تونس: هل ستهتم الدولة بقيس نسب المشاهدة التلفزية؟

نظّم موقع webmangercenter.com مائدة مستديرة بعنوان “قياس نسب المشاهدة في تونس”، استطاعت أن تجمع كبار الساحة الإعلامية ومكاتب قياس توجهات الرأي العام والمتدخلين في مجال التسويق والإشهار لطرح موضوع قياس نسب المشاهدة التلفزية، الذي أثار جدلا كبيرا، على النقاش

تونس: هل ستهتم الدولة بقيس نسب المشاهدة التلفزية؟

 
 

يعتمد المستشهرون (les annonceurs) على معطيات إحصائية واستبيانية تنشرها مكاتب مختصّة حتى تساعدهم على أخذ قراراتهم ووضع تخطيطهم الإشهاري واختيار وسائل الإعلام الأكثر اجتذابا للمشاهدين و المستمعين والقراء، لوضع إعلاناتهم فيها.

 

ويوجد في تونس عدد قليل من المكاتب المختصّة في سبر الآراء المتعلقة بنسب المشاهدة والاستماع ومن بينها "سيغما للاستشارة" لحسن زرقوني و"ميدياسكان" التي تديرها هناء الشريف.

 

وهي مكاتب تنشر بانتظام نتائج قياس نسب المشاهدة التلفزية. وكل مرّة تضع هذه المكاتب قناة نسمة في الصف الثالث قبل قناة 21 على قائمة التلفزات الأكثر مشاهدة، التي تتنافس على صدارتها قناة حنبعل وقناة 7، بحسب النتائج التي تظهرها "سيغما للاستشارة" أو "ميدياسكان".

 

لكن قناة نسمة تطعن في صحة هذه النتائج وتشكك فيها، قائلة إن نسبة مشاهدتها أعلى بكثير مما تظهره نتائج هذين المكتبين. وتتهم مكاتب الدراسات بعدم الموضوعية والحرفية.

 

وحتى قناة حنبعل نفسها تطعن في صحة النتائج. ويقول حبيب نصرة عن قناة حنبعل إنّ هامش الخطأ في التحقيقات الميدانية التي تجريها المكاتب مرتفع جدا.

 

وأضاف أنّ قناة حنبعل رفعت منذ سنوات قضية عدلية في الصدد وطالب بتكليف المعهد الوطني للإحصاء بتحمل مسؤولية قياس نسب المشاهدة، لكن المعهد رفض هذه المهمة.

 

ومؤخرا، احتدم النزاع بين قناة نسمة ومكاتب الدراسات المختصّة في نسب المشاهدة، حتى أنّ المسألة بلغت إلى الرئيس الدولة زين العابدين بن علي الذي استدعى رئيس المجلس الأعلى للاتصال عبد الباقي الهرماسي للنظر في عمل المجلس، الذي كان يمكن أن يكون الأداة المثلى والحيادية لقياس نسب المشاهدة أو الاستماع بين وسائل الإعلام التونسية دون إثارة أي ضجة أو جدل.

 

وبما أنّ قطاع الإشهار يدر الكثير من المال على أصحاب وسائل الإعلام الخاصة فإنّ الإشارة إلى ضعف نسب المشاهدة في قناة ما أو في إذاعة ما من شأنه أن يؤثر على قرار المستشهرين بشأن توجيه الإعلانات إلى مؤسسة إعلامية دون غيرها، وهو الشيء الذي قاد نبيل قروي صاحب نسمة إلى إعلان "الحرب" على مكاتب الدراسات المختصة في قياس نسب المشاهدة، مشككا في صحة نتائج دراساتهم الاستبيانية التي قد تضرّ بعائدات قناة نسمة.

 

وبما أنّ الموضوع أثار جدلا كبيرا نظم موقع webmangercenter.com مائدة مستديرة عنوانها "قياس نسب المشاهدة في تونس"، استطاعت أن تجمع كبار الساحة الإعلامية ومكاتب قياس توجهات الرأي العام وغيرها من المتدخلين في مجال التسويق والإشهار والصحافة ونجح اللقاء الفكري في لمّ شمل كل الفرقاء حول طاولة واحدة لطرح الموضوع للنقاش والخروج بنتيجة.

