حزب العمال الشيوعي التونسي يدعو إلى إيجاد صيغة توافقية حول الانتخابات

اصدر حزب العمال الشيوعي التونسي بيانا مطولا حول الأحداث الأخيرة المتعلقة بإرجاء الانتخابات أو بالحفاظ على موعدها في 24 جويلية وقد جاء في البيان …



حزب العمال الشيوعي التونسي يدعو إلى إيجاد صيغة توافقية حول الانتخابات

 

اصدر حزب العمال الشيوعي التونسي بيانا مطولا حول الأحداث الأخيرة المتعلقة بإرجاء الانتخابات أو بالحفاظ على موعدها في 24 جويلية وقد جاء في البيان .

"أعلنت "الحكومة المؤقتة" تمسّكها بتاريخ 24 جويلية القادم موعدا لانتخاب المجلس التأسيسي رافضة بذلك مقترح "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" تأجيل هذا الموعد لشهر أكتوبر القادم لاستحالة تنظيم انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة طبقا للمعايير الدوليّة خلال المدة القصيرة التي ما تزال تفصلنا عن شهر جويلية والتي لا تكفي، حسب تأكيدات "الهيئة" حتى لتوفير الشروط التنظيمية والفنية لتلك الانتخابات.

وإزاء هذا الرفض فإن حزب العمال يتوجه إلى الرأي العام بما يلي:

إن موقف "الحكومة المؤقتة" إزاء مقترح "الهيئة المستقلة للانتخابات" متسرّع وغير معقول ولا يفهم منه إلا كونها تريد التنصل من المسؤوليّة خصوصا وأنها كانت عبرت من قبل عن استعدادها لتأجيل الانتخابات إذا طلبت "الهيئة" ذلك لأسباب "فنّيّة"، فبماذا تبرّر اليوم رفض مقترح "الهيئة" التي تؤكّد استحالة تنظيم انتخابات حرّة ونزيهة إذا وقع التمسّك بموعد 24 جويلية؟ ألا يجوز التفكير في أن هذا الرفض ناتج عن ضغوط بعض الأطراف السياسيّة والماليّة المحليّة والأجنبيّة التي تريد في نهاية المطاف الالتفاف على الثورة وحصرها في مجرّد ترقيع للنظام السابق مستغلة الرغبة المشروعة لقطاعات من المجتمع في الخروج بسرعة من حالة "عدم الاستقرار" و"الفراغ" المقصودة والمبرمجة أحيانا لترهيب الشعب وتخويفه ودفعه للقبول بالحلول المزيفة.

إن السلطة الانتقالية، رئيسا وحكومة، هي التي تتحمّل مسؤوليّة التأخر الحاصل في الاستعداد للانتخابات ولا يمكنها بالتالي تحميل هذه المسؤولية لأي طرف آخر والتعجيل بالانتخابات بدعوى "الالتزام بتعهّداتها" دون اعتبار لمدى توفر الشروط الضروريّة لديمقراطية هذه الانتخابات ونزاهتها. فقد أضاعت السلطة الانتقاليّة وقتا ثمينا على الشعب التونسي بسبب مماطلة حكومة الغنوشي في مرحلة أولى الإقرار بضرورة المجلس التأسيسي، وحكومة الباجي قائد السبسي في مرحلة ثانية في المصادقة على المرسوم الانتخابي بسبب رفضها ما توافق عليه أغلبية التونسيين من ضرورة عدم السماح لمسؤولي التجمع بالترشح للانتخابات (الفصل 15), و تلاعبها بالفصل 8 من نفس المرسوم مما دفع جمعيّة القضاة إلى الانسحاب وعدم تقديم مرشحيها للـ"هيئة المستقلة للانتخابات"، هذا علاوة على تهاون "الحكومة المؤقتة" في تفكيك منظومة الاستبداد في كل المستويات (الإعلام، القضاء، الأمن، الإدارة…) و في محاسبة الضالعين في أعمال القتل والتعذيب والنهب والفساد الذين مازال الكثير منهم يحتل مواقع هامة في أجهزة الدولة وفي المؤسّسات المالية والاقتصادية، وتراخيها في الاستجابة إلى المطالب الاقتصادية والاجتماعية العاجلة للفئات الشعبية وأهالي الجهات المهمشة و الشباب المعطل عن العمل. وأخيرا فإن حكومة قايد السبسي كما حكومة الغنوشي اتبعتا دائما أسلوب التسلط والانفراد بالقرار في علاقتها بالشعب وحتى في علاقة بـ"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة".

