“احتفلت” حكومة حمادي الجبالي منذ يوم 2 أفريل الجاري بمرور 100 يوم عن تسلمها مقاليد السلطة والحكم في البلاد بعد إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وانبثاق حكومة شرعية. وكان الأمل يحدو كل مكونات البلاد من أن …
أعضاء المجلس الوطني التأسيسي غير راضين عن أداء ال 100 يوم الأولى من الحكومة المؤقتة |
"احتفلت" حكومة حمادي الجبالي منذ يوم 2 أفريل الجاري بمرور 100 يوم عن تسلمها مقاليد السلطة والحكم في البلاد بعد إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وانبثاق حكومة شرعية. وكان الأمل يحدو كل مكونات البلاد من أن تسرع هذه الحكومة بمعالجة العديد من الملفات المتراكمة وحتى إعطاء إشارات واضحة وجلية في الشروع في عملية الإصلاح وإعادة الثقة.
غير أن المتابع للشأن الوطني ولأداء الحكومة المؤقتة اصطدم ببطء شديد في أدائها لتنهال عليها الانتقادات من كل حدب وصوب بسبب غياب برنامج واضح ينتشل البلاد من حالة الركود الاقتصادي والتوتر الاجتماعي.
ولتقييم 100 يوم الأولى من أداء عمل الحكومة فإن أقرب جهاز له الشرعية للمحاسبة والمسائلة هو المجلس الوطني التأسيسي حيث رصد المصدر أراء ومواقف أهم الأحزاب المُمثلة فيه، إذ أجمعت جلها على الأداء الضعيف وخاصة عدم وضوح الرؤية وغياب البرامج.
– أحمد نجيب الشابي (مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي) كان موقفه قاطعا وصارما في أداء حكومة الجبالي ورأى أنها "لم تقم بأيّ إنجاز يستحقّ الذكر بعد 100 يوم من عملها"، وعلّق بأنّ أداءها كان ضعيفا إلى أبعد الحدود وبيّن أنه تم تقديم قانون المالية في نهاية السنة الماضية وقيل لأعضاء المجلس التأسيسي أن هذا القانون لم تعده حكومة الجبالي وأن البرنامج الحقيقي سيأتي في مشروع قانون المالية التكميلي والذي لم يصل على حد تعبيره إلى أعضاء المجلس.
وأضاف أنه ما راج حول هذا المشروع من أخبار حوله لا يُنبئ بأنه برنامج يستجيب لحاجيات وتطلعات البلاد في الإجابة عن الملفات الحارقة وهو ما يُفسّر عودة الاحتجاج.
وأبرز انه ما يعيب على الحكومة المؤقتة غياب الرؤية والبرنامج بالإضافة إلى عدم فصل الإدارة عن مسألة التحزّب مستشهدا في هذا الصدد بالتعيينات الأخيرة التي شملت بعض الولاة على أساس الولاء السياسي.
وحذّر الشابي من إمكانية العودة إلى الوراء مُلمّحا إلى ممارسات النظام السابق من عملية تداخل الحزب والإدارة التونسية واعتبر أن قرار فصل الإدارة عن الحزب الحاكم كان من أكبر إنجازات الثورة وأكبر ضمان للحرية في المستقبل.
– الصحبي عتيق (رئيس كتلة حركة النهضة) صرح أن الحكومة أعدت الميزانية التكميلية وأعدت برنامج اقتصادي واجتماعي وأن "الترويكا" وافقت على البرنامج بجميع محاوره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية.
وعن النقاط الإيجابية للحكومة الحالية، لاحظ عودة الاستقرار بصفة تدريجية وتقلص الانفلات الأمني إلى جانب الإصلاحات التي شملت الإدارة التونسية من خلال سد الشغور الحاصل في العديد من الجهات. مع توفر الحريات العامة وارتفاع هامش حرية التعبير.
وأفاد أن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لهذا العام الذي سيتم الإفصاح عنه في بحر هذا الأسبوع سيعزز العديد من الجوانب والمسائل وبالخصوص الإجابة على العديد من التساؤلات.
وعن النقاط التي يعيب فيها على أداء الحكومة المؤقتة بين رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي، أنه "يعيب شيء من البطء في الإصلاحات وهو نقد قدمته حتى حركة النهضة إلى جانب عدم التنسيق في بعض المسائل".
– إبراهيم القصاص (العريضة الشعبية) بحماسته وبتلقائيته المعهودتين أبرز أن الحكومة المؤقتة وخلال 100 يوم الأولى من تسلمها مقاليد السلطة لم تقم بأي إنجاز يستحق الذكر أو التنويه به موضحا أنه بعد الثورة لا يزال التعذيب في السجون التونسية متواصلا وفق ما أكدته بعض الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان.
وعرّج على لامبالاة الحكومة في العديد من الملفات الحارقة والعاجلة مشيرا إلى أنها لا تبالي بالمطالب الشعبية، فعلى الصعيد السياسي اعتبر أن أداء الحكومة الحالية ضعيفا وبالنسبة إلى المجال الأمني قال إن حكومة حمادي الجبالي عجزت عن التصدي للعديد من المظاهر على غرار حادثة إسقاط العلم وتدنيس القرآن الكريم ووصف أداءها بالتردد.
كما أنها لم تهتم بما فيه الكفاية بملف شهداء الثورة وجرحاها معتبرا "أنه لولا هؤلاء الشهداء والجرحى لما وصل الائتلاف الحكومي إلى سدة الحكم في البلاد"، مبيّنا في هذا الإطار أنه "كان بالإمكان تخصيص موارد مالية محترمة لمعالجة الجرحى على نفقة الدولة من دون اللجوء إلى قطر أو إلى الدول الأوروبية كما اقترح التنصيص على تخصيص جزء بسيط جدا في الميزانية التكميلية لهذه السنة لمعالجة جرحى الثورة. مشددا على أن الاهتمام بملف الشهداء والجرحى مسؤولية وطنية وفي مقدمتها الحكومة المؤقتة.
– صلاح الدين الزحاف (مستقل) قال بأسلوب يحمل الكثير من السخرية أن الحكومة في نظره لم تبدأ في العمل بالرغم من مرور 100 يوم على تسلمها مقاليد السلطة والتسيير ملاحظا أنه لا تزال تتأمل في الأوضاع وبصدد تشخيص الوضع في البلاد.
وأكد أنه يعيب على حكومة حمادي الجبالي أنها لم تشرع بعد في العمل والحال أن هناك العديد من الملفات والمسائل العاجلة على غرار المواضيع الاقتصادية الحارقة، مشيرا إلى أن تشخيص الأوضاع دام أكثر من اللزوم. وقال إنه لم يلتمس أي نقطة إيجابية في الحكومة المؤقتة مبرزا من ناحية أخرى "وجوب الوقوف بجانب الحكومة ومساعدتها من أجل إنقاذ البلاد وتأمين المرحلة الانتقالية".
– ضمير المناعي (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) أكد أن أداء الحكومة الحالية "كان بالإمكان إنجاز أفضل مما كان" واعتبر أن المسألة الأمنية والتي تعتبر في الظرف الراهن الذي تمر به البلاد لم يقع حسب رأيه فيها الحسم فيها بصفة جذرية ولم يقع اتخاذ قرارات هامة تقطع مع الانفلاتات الأمنية التي تحصل من وقت لآخر، مشيرا إلى 100 يوم تعد مدة زمنية طويلة من أجل توفير الاستقرار الأمني خاصة.
النقطة الثانية التي ركّز عليها النائب تتمثل في عدم الحسم وبسرعة في الملف الاقتصادي والاجتماعي وخاصة التشغيل إذ لم يقع أخذ القرارات البارزة في هذا الملف وعاب على الحكومة أنها أخذت وقتا طويلا أكثر من اللزوم في تمحيص المسائل المتعلقة بالتشغيل في حين أنه كان بالإمكان الإعلان عن إجراءات سريعة في المجال للتخفيف من حدة التوتر الاجتماعي المتسبب فيه ملف التشغيل والمناظرات في القطاع العمومي.
وبخصوص النقاط الإيجابية التي تُحسب لحكومة الجبالي على حدّ قوله أن الوضع العام في البلاد بدأ يستقر نسبيا من منطلق الشرعية القانونية للحكومة المنتخبة، ملاحظا أن قراراتها تتسم بالشرعية وليست مؤقتة إلى جانب استقرار الإدارة التونسية وإجمالا الخروج من الوضع المؤقت إلى الوضع الشرعي، وهو أمر إيجابي وهو ما يخول لها البعد التفاوضي مع الأطراف الاجتماعية في الداخل وكذلك مع الشركاء الأجانب.
|
مهدي الزغلامي |