 

وأرادت الندوة حسب القائمين على تنظيمها رصد مقترحات كل المتدخلين في قطاع الإعلام السمعي البصري ومكاتب التسويق والإشهار والإحصاء للنهوض بمعايير قياس نسب المشاهدة في تونس حتى يأخذ كل ذي حق حقه سواء كان تلفزة أو إذاعة ومن ثمة وضع حد للجدل القائم حاليا بشأن مصداقية النتائج التي تنشرها مكاتب قياس توجهات الرأي العام، والتي لها "تأثير قوي" على توجهات المستشهرين واختياراتهم للقنوات والإذاعات الأكثر مشاهدة أو استماعا لوضع إعلاناتهم الإشهارية، حسبما يقوله البعض.

 

ولم يخلو هذا الاجتماع من توجيه التهم كالعادة من قبل مدير قناة نسمة نبيل قروي إلى مكاتب الدراسات "سيغما للاستشارة" و"ميدياسكان" معتبرا أنّ الوسائل المعتمدة في قياس نسب المشاهدة لهذين المكتبين ليست علمية أو موضوعية ولا يمكن الوثوق بصحتها.

 

وخلال مداخلته، اتهم قروي مدير "سيغما للاستشارة" حسن زرقوني بالكيل بالمكيالين بدعوى أنه يمتلك مكتب تسويق يعمل لحساب العديد من المستشهرين (من بينهم وسائل إعلام)، وفي نفس الوقت يقوم برصد آراء المواطنين حول مشاهدتهم للقنوات التلفزية، وهو ما قد يولد تضاربا في المصالح، حسب نبيل قروي.

 

لكن حسن زرقوني نفى هذا الاتهام واعتبر أنّ مكتبه يقوم بقياس نسب المشاهدة بطريقة موضوعية وشفافة اعتمادا على معايير معترف بها ومعمول بها وهي تقوم على جمع المعلومات الميدانية عن طريق الاستبيانات في الأحياء وفي الشوارع ومباشرة في البيوت وعن طريق الهاتف، وذلك اعتمادا على عينات متفرقة بين تونس الكبرى وسوسة وصفاقس.

 

وتوافقه في الرأي حانا الشريف المديرة العامة لـ"ميدياسكان". وتقول إنّ الوسائل المعتمدة في سبر الآراء وقياس نسب المشاهدة متطابقة مع المعايير المعمول بها عالميا، وهي تقوم على تحقيقات ميدانية يجريها المكتب مع عينة تمثل مختلف شرائح المجتمع التونسي بطريقة موضوعية.

 

من جهة أخرى، أشارت إلى أنّ اعتماد الصناديق الإلكترونية لقياس نسب المشاهدة يتطلب إمكانيات ضخمة وإرادة قوية من قبل المتدخلين في قياس توجهات الرأي العام.

 

وأكدت أنّ هذه الطريقة ليست مجدية أكثير من الوسائل المعتمدة حاليا. لكنها في المقابل اعترفت بوجود هامش خطأ في الدراسات التي يقوم بها مكتبها دون أن تحدد هذا الرقم.

 

من جهته، قال حبيب نصرة باعث قناة حنبعل إنّه يتفهم سبب غضب مالك قناة نسمة نبيل قروي، مذكرا بأن قناة حنبعل تعرضت في السابق إلى نفس الشيء الذي تشهده حاليا قناة نسمة.

 

وحاول الأستاذ في الصحافة رضا النجار وصاحب مكتب إستشاري في الإعلام أن يهدأ من حدّة الحوار، واعتبر أنّ النقاش يجب أن ينحسر في الخروج بميثاق شرف للمهنة وبمقترحات عملية من قبل المهنيين للنهوض بهذا القطاع، داعيا إياهم إلى تأسيس هيئة مستقلة تشرف على قياس نسب المشاهدة.

 

لكن يبقى طلب نبيل القروي هو الأبرز خلال هذه المائدة حينما دعا الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها لتنظيم مجال قياس نسب المشاهدة التلفزية، وهو مطلب لقي صداه عند حبيب نصرة الذي طالب هو الآخر بمنح صلاحية اقوى للمجلس الأعلى للاتصال لمراقبة نتائج مكاتب الدراسات المختصة في سبر الآراء.

 

خ ب ب

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.