تونس-مشاريع في الطاقة: مستثمر تونسي يصطدم بالرفض واللامبالاة

تحتفل تونس باليوم الوطني للتحكم في الطاقة يوم 7 أفريل من كل عام. ويترجم هذا الاحتفال حرص الحكومة على ترسيخ ثقافة التحكم في الطاقة والتوجه نحو الطاقات البديلة. لكن من المفارقات الغريبة أن عديد الأطراف وفي مقدمتها مؤسسات وطنية وعمومية لم تواكب هذه المستجدات

تونس-مشاريع في الطاقة: مستثمر تونسي يصطدم بالرفض واللامبالاة

 
 

تحتفل تونس باليوم الوطني للتحكم في الطاقة الموافق يوم 7 أفريل من كل عام. ويترجم هذا الاحتفال حرص الحكومة على ترسيخ ثقافة التحكم في الطاقة وترشيد الاستهلاك والتوجه نحو الطاقات البديلة والأقل كلفة وتوظيف التقنيات والتكنولوجيات الجديدة ذات النجاعة الطاقية العالية.

 

لكن من المفارقات الغريبة يبدو أن عديد الأطراف وفي مقدمتها مؤسسات وطنية وعمومية لم تواكب هذه المستجدات، بل إنها ترفض التقنيات الجديدة والمستحدثة في مجال النجاعة الطاقية التي أثبتت جدواها على الصعيد العالمي.

 

ما قادنا لإثارة هذه المسألة المحيّرة والغريبة هو معاناة مستثمر تونسي يدعى لطفي العياري الذي قضّى نحو 20 سنة في إسبانيا يشتغل كمهندس ميكانيكي وهو أيضا ممثل تجاري لشركة إسبانية مختصّة في صنع وتركيب فوانيس مقتصدة عالية الجودة والنجاعة تعرف باسمLed)   (Light Emitting Diode ، وهي صنف من الفوانيس المقتصدة للطاقة وبإمكانها أن تدوم حوالي 20 سنة وذات نجاعة طاقية عالية وهي لا تتحطّم أو تتكسر بسهولة على عكس الفوانيس العادية.

 

حكاية لطفي العياري أو بالأحرى معاناته انطلقت منذ 2007 لمّا عاد إلى تونس وكله تفاؤل وحماس بأن يقدّم مشروعا يخدم به مصلحة البلاد ويواكب التطورات التكنولوجية الحديثة والعالمية في مجال التحكم في الطاقة.

 

وقد صرّح لنا بأنه عرض على شركة نقل تونس (Transtu ) تجربة نموذجية لتجهيز حافلتين تعمل بفوانيس « LED » عوضا عن الفوانيس العادية.

 

وبالفعل تمّ قبول الفكرة وتمّ تركيب هذه الفوانيس على الحافلتين 14 و64 اللتين تشتغلان على خطّ باب الخضراء وحي التحرير منذ 6 أشهر. وظلّ في الأثناء يراقب التجربة بمفرده ويتحوّل يوميا إلى مستودع الشركة بالشرقية للحرص على تشغيل الحافلة، لكنه عبّر لنا عن استغرابه واندهاشه من التعطيلات التي تتعرض له تجربته من تهاون وعدم مبالاة بعض المسؤولين، الذين يتعلّلون بوجود أعطاب على هذه الحافلة، على حدّ قوله.

 

اندهاش واستغراب لطفي العياري تواصل لما اكتشف أنه هناك من يعرقل التجربة بتعمّد تحطيم هذه الفوانيس وفي كل مرة يضطرّ إلى استبدال الفوانيس حتى تنجح التجربة.

 

من جهة أخرى، عبّر محدثنا عن أسفه الشديد من غياب المعلومة الواضحة والصحيحة من طرف الشركة إذ أنه طالب بعض المختصين والمسؤولين بمدّه بمعطيات حول عدد الفوانيس التي يتمّ استبدالها سنويا سواء من جراء التكسير الناجم عن الحوادث أو انتهاء مدّة صلوحية الفوانيس.

 

علاوة على فاتورات استهلاك التنوير في المستودعات والمآوى والإدارات التابعة للشركة حتى يقوم بدراسة جدوى كاملة لتركيب فوانيس « LED » واختبار الأصناف الملائمة لكل منطقة ودرجة التنوير المطلوبة بعد القيام بالاختبارات اللازمة في إسبانيا، لكن "لا حياة لمن تنادي" ، إذ لم يجد على مستوى الشركة آذان صاغية وظلّ يتخبّط بمفرده ويقوم بمتابعة التجربة.

 

وأفادنا في هذا الإطار بأنه بشهادة العاملين في محطة باب الخضراء وبعض السائقين اعترفوا له بالجدوى وبالإضافة اللتين تحققتا لما تمّ تركيب هذه الفوانيس الجديدة على مستوى جودة الإنارة الداخلية وحتى الخارجية، إذ بالإمكان مشاهدة الحافلة على بعد عشرات الأمتار علاوة أن بعض المراقبين أصبحوا يراقبون تذاكر الحرفاء داخل الحافلة في الليل من دون اللجوء إلى مصابيح بدوية.

 

وأكّد محدثنا أن هذا الصنف من الفوانيس يدوم ما بين 70 و100 ألف ساعة بمعدّل اشتغال 12 ساعة في اليوم وهو ما يعطي مدة اشتغال تساوي حوالي 20 سنة، في حين أن الفوانيس العادية يتمّ استبدالها حسب قوله حوالي 20 مرة في العام. واعتبر أن الحافلة الواحدة تستهلك معدل 435 واط طاقة كهربائية للتنوير في حين أن فوانيس « LED » تستهلك طاقة كهربائية بنحو 97 واط.

 

وأسرّ لنا بأنه ينوي أيضا القيام بتجربة مماثلة في المترو الخفيف بتجهيزه بمثل هذه الفوانيس للتقليص من استهلاك الطاقة الكهربائية للمترو من 1600 واط المنجرة من التنوير العادي الى 300 واط فقط بعد تركيب فوانيس « LED ». وأشار في هذا السياق إلى أن الشركة الإسبانية التي يمثلها في تونس قامت بتجهيز مترو مدينة فالنسيا وعرفت التجربة نجاحا كبيرا.

 

لطفي العياري أعلن أنه في حالة الحصول على سوق تجهيز أسطول الحافلات العمومية المقدر بحوالي 4 آلاف حافلة سيقوم بإنجاز وحدة لتصنيع وتركيب فوانيس « LED » في تونس وهو ما سيساهم في نقل هذه التكنولوجيا الجديدة إلى تونس وتوفير مئات مواطن الشغل المباشرة. فهل سيحظى هذا المشروع باهتمام المسؤولين إذا ما تبينت جدواه؟

 

م.م

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.