تونس- مية الجريبي للمصدر: نرفض اجتثاث التجمعيين وندعو لتحييد المساجد

يمكن تلقيبها بـ”المرأة الحديدية”، التي التزمت بتحديها لاستبداد نظام بن علي وزبانيته من البوليس السياسي. لقد رفعت صوتها عاليا لنبذ الديكتاتورية والتضييق على الحريات وكانت مثالا لنموذج المرأة المناضلة كألف رجل. مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي تتحدث في حوار أجرناه معها عن مواقفها السياسية من بعض المسائل، إليكم الحوار…



تونس- مية الجريبي للمصدر: نرفض اجتثاث التجمعيين وندعو لتحييد المساجد

 

يمكن تلقيبها بـ"المرأة الحديدية"، التي التزمت بتحديها لاستبداد نظام بن علي وزبانيته من البوليس السياسي. لقد رفعت صوتها عاليا لنبذ الديكتاتورية والتضييق على الحريات وكانت مثالا لنموذج المرأة المناضلة كألف رجل. مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي تتحدث في حوار أجرناه معها عن مواقفها السياسية من بعض المسائل، إليكم الحوار:

 

1- ما هو موقفكم من قرار الحكومة بتخفيض مدة إقصاء التجمعيين من الترشح للتأسيسية من 23 إلى 10 سنوات؟

 

نحن أكدنا في السابق أن الحزب الديمقراطي ينحو منحى بناء ثقافة ديمقراطية وأن هذا الإقصاء يأتي في اتجاه التشفي والانتقام وتاسيس سياسة العقاب الجماعي والاجتثاث وهذا يتنافى مع مبادئ الديمقراطية. لكننا طلبنا أن نتجه نحو العدالة الانتقالية والمحاسبة. اعتقد أن قرار الحكومة بتنزيل مدة إقصاء التجمع قرار حكيم لأنه يأخذ بعين الاعتبار نبذ سياسة الاجتثاث لكنه يقصي كل من تورط في الفساد المالي والإداري. قرار الحكومة يأخذ بعين الاعتبار ضرورة القطع مع الماضي ورفض ترشح عدد من التجمعيين الذين تسلموا مسؤوليات وكانوا صناع قرار داخل التجمع وفي تمشي آخر كان هناك نوع من الرفض لسياسية التشفي والعقاب الجماعي. وهذا تمشي سليم ويؤسس إلى الديمقراطية.

 

2- ماهو رأيكم في حلّ حزب التجمع؟ هل تعتبرون أن محاكمته كانت مسيسة؟

 

الأكيد أن المحاكمة كانت مسيسة والأكيد أنها كانت جد متسرعة وكنت أتمنى أن يأخذ القضاء مجراه بترو وأن يشرك الإعلام في متابعة هذه القضية وأن يتابع الرأي العام كل التهم الموجهة ضدّ التجمع ويفهم خطورتها ويفهم مسؤولية كل طرف. هناك مطلب شعبي يجب تفهمه وهو ناتج عن نقمة شديدة على كل من ينتمي إلى هذا حزب التجمع الذي كان لديه دور ومسؤولية في النظام السابق. بالمقابل، كنت انتظر أن يكون هناك قضاء مستقل يعطي لكل ذي حق حقه. وكنت أنتظر أيضا من التجمعيين أن يعلنوا تحملهم للمسؤولية لكن هذا لم يحصل. نحن مع المصالحة ولا يمكن أن تنجح أي فترة إنتقالية دون قضاء انتقالي ودون مصالحة  لكن المصالحة لا يمكن أن تتم على أرضية صلبة إذا لم تكن هناك محاسبة.

 

كان من المفروض على القياديين السياسيين والحقوقيين والقضاء أن يؤسسوا لمبدأ المصالحة.

 

3- كيف تنظرون إلى دور المحامي والقضاء بعد الثورة؟

 

اعتقد أنه على كل فاعل أن يقوم بدوره الذي يضطلع به. المحامي والقاضي دورهما في حماية الثورة هو الدفاع على استقلالية القضاء. هذا هام جدا وأتمنى أن نؤسس له بعد الثورة.

 

4- هناك الكثير من الرموز التي كانت محسوبة على النظام السابق والتي تواجه اليوم اتهامات بارتكاب جرائم قامت بتأسيس أحزابها. ألا تخشون من إعادة تأسيس التجمع على شاكلة جديدة؟

 

أنا أولا مع الحرية وكل شخص ليس لديه تتبع قضائي له الحق في تأسيس حزبه وحتى من في شأنه تتبع اعتقد أن على القضاء العادل والمستقل أن يقول كلمته. نحن لا نخشى من إعادة تأسيس تجمع بثوب جديد لأن الشعب الذي قام بالثورة سيكون حاسما في هذا الأمر. التجمع الدستوري ينتمي للماضي ولا ينتمي للحاضر. الشعب لفظه على المستوى السياسي لأنه عانى من استبداده.

 

5- كيف تقيمون أداء الحكومة الحالية؟

 

الحكومة تواجه تحديات كبيرة جدا في الحقيقة. لا ننكر أن الفترة الانتقالية محفوفة بمخاطر أمنية والمواطن أصبح لا يشعر بالاطمئنان وهناك انفلات مطلبي واعتصامات. لكن ما يحسب للحكومة هو سعيها في استعادة الاستقرار الأمني والاجتماعي ووقع النجاح من الابقاء على حالة من الاستقرار الهش. لكن ما زالت هناك انتهاكات في مجال حقوق الانسان. هناك انتهاكات في الشارع في بعض الأحيان من قبل رجال الأمن في التعاطي مع بعض التحركات وهذا يتطلب مزيدا من التربية الديمقراطية لأعوان الأمن والعمل على إعادة تصور علاقة الأمن والمواطن.

 

7- هل تعتبرون أن الحكومة أحسنت اخيار موعد إجراء الانتخابات يوم 24 جويلية في ظل عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي؟

 

بالتأكيد. نحن في وضع غير شرعي والشرعية الوحيدة هي الشرعية التوافقية لكنها تبقى هشة. التمديد في هذه الفترة هو تمديد لفترة هشة وغير شرعية وهو تمديد للمخاطر المحفوفة بالمجتمع التونسي وسيفقد المواطن ثقته في الأفق السياسي. هناك انشغال كبير من قبل المواطنين على مستقبل السياسي للبلاد. فكلما أخرنا هذا التاريخ كل ازدادت مخاطر تدهور الثقة يحف بالمواطنين وبالمستثمرين. بقد سافرت بعد الثورة إلى فرنسا وإيطاليا وطرحت موضوع الاستثمار والكثير منهم ينتظرون الانتخابات بفارغ الصبر.

 

8- هناك من يقول إن الانتخابات ستتزامن مع فترة اجراء الامتحانات والعطل وأن الناخبين سيذهبون للاقتراع دون دراية كافية ببرامج الاحزاب؟

 

أنا اعتقد أن الشعب أسقط طاغية من أقوى الطغاة في العالم ولن يتأثر لا بالعطل المدرسية ولا بأي وضعية مشابهة ونحن السياسيين علينا أن نضع مصلحة البلاد قبل القول بفرضيات لا تهم مصلحة البلاد في شيء. التونسيون كلهم متعطشون للسياسية ولن يؤثر تاريخ الانتخابات على معرفتهم بالأحزاب. وبالتالي على الأحزاب نفسها أن تقوم بدورها للاقتراب من االمواطن والتعريف ببرامجها.

 

9- هل تعتبرون كثرة الأحزاب في تونس أمر ايجابي أم أن ذلك سيشتت تركيز الناخبين؟

 

هناك تجارب في بعض البلدان ارتفعت فيها عدد الأحزاب بعد ثوراتها إلى أكثر من 200 حزب. هذا شيء ايجابي لأن الكل يشعر في نفسه أن لديه طاقة ليدلي بدلوه في هذا الواقع السياسي الجديد والمشاركة في نحت مستقبل البلاد.

 

شخصيا لا أرى هذا الواقع بسلبية واعتقد أن هناك حركية ضرورية لكن مع الوقت ستتوضح الرؤية حول ما اذا كانت هناك تحالفات بين الأحزاب في المستقبل.

 

10- ما هو موقفكم من استغلال بعض الأحزاب الدينية المنابر الدينية للترويج لحملتها السياسية والانتخابية؟

 

التعريف بالأحزاب وببرامجها شيء لا بد منه حتى يكون التونسي على دراية بهذه الأحزاب. لكن ما أعيبه شخصيا على حركة النهضة هو الترويج لسياستها في المساجد. نحن نطالب كحزب بتحييد المساجد وتحييد المؤسسات التربيوية وتحييد المؤسسة العامة والخصوصية لأن المؤسسة مجعولة للعمل وخارجها يمكن أن نتنافس سياسيا. التعبئة داخل المساجد قضية خطيرة وهي ترفع القدسية عن المساجد وتحيد بدور المؤسسات التربوية.

 

11- هناك من يتهمكم بالتقارب مع التجمعيين؟

 

ربما لأننا وقفنا ضد الاجتثاث. بعد 14 جانفي نحن نسعى لترسيخ قيم ثابتة وكنا من القلائل الذين واجهوا سياسة الاجتثاث والعقاب الجماعي مع محاسبة كل من تورط بالطبع في الفساد وصنع القرار.

 

12- هل دليكم أحزاب سياسية في الساحة تتوافقون معها ويمكن أن تبنوا معها تحالفا في المستقبل؟

 

هناك الكثير من التقاطعات والتقارب ومسألة التجانس بين الأحزاب مطروح بعد الانتخابات.

 

13- تعرضتم في بعض المرات إلى اعتداءات لفظية وواجهتم معارضين لتوجدكم في ولايات كنتم ستعقدون فيها اجتماعاتكم. كيف تعلقون على ما حصل؟

 

هناك أطراف لا تعرف للديمقراطية معنى ومازالت لم تتشبع بمادئ الثورة والحرية والتعددية ولم تستطع أن تلتحم بالمواطنين والشيء الوحيد الذي بقي لها هو مواجهة وإقصاء الآخر باللجوء للعنف. هذه ممارسات آيلة نحو الاندثار وستقف كل الأطراف السياسية والحقوقية في مواجهتها.

 

حاورها خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.