خطير: 65 بالمائة من الشباب الذي استقطبته الجماعات الارهابية في تونس لم يتجاوزوا الـ19 سنة

 

يتراوح سن حوالي 65 بالمائة من الشباب المستقطب من طرف التنظيمات الإرهابية في تونس، بين 17 و 19 سنة، وفق دراسة قدمتها، اليوم الجمعة، الطبيبة النفسية المختصة في المراهقة، ليليا بوقرة، في إطار المنتدى الذي نظمته، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) حول “دور السياحة الثقافية في مكافحة ظاهرة الإرهاب لدى الشباب” بمقر المنظمة بتونس.

ولفتت الطبية الى نتائج دراسة حول الجوانب الصحية و النفسية والاجتماعية للمراهقين المسجونين من أجل الإرهاب، شملت نحو 200 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 13 و 25 سنة، اعتقلوا من أجل أعمال إرهابية وتمت محاورتهم إما بسجن المرناقية أو بأحد أماكن الاحتجاز (بوشوشة) مشيرة الى أن هذه الدراسة تدق ناقوس الخطر باعتبار أن التنظيمات الإرهابية تسعى الى التشبيب في صفوف مستهدفيها للقيام بالعمليات الإرهابية.

وأوضحت الإخصائية النفسية أنها لاحظت تورط طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات في مخطط إرهابي ذاكرة أن الإرهاب يستخدم الذكور في الخط الأمامي، في حين تستغل الفتيات عادة في مجال الخدمات اللوجستية أو كمرافقة.

وشددت الدكتورة على أن هذه النتائج تتطابق مع ما ورد في نتائج الدراسات المنجزة في العالم، مبينة في هذا الإطار، أن الشاب عادة ما يجد نفسه إما مراهقا فاشلا في الدراسة وعاطلا عن العمل ولديه الكثير من وقت الفراغ والتسيب مما يمكن أن يعرضه إلى الإغراء والإنحراف، أوشاب يتمتع بزاد ومنهج علمي كبير وأكاديمي يمكنه من القيام بدور مهم في الخدمات اللوجستية في العمليات الإرهابية.

وأظهرت الدراسة أن 85 % من الشباب المستهدف ينتسبون إلى عائلات محدودة الدخل أو ضعاف الحال وهو ما يتطابق أيضا مع البيانات الموجودة في الدراسات العالمية.
“هذه المعطيات وغيرها دفعت الألكسو الى طرح مسألة “دور السياحة الثقافية في مكافحة ظاهرة الإرهاب لدى الشباب” على طاولة النقاش، وفق مديرة الثقافة بالمنظمة، حياة القرمازي التي أضافت أن هذا اللقاء يندرج في إطار مشروع “طريق الأمويين” أو “المسلك الأموي” وهو مشروع يمثل ثلاث قارات ويموله برنامج “التعاون عبر الحدود” الذي وضعته “الآلية الأوروبية للجوار والشراكة” التابعة للإتحاد الأوروبي.

ويهدف مشروع المسلك الأموي الذي يشمل سبع دول متوسطية هي إسبانيا والبرتغال وإيطاليا من الضفة الشمالية للمتوسط ومصر وتونس ولبنان والأردن من الضفة الجنوبية والشرقية، حسب ما أفادت به القرمازي في تصريح لوات، الى “استحداث “طريق سياحي” عابر للحدود يتكون من مسارات محددة داخل كل بلد من البلدان المشاركة في المشروع يجمع بينها قاسم مشترك يتمثل في التراث الغني الذي خلفته الدولة الأموية خلال فترة توسعها على طول سواحل البحر المتوسط”
وذكرت أن خطة المشروع تتضمن تنظيم أنشطة منسقة في دول ضفتي المتوسط المنخرطة في هذا المشروع لتقديم منتوج سياحي يقوم على أساس التراث الثقافي والحضاري المشترك بينها.

وشددت المتدخلة على أن “الثقافة العربية رغم ثقلها التاريخي وعمقها الإنساني وانفتاح شعوبها على الثقافات الأخرى أخذا وعطاء، تعيش في الوقت الراهن مأزقا حادا يكمن في عجزها عن مواكبة التحولات العالمية المتسارعة بفعل العولمة” معتبرة أن الحلقة الأضعف في منظومة مكافحة الإرهاب في الدول العربية هي الثقافة، وفق تقديرها.

