هل سيقع إلغاء برنامج التخصيص؟

من ضمن البرامج التي لقيت في العهد السابق معارضة شديدة من اتحاد الشغل وبعض الخبراء الاقتصاديين وكذلك العمّال والشغالين، برنامج التخصيص الذي انطلق منذ أواخر الثمانينات والذي بلغ ذروته في العشرية الأخيرة من خلال التفويت في العشرات من المؤسسات والمنشآت العمومية في القطاعات الصناعية والسياحية والخدماتية بصفة نهائية أو فتح رأس المال…



هل سيقع إلغاء برنامج التخصيص؟

 

من ضمن البرامج التي لقيت في العهد السابق معارضة شديدة من اتحاد الشغل وبعض الخبراء الاقتصاديين وكذلك العمّال والشغالين، برنامج التخصيص الذي انطلق منذ أواخر الثمانينات والذي بلغ ذروته في العشرية الأخيرة من خلال التفويت في العشرات من المؤسسات والمنشآت العمومية في القطاعات الصناعية والسياحية والخدماتية بصفة نهائية أو فتح رأس المال.

وتمّ انتهاج برنامج التخصيص مثلما هو معلوم في نطاق التفتح الاقتصادي الذي أقدمت عليه تونس بمساندة من البنك العالمي الذي نصح الدول النامية والصاعدة بضرورة اتباع اقتصاد السوق  وتحرير القطاع الخاص بعمليات التخصيص.

ولقد تبجّح النظام السابق بهذا البرنامج الذي تم اعتباره مفخرة من مفاخر العهد البائد من حيث النتائج الباهرة التي تم تحقيقها منة خلال رقم المعاملات التي وقع تحقيقها بعد التخصيص وانتداب الإطارات.

 

غير أنّ العديد من العمال والشغالين وبعض الخبراء الاقتصاديين اعتبروا أن الوضعية مُغايرة تماما من خلال موجة تسريح العمال الذين رأوا أنهم "اضطهدوا" وأن حقهم هُضم ولم ينالوا حقهم في التعويض بالكامل فضلا عن الأوضاع الاجتماعية المزرية التي آلت إليهم أوضاعهم المادية والصعوبة التي وجدوها في الاندماج من جديد في الدورة الاقتصادية.

تأكيدا على الضبابية التي تحوم حول برنامج التخصيص، إجراء دراستين فقط متفاوتة المدة الزمنية حول تقييم برنامج التخصيص في تونس تم الاقتصار فيها على إظهار النواحي الإيجابية للبرنامج.

 

في مطلع الألفية عرف برنامج التخصيص نسقا تصاعديا تم بموجبه التفويت في العديد من المنشآت العمومية التي تم اعتبارها من اللجان الفنية غير مجدية وبالإمكان أن تضمحل في حالة عدم تخصيصها.

 

 وبالنسبة إلى النتائج العامة للتخصيص منذ 1987 إلى موفى 2009 تم تخصيص 219 منشأة عمومية بقيمة 5976 مليون دينار منها 116 منشأة في شكل تخصيص كُلّي و41 في شكل تصفية و29 في شكل تخصيص جزئي و18 في شكل عمليات أخرى و10 بطريقة فح رأس المال عن طريق بيع عمومي للأسهم و5 منشآت في شكل لزمات.

 

أما بالنسبة إلى برنامج التخصيص لسنة 2010 فقد اقتصر على 12 منشأة عمومية وهو ما يؤكّد أن البرنامج من سنة إلى أخرى أُفرغ من محتواه وأن المنشآت المُراد التفويت فيها بدأ يتراجع بفعل عدم تواجد مؤسسات أومنشآت عمومية قد يقع التفويت فيها.

وللتذكير فإن 12 منشأة عمومية المزمع تخصيصها تتكرر سنويا بسبب صعوبة التفويت فيها.

والسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح في هذا الصدد هو هل سيقع إلغاء برنامج التخصيص في تونس وإيقاف نزيف التفويت في المنشآت العمومية؟

المؤشرات المتوفرة تحيلنا إلى النية تتجه نحو عدم التعويل على البرنامج وذلك على خلفية غياب كتابة الدولة للتخصيص في الحكومة الوطنية المؤقتة الحالية إلى جانب توقف برنامج التخصيص لسنة 2011 لا سيما وأن الموقع الرسمي للبرنامج لم يُدرج إلى حدّ الآن علاوة على الضغوطات الاجتماعية للعديد من العمال الذين طالبوا الحكومة بعد وموجة التسريح جراء الأحداث الأخيرة بضرورة استعادة الدولة لبعض المنشآت العمومية التي تم تخصيصها.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.