الفرنسية في الاشهار يعود إلى غياب تحكم المشهرين ووكالاتهم الاتصالية في قواعد اللغة. هذه الآراء تحترم لكن هذا لا يمنعنا من طرح جملة من الاسئلة على “ثقافتنا” العربية التي يدافع عنها هذا المقال. وبالفعل، ومما لا شك فيه أن ثقافتنا ولغتنا الرسمية في تونس هي العربية، لكن بين الرمسي والواقع، هل من فرق؟ هل نتحدث العربية الفصحى داخل اسرنا؟ عندما نقول انناعرب ،فحسب، الا يعني ذلك محو ثلاثة الال سنة من حضارة تونس وتاريخها. أوقفوني إذا أخطأت لكني تعلمت من دروس التاريخ أن العرب جاؤوا إلى ربوعنا منذ نحو 14 قرنا من الزمن، هل كنا نتحدث العربية قبل ذلك؟ لماذا نريد اذا الاكتفاء بأصولنا في حدود 14 قرنا فقط، في حين ان تونس أثرى من ذلك بكثير. عندما نتحدث عن اصولنا، فلنغص الى الأعماق ! أعتقد، وهذا التفكير يلزمني فقط، ان تونس ثرية بهذا ” التعدد الثقافي”. نحن من الأكيد عرب ولكننا لسنا كذلك فحسب. لماذا نرفض “أو ندعو إلى رفض” كل ثقافة أخرى هي جزء من تاريخنا. لهجتنا ثرية بالعربية وأيضا بالفرنسية والإيطالية (كثيرا) والأسبانية وحتى لغات افريقية. لماذا نرغب في رفض كل ما يشكل ثراءنا وثقافتنا والاكتفاء بالجانب العربي في هذه الثقافة؟ لماذا نرغب في أن يتبع بعض المشهرين بعض المثقفين منا ومخالفة رأي الجمهور؟ والموضوع أكثر تعقيدا من ذلك ولا يمكن تناوله في بضعة أسطر لكن العربية، الفرنسية، الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، عيد الحب أو سانت فالنتين وشوكولا عيد المسيح (نوال)والعيد والخمر..كل هذه المواعيد والتظاهرات تشكل ما نحن عليه الآن. وإذا ما رغبنا في التقوقع على أنفسنا ضمن ثقافة واحدة فان ذلك يعني ببساطة وضع حد لكل هذه التلقائية والابداع التي يتمتع بها كل فرد منا. وليتبع كل معلن أو مشهر حدسه وتكوينه ليستعمل كل واحد منهم اللغة أو اللهجة التي يرتاح اليها وليحتفل أي كان بما يرغب فيه، إذ أني أعتبر أنه ليس من حق أي شخص إملاء ما يفترض التفكير به أو الإحساس به. فهذا جزء من الحريات الانسانية للفرد. ولا يمكنني أن أفهم حتى الآن هؤلاء “المثقفين” الذين يدافعون عن الحرية ويمنعون أو ينددون بمن يخالفهم التفكير. ولمؤسسة الإذاعة والتفلزة التونسية سابقة في ذلك إذ منعت استعمال كل لغة أجنبية في الاشهار او في البث (وقد تم منع كلمة بيتزا دون اقتراح مصطلح آخر يعوضها) ولا يجب تعميم هذا القرار على الخواص، ولا يتعلق الأمر بمهاجمة اللغة العربية “لغتى الأم التي أحبها وسأدافع عنها على الدوام) ولكن لا يجب بأي حال من الاحوال مهاجمة اللغات الأخرى التي تعد جزءا من ثقافتنا وتراثنا وأكرر قولي: كل فرد حر في التفكير فيما يحلو له والتكلم باللغة التي تعجبه ويرتاح إليها”. |