واعربت مديرة الثقافة بالألكسو عن أملها في أن تعتمد الدول العربية في مقاومة التطرف على الثقافة باعتبارها وسيلة لتهذيب النفوس وتحقيق الاستقرار النفسي للشباب حتى لا يكونوا عرضة للإرهاب قائلة : “نحن ما زلنا لا ندري إن كانت الثقافة غائبة أو مغيبة في المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية، إذ أنه من المفارقات أن تمتد أيادي التطرف والعنف الى معاداة الفنون وكل ضروب الجمال وطمس المعالم الأثرية والتاريخية وتدمير الشواهد الدالة على عراقة التاريخ مقابل إتقان فن واحد هو فن الدعوة الى الموت” .

وأكدت على ضرورة الوعي بالتبادل الثقافي الذي يعد أحد أهم التأثيرات الإيجابية للسياحة الثقافية التي تساهم في البناء العمراني والاقتصادي للبلدان وفي إبراز مكوناتها عن طريق التعريف بالآثار والمواقع السياحية والثقافية والدينية… داعية الى توفير فرص الاستفادة من التلاقح الثقافي لدى الشباب من خلال “العمل على إعداد خطط متكاملة لحماية البلدان العربية وشعوبها وخاصة شرائها الشبابية من التطرف والانغلاق فضلا عن السعي لتوفير إمكانيات السفر وفق شروط مناسبة ماديا ومعنويا وزمنيا”، على حد تعبيرها .

ومن جهته، اقترح المدير العام للمرصد الوطني للشباب، محمد الجويلي أن يتم التركيز على ثقافة “التطوع” التي تخصص لها الدول المتقدمة ميزانيات هامة بهدف تحفيز الشباب على الإنخراط في المجال التطوعي.

وبحسب آخر إحصائيات المرصد الوطني للشباب فإن أقل من 1 بالمائة من الشباب في تونس منخرطون في مشاريع ثقافية تطوعية، وفق الجويلي.
وبين المسؤول أن ثقافة التطوع تجعل الشاب يتحرك داخل أنساق ثقافية مفتوحة تقبل التعديل وتمكنه من اكتشاف الجانب المتعدد فيه مذكرا في هذا السياق بأدب الرحلات الذي مكن من اكتشاف ثقافات مختلفة مستدلا على ذلك بمسالك “طريق الحرير” و”طريق الذهب” وغيرها ، مقابل ما يكرسه الإرهاب من ثقافة الإنغلاق ونبذ الآخر.

أما المؤرخ والأثري، فوزي محفوظ فقدم بدوره صورا من التعايش والتواصل الحضاري في إفريقية في العصر الإسلامي الأول ليخلص الى أن “الأجداد والأسلاف كانوا أكثر انفتاحا مما نحن عليه اليوم” نافيا لوجود أي قطيعة مع الإرث الحضاري مؤكدا على عملية التواصل بين الماضي والحاضر.

وضرب محفوظ مثلا ما تم العثور عليه، في تونس، من نقائش لاتينية “تجاوز عددها ما عثر عليه في أوروبا”، وفق تقديره. وقال : “لم تقع الأسلمة بالقوة ولا فرض اللغة على أهل البلاد بدليل وجود عديد الكنائس والآثار الأخرى مثل العملة اللاتينية التي تعد تعبيرة رسمية من تعبيرات نظام الحكم”
وبحسب الباحث فإن منطقة حيدرة وحدها تضم حوالي 7 كنائس كما أن العملة في عهد موسى بن نصير كانت مكتوبة بأحرف لاتينية. والمتأمل في المعمار يجد أن إحدى اللوحات الموجودة في محراب جامع “عقبة بن نافع” تزينها نقيشة لاتينية، أكد نفس المصدر على عدم المس منها.

هذه الشواهد تدل على فكرة التواصل بين الماضي والحاضرالتي تساهم السياحة الثقافية في الكشف عنها وترسيخها لدى الشباب، وفق تأكيد جل المتدخلين في منتدى الألكسو حول “دور الثقافة السياحية في مكافحة ظاهرة الإرهاب لدى الشباب”.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.