تونس: لامبالاة صارخة في تطبيق قانون الطوارئ الساري المفعول حاليا

تناقضات كبيرة واختلالات متعددة وقانونية تمر بها تونس منذ الثورة انطلاقا من الفصلين الشهيرين للدستورين 56 و57 ومرورا بتعليق الدستور والعمل بالمراسيم وتفويض الصلاحيات للرئيس السلطة وكذلك الجدل الحاصل بخصوص الحاصل حول شرعية العديد من اللجان من عدمها وتموقعها في المنظومة القضائية والقانونية ووصولا إلى قانون …



تونس: لامبالاة صارخة في تطبيق قانون الطوارئ الساري المفعول حاليا

 

تناقضات كبيرة واختلالات متعددة وقانونية تمر بها تونس منذ الثورة انطلاقا من الفصلين الشهيرين للدستورين 56 و57 ومرورا بتعليق الدستور والعمل بالمراسيم وتفويض الصلاحيات للرئيس السلطة وكذلك الجدل الحاصل بخصوص الحاصل حول شرعية العديد من اللجان من عدمها وتموقعها في المنظومة القضائية والقانونية ووصولا إلى قانون الطوارئ في تونس بيت القصيد في مقالنا هذا ومدى شرعية تطبيق هذا القانون من عدمها وغض الطرف عن الخروقات الحاصلة بشأن جدية تنفيذه.

ما قادنا إلى إثارة التجسيم الفعلي تطبيق قانون حالة الطوارئ، هو التضارب الحاصل بين التطبيق وما جاء في القانون عدد4 المؤرّخ في 24 جانفي 1969 والمتعلق بالاجتماعات العامة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر من أبواب وفصول تتصل بهذا القانون.

المتابع للشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية في مختلف ربوع البلاد يلاحظ بالتأكيد انعقاد العديد من التظاهرات والاجتماعات ذات البعد السياسي والثقافي والرياضي.

وبقدر ما نتفهّم العودة السريعة والمُلحّة لمثل هذه التظاهرات كمؤشر بارز واضح على الرغبة القوية في استعادة النسق العادي لمجمل دواليب البلاد ورسالة واضحة للأجانب وخاصة السياح على أن الأمور عادت إلى نصابها، فإن الملفت للانتباه والجدير بالملاحظة أن هذه التظاهرات ومن وجهة نظر قانونية صرفة تبدو غير قانونية ومخالف لروح القانون عدد4 السالف الذكر.

وحسب ما تضمنه هذا القانون فإن هناك فصول لا تتطابق ولا تتماشى وما نشاهده في المدة الأخيرة من تحركات وتظاهرات وتجمهر سواء على مستوى طرق التنظيم أو حتى الترخيص المسبق.

فقد نصّ الفصل من القانون المذكور على أن كل اجتماع عام يسبقه إعلام ينصّ على مكانه ويوم ساعة وقوعه والحال في مثل هذه الوضعية وما نشاهده من اجتماعات عامة في كامل ساحات البلاد غير مرخص لها من دون سابق إعلام بدليل وعلى الأقل ما نلاحظه في العاصمة من حركات تجمهر وتظاهرات بشتى أنواعها ومظاهر احتجاجية تكاد تكون يومية.

وللتأكيد على التضارب الحاصل بين ما هو معمول به في هذا القانون وما هو مُمارس ومُعاش، ما تضمّنه الفصل الخامس من أنه يجب أن يكون لكل اجتماع هيئة مسؤولة تتألف من 3 أشخاص على الأقل وتتعهد بحفظ النظام أما الفصل السادس والذي نراه مثيرا للجدل، فقد ألزم أن يقع تعيين موظف من طرف مصالح الأمن ليحضر الاجتماع العام وله الحق في الإعلان عن توقيف غير أن ما نصّه القانون وما يقع العمل به في هذا الوقت أمر لا يستقيم وغير مفهوم على خلفية اعتبار أن حضور موظف من طرف مصالح الأمن للاجتماعات العامة يعتبر في نظر المنظمين تنصّتا ومراقبة من أجهزة الأمن وعلى حدّ علمنا فقد تم "إلغاء البوليس السياسي".

 ونصّ الفصل الثامن من هذا القانون"القديم" بصريح العبارة "لا يمكن عقد اجتماعات عامة بالطريق العام" والحال أم كامل ساحات البلاد تعجّ منذ الثورة بالاجتماعات العامة والحلقات في الساحات العمومية وفي كل الشوارع تقريبا على مرأى ومسمع من الأمن.

ولإظهار الخلل الحاصل والتضارب الصارخ في قانون الطوارئ المعمول به إلى حد الآن في تونس، ما تضمّنه الفصل 13 في الباب الثالث المتصل بالتجمهر بالطريق العام، فقد حجّر هذا الفصل التجمهر بالطريق العام أو بالساحات العمومية، وفي هذا الإطار فإن أغلب ساحات البلاد تعرف العديد من التجمعات والتي سرعان ما تتحوّل إلى مظاهرات ومصادمات بين المحتجين وقوات الأمن.

على ضوء ما تقدّم فإن ما يمكن التأكيد عليه، وجوب إجراء تحوير جذري لقانون الطوارئ وملائمته مع التطورات الحاصلة في البلاد وخاصة النظر في إمكانية سحبه وإبطال العمل به سيما وأن مضامينه وفصوله المُلزمة لا يقع العمل بها وتطبيقها وفق ما يتم مشاهدته من عقد اجتماعات وتظاهرات وتجمهر في خرق واضح وصريح لحالة الطوارئ التي عليها البلاد الآن.

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.