المشهد السياسي التونسي الذي أفرزته الانتخابات الحرة الأولى في تاريخ البلاد في 23 أكتوبر 2011 , بالرغم عن أهمية تمثيليته للساحة السياسية لا يزال في واقع الأمر منقوصا بحكم غياب عائلات فكرية وسياسية على الأهمية بمكان وبحكم غياب التوازن الذي …
مواعيد 2012 السياسية حبلى بالانتظارات لدى اليسار والقوميين والدساترة |
المشهد السياسي التونسي الذي أفرزته الانتخابات الحرة الأولى في تاريخ البلاد في 23 أكتوبر 2011 , بالرغم عن أهمية تمثيليته للساحة السياسية لا يزال في واقع الأمر منقوصا بحكم غياب عائلات فكرية وسياسية على الأهمية بمكان وبحكم غياب التوازن الذي من شأنه وضع حجر الأساس للبناء الديمقراطي المرجو لتونس… فالملاحظ بداية وحتى على مستوى القوى المعارضة في المجلس التأسيسي وجود إحساس بضرورة إعادة توزيع الأوراق داخل هذه الكتلة التي تشعر مثلما صرح بذلك زعماءها أن الوقت قد حان الآن للتفكير في ما من شأنه تنظيميا تدعيم موقف المعارضة وتوحيدها تجاه الكتلة الثلاثية الأغلبية وبقية التيارات المتواجدة في المجلس .. ومما لاشك فيه أن سنة 2012 ستشهد تطورات في هذا الاتجاه خاصة وأن حزب آفاق وحزب التقدم قد استبقا ما سيحدث وأعلنا عن توحيد الحزبين بينما لا تزال المباحثات متواصلة ما بين الحزب الديمقراطي التقدمي ومكونات القطب الحداثي الديمقراطي وحزب العمل التونسي وغيرها من المكونات السياسية القريبة من هذين الحزبين من أجل التقدم ربما نحو تشكيل الحركة السياسية التي ينتظرها أنصارهم كما تنتظرها الساحة السياسية… ومن بين ما تنتظره الساحة السياسية في هذه السنة الجديدة على المستوى السياسي التطورات التي تنتظر عائلة سياسية أخرى كانت الغائب الأكبر في انتخابات 2011 للمجلس التأسيسي وهي العائلة القومية التي تتسم حاليا بتشتتها الكبير الذي كان السبب وراء غياب أية تمثيلية للقوميين في المجلس وانتفاع حزب المؤتمر بهذه المرجعية …كما أن حزب حركة النهضة استغل أيضا ضعف التركيبة السياسية للقوميين في إعادة انتشاره في البلاد. ويتوزع القوميون في تونس الآن ما بين أحزاب بعثية وأخرى ناصرية مشتتة بالرغم عن بروز حركة الشعب الوحدوية التقدمية في الساحة وأهمية وزنها إلا أن ما عاشته هذه الحركة من تطورات وخروج العميد بشير الصيد من قيادتها وعدم تمكنها من الفوز في انتخابات التأسيسي يجعلها مدعوة اليوم إلى مزيد من العمل من أجل التقدم في مجال توحيد العائلة القومية التي لا ينكر كثيرون أن تواجدها سوف يمكن من تعديل الموازنات السياسية ونزع بساط رمزية الانتماء القومي من حزبي المؤتمر والنهضة … ومن جهة أخرى لا يزال المخاض الذي تعرفه أحزاب العائلة الدستورية محل اهتمام سوف يتواصل في 2012. وترتبط الاهتمامات بالعائلة الدستورية في الواقع انطلاقا من إخفاق هذا التيار السياسي في الفوز بتمثيلية مهمة في المجلس التـأسيسي بالرغم عن المقاعد التي فاز بها حزب المبادرة وفي علاقة كذلك بالدور المنتظر أو المطلوب من السيد الباجي قايد السبسي الذي يرى كثيرون أنه قد يتمكن من لم شمل مختلف الأحزاب ذات المرجعية الدستورية. ولا يتفق الجميع في الواقع حتى داخل هذه العائلة نفسها على الدور والبرنامج السياسي الذي ينتظر منها ولكن أغلب المتابعين لا ينكرون الدور التعديلي والوسطي الذي يمكن أن يلعبه التيار الدستوري في الساحة السياسية أمام الأغلبية الحالية وأمام اليسار المشتت … في هذه الأيام الأخيرة من سنة 2011 تبدو المواعيد السياسية المقبلة للعائلات السياسية الكبرى حبلى بالانتظارات التي سوف تكون سنة 2012 مسرحها لمزيد التفاعلات ولمزيد التطورات للساحة السياسية التونسية الوليدة…
|
علي العيدي بن منصور |