تونس: جحافل الناموس تهاجم المواطنين والمصالح البلدية غارقة في الاعتصامات والإضرابات

الأمر الثابت والمتأكّد أن صائفة 2011 ستكون ساخنة بكل المقاييس والمعايير إذ ستشهد تونس حدثا سياسيا بارزا وقويا يتمثل في انتخابات المجلس التأسيسي المزمع إجراؤه يوم 24 جويلية القادم. فبالتوازي مع ارتفاع حرارة الصراع السياسي ومختلف التجاذبات ستعرف بلادنا نوعا آخر من الصراعات التي لم يُقرأ لها ألف حساب وتتمثل هذه …



تونس: جحافل الناموس تهاجم المواطنين والمصالح البلدية غارقة في الاعتصامات والإضرابات

 

الأمر الثابت والمتأكّد أن صائفة 2011 ستكون ساخنة بكل المقاييس والمعايير إذ ستشهد تونس حدثا سياسيا بارزا وقويا يتمثل في انتخابات المجلس التأسيسي المزمع إجراؤه يوم 24 جويلية القادم. فبالتوازي مع ارتفاع حرارة الصراع السياسي ومختلف التجاذبات ستعرف بلادنا نوعا آخر من الصراعات التي لم يُقرأ لها ألف حساب وتتمثل هذه الصراعات في المسائل الصحية والبيئية المتراكمة والتي بدأت منذ مدة مصر الانزعاج والتذمّر من العديد من المواطنين.

 

منذ أكثر من شهر سجّلت العديد من البلديات في العديد من مناطق البلاد مسلسلا لاعتصامات وإضراب الأعوان البلديين عن العمل ورفع الفضلات التي تناثرت في كل الأنهج والشوارع والأحياء متسبّبة في انبعاث روائح كريهة ومقرفة ومشهدا غير لائق  ولا يتماشى مع توجهات البلاد كوجهة سياحية.

 

ومع ارتفاع درجات الحرارة في الأيام الأخيرة واقتراب الصيف، وفي ظلّ تراكم الفضلات وبرك المياه المتعفنة من بقايا أمطار شهر أفريل الماضي، حلّ "زائر" ثقيل وغير مرغوب فيه بالمرّة وهو الناموس الذي طلّ علينا قبل موعده المعتاد من كل عام بجحافل غفيرة من هذه الحشرة المزعجة بصوتها وعددها الذي لا يُحصى ولا يُعدّ.

 

منذ بضعة أيام بدأ العديد من المواطنين يُعبّرون عن تذمّرهم وقلقهم من انتشار الناموس وفي نفس الوقت التخوّف على الأطفال الصغار والرُضّع ممّا يسبّبه الناموس من بروز انتفاخ لبعض مناطق من البشرة لدى هذه الشريحة العمرية وهناك من أصبح يتحدّث عن تسبب في تعكّر صحّي للأطفال الصغار من جرّاء الناموس.

 

لقد أعاز المواطنون الانتشار المبكّر وغير المنتظر لهذه الحشرة إلى عدم الشروع مبكّرا في عمليات المداواة السابقة في الأودية ومجاري المياه الراكدة والسباخ التي تمثل المصدر الرئيسي لولادة اليرقات المُولّدة لهذه الحشرة، ففي السابق تشرع المصالح البلدية والبيطرية والأجهزة المختصة في العناية بالبيئة بعمليات المداواة منذ شهر مارس مع تأمين عمليات المراقبة.

 

أمّا وقد انشغل أغلب أعوان البلديات والهياكل المتدخلة في المطلبية بالترسيم والترفيع في الأجور وهو مطلب شرعي، لكنّه لا يجب أن يكون على حساب المسائل الصحية والبيئية وعدم معرفة عواقب هذه الأبعاد على صحة المواطن الذي "لا ناقة له ولا جمل" في الصراعات النقابية. هذه الوضعية تُحيلنا إلى ما كنا نادينا به من حيث ضرورة إعداد تشريع جديد عند القيام بالإضرابات يُخوّل تأمين خدمات دنيا لا سيما في القطاعات والمجالات التي لها صلة مباشرة ووطيدة بمصالح المواطنين.

 

ونعتقد أن التنظيف ورفع الفضلات ومداواة الناموس في وقتها المناسب من الخدمات الضرورية واللازمة للمواطنين التي يتعيّن توفيرها من طرف المصالح البلدية، فالمتجوّل هذه الأيام في كامل أنحاء العاصمة والعديد من المناطق الأخرى يصطدم بمشهد تراكم الفضلات وبالخصوص انبعاث الروائح الكريهة التي لم تعد تُطاق بالمرّة فضلا عن أن هذه الفضلات أضحت مصدرا لتكاثر الناموس بأعداد متزايدة.

 

إنّ عدم التصدّي في الوقت المناسب للناموس من خلال المداواة والقضاء على اليرقات قبل أن تتحول إلى ناموس والذي من المفروض أن يكون منذ شهري فيفري ومارس من كل عام، سيجعل المداواة والمراقبة اللاحقة غير مُجدية وهدر للجهود وحتى المداواة التي تتم بحرق بترول الإنارة من خلال تجوّل شاحنات المداواة في الأحياء والشوارع لن تقضي على الناموس، بل ستكون معالجة يومية وليست جذرية للظاهرة.

 

وحرصا منّا على الحصول على المعطيات وما قامت به بلدية تونس على مستوى المداواة والبرامج المزمع إنجازها في هذا المجال، صُدمنا بطلب غريب من المُكلّفة بالاتصال والإعلام ببلدية تونس التي طالبتنا بإرسال فاكس للحصول على المعلومات وتعيين الشخص المناسب للإدلاء لنا بتصريح في الغرض…اعتقدنا أن مثل هذه الممارسات والتعتيم الإعلامي والامتناع عن النفاذ إلى مصادر المعلومات رحلت بعد 14 جانفي غير أن هناك من يبدو أنه يحنّ إلى هذه الممارسات والمعاملات ولكم الحكم!!!

 

محرز الماجري

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.