إنّ محاولة الحكومة المؤقتة وبعض الأحزاب والقوى المتفقة معها على عدم التأجيل – رغم أنها ساهمت في انتخاب "الهيئة المستقلة للانتخابات" وفي صياغة المرسوم الانتخابي- تقديم الخلاف في الساحة السياسية على أنه يقابل بين من يتمسّك بموعد 24 جويلية "خدمة لمصالح الشعب و البلاد" من جهة وبين من يريد تأجيلها "خدمة لمصالح حزبية ضيقة" ليس إلا مغالطة للرأي العام. إن الخلاف الحقيقي ليس حول التاريخ في حد ذاته بل حول طبيعة الانتخابات و مضمونها، أي بين من يريدها حرّة و ديمقراطية ونزيهة كي ينبع منها حكم شرعي، يعبّر عن إرادة الشعب و يقطع نهائيا مع الاستبداد ويحقق أهداف الثورة في الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، وذلك ما يقتضي توفير الظروف المناسبة لإجراء هذه الانتخابات الشيء الذي أقرّت "الهيئة المستقلة للانتخابات" استحالة تحقيقه في 24 جويلية، وجعلها تقترح تأجيل الانتخابات إلى شهر أكتوبر. وبين من لا يفكّر سوى في الوصول إلى الكرسي حتى ولو اقتضى منه ذلك القبول بانتخابات لا تتوفر فيها للشعب شروط الاختيار الحر والديمقراطي وبالتالي يفوّت عليه فرصة تكريس حكم ديمقراطي يضمن له الحرية والكرامة.

إن انتخابات لا تتوفر فيها الشروط الضروريّة التي تجعل منها انتخابات حرّة ونزيهة، لن تخرج البلاد من الوضع الذي هي فيه، بل يمكن أن تفاقمه. إن مشاكل البلاد تقتضي حلولا جذرية تتحقّق بها أهداف الثورة التي قام بها الشعب التونسي. و بقدر ما تكون الانتخابات حرّة ديمقراطيّة ونزيهة، تكون المؤسّسات التابعة عنها أقرب إلى ترجمة إرادة الشعب و أقدر على تحقيق طموحاته، ممّا يكسبها شرعيّة فعليّة وثقة شعبيّة ويسهّل مهمّتها في إدارة البلاد. وأمّا إذا كانت الانتخابات متسرّعة وتشوبها عدم الشفافية والنزاهة، بما في ذالك استعمال "المال السياسي" أو "التأثيرات الأجنبية" أو تسرّب "فلول التجمع" و"رموز الفساد"، فإن المؤسسات التي ستنتجها ستكون شرعيتها محل أخذ ورد وقدرتها على إدارة البلاد ضعيفة دون ديمقراطية مما يهدد مستقبل الشعب والبلاد .

إن الهواجس التي تشغل بال المواطنات والموطنين وهي هواجس بعضها إقتصادي وبعضها أمني وبعضها سياسي هي هواجس مشروعة ولكن لا يمكن معالجتها بالتعجيل بالانتخابات مهما كانت الظروف . إن هذه المعالجة مغشوشة وقد تلبي رغبات من يفتعلون "الانفلات الأمني " أو يبشرون بـ "الانهيار الاقتصادي " ويخيفون الشعب حتى لا يحصل تغيير ديمقراطي حقيقي لفائدتهم. إن التخفيف من تلك الهواجس إن لم نقل القضاء عليها لا يتم إلا باتخاذ الإجراءات الصارمة ضد المسؤولين عن أعمال التخريب ومموليها من داخل الأجهزة ومن "بقايا التجمع" و"أوساط المافيا " المرتبطة بنظام بن علي والإسراع بمحاسبة المسؤولين عن أعمال القتل والنهب في عهده وخصوصاً أيام الثورة وباتخاذ الإجراءات العاجلة للتخفيف من الوضع الاجتماعي المتردي في الجهات المحرومة وللفقراء والمعطلين عن العمل وإظهار الجدية في السير بالبلاد نحو انتخابات حرة، ديمقراطية ونزيهة. إن بعض القوى السياسية التي تستعجل إجراء الانتخابات مهما كانت الظروف بدعوى أن الحكومة الحالية "غير شرعية" و"غير جادة" في تحقيق الانتقال الديمقراطي نراها من جهة أخرى تهادن هذه الحكومة ولا تضغط عليها من أجل التخفيف من هواجس الشعب في هذه المرحلة الانتقالية.

إن حزب العمال وشعوراً منه بالمسؤولية، ورغبة في تجنيب البلاد أزمة لا حاجة لها بها بسبب الخلاف الناشب بين الحكومة المؤقتة وبعض القوى السياسية الموالية لها من جهة و"الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" من جهة ثانية حول تحديد موعد الانتخابات نقترح :

1. تنظيم اجتماع في أقرب وقت يضم القوى السياسية والمدنية للتشاور مع "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات " حول موعد إجراء الانتخابات و تحديد تاريخ توافقي له.

2. وضع خطة عمل يلتزم بها كافة الفرقاء السياسيين بما