هل تسقط جرائم التعذيب المرتكبة من بن علي وجلاديه بمرور الزمن ؟

إضافة إلى القضايا التي رفعها بعض المحامين ، بادر عدد كبير من المواطنين في المدة الأخيرة إلى رفع قضايا أمام المحاكم ضد الرئيس المخلوع وعدد من وزرائه ومسؤولي حكومته في العهد البائد …



هل تسقط جرائم التعذيب المرتكبة من بن علي وجلاديه بمرور الزمن ؟

 

إضافة إلى القضايا التي رفعها بعض المحامين ، بادر عدد كبير من المواطنين في المدة الأخيرة إلى رفع قضايا أمام المحاكم ضد الرئيس المخلوع وعدد من وزرائه ومسؤولي حكومته في العهد البائد .

وقد تنوعت مواضيع هذه القضايا ، لكن يبدو أن أهمها كان متعلقا بموضوع التعذيب.

فقد رفع  مؤخرا عدد ممن دخلوا السجن في عهد بن علي بسبب قضايا "سياسية" و قضايا الرأي دعاوى في التعويض المادي والمعنوي عما تعرضوا له من تعذيب وتنكيل داخل السجون التونسية . كما رفعوا قضايا موازية للمطالبة بتسليط العقوبات اللازمة على مرتكبي هذا التعذيب وهم عادة رئيس الدولة ووزراء الداخلية والمسؤولين السابقين بوزارة الداخلية إضافة غلى كل من سيكشف عنه البحث.

وكان هذا التعذيب يتم داخل زنزانات وزارة الداخلية أو في مراكز الإيقاف ويقع تنفيذه – حسب شهادات من تعرضوا له – بطرق ووسائل بشعة للغاية مثل الضرب المبرح على الأيدي والأرجل والرأس والأعضاء الحساسة من الجسد وكذلك استعمال الماء البارد أو الساخن والصعقات الكهربائية والتعليق في سقف الغرفة وغيرها وكل ذلك قصد إجبار المتهمين على الاعتراف  بجرائم ارتكبوها أو لم يرتكبوها أصلا. وهو ما يتنافى مع أبسط الحقوق الانسانية التي تنص عليها المعاهدات الدولية ومواصيق حقوق الانسان.

وكان المساجين السياسيين أو مساجين الرأي أو التعبير هم الأكثر عرضة لمثل هذه الممارسات . وقد وصل الأمر ببعضهم حد التعرض لإعاقات دائمة  أو لإصابات جسدية بليغة لا تزال آثارها إلى اليوم أو لأزمات نفسية حادة .

ويخاف المتقدمون بهذه القضايا اليوم من إمكانية مجابهة القضاء لهم بمبدأ سقوط الدعوى بمرور الزمن . حيث ينص الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية على أن  الدعوى العمومية بالنسبة للجنايات (وهو حال جرائم التعذيب ) تسقط بمرور 10 أعوام  ابتداء من يوم وقوع الجريمة .

غير أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية  التي صادقت عليها تونس سنة 1988 تنص على أن التتبع من أجل جرائم التعذيب لا يسقط بمرور الزمن .

وهذه الاتفاقية سيستغلها محامو الشاكين بما أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية هي أعلى شأنا من القوانين الداخلية .

كما أفاد بعض المحامين أن هناك نية للاعتماد على الفقرة 2 من الفصل 5  من مجلة الاجراءات الجزائية الذي ينص على أن مدة السقوط  يعلقها كل مانع قانوني أو مادي يحول دون ممارسة الدعوى العمومية .

ذلك أن المتقدمين اليوم بهذه الشكايات في التعويض وفي معاقبة مرتكبي التعذيب كان أمامهم مانع مادي للقيام بالدعوى وهي إما الوجود في السجن أو المتابعة اللصيقة التي كانت مضروبة عليهم والتهديدات التي كانت محيطة بهم  بعد خروجهم من السجن والتي منعتهم من رفع دعاوى .

إذ لو تجرأ أحدهم ورفع قضية في التعذيب ، في السنوات الماضية، ضد الرئيس السابق أو أحد وزرائه أو أحد مسؤولي وزارة الداخلية ،  فإن مصيرا أسوأ  كان ينتظره وينتظر عائلته وبالتالي فإن هذا التهديد يعتبر في رأي المحامين مانعا ماديا حال دونهم ورفع الدعوى
ويستنتج المحامون تبعا لذلك أنه لا يمكن في هذا المجال الأخذ بعين الاعتبار مرور الزمن بل لا بد من تعليق مدة السقوط وتصبح الجرائم وكأنها ارتكبت بالأمس القريب مما يجيز اليوم رفع قضايا في شأنها دون أن يقع تفعيل مبدأ سقوط التتبع بمرور الزمن.

ويأمل المتقدمون بهذه الشكايات في أن يأخذ القضايا بعين الاعتبار هذه الجوانب حتى لا تضيع حقوقهم وحتى لا يتفصى من العقاب بن علي وجلاديه الذين أضاقوا كثيرين مرارة التعذيب والسجن دون موجب .

و.ب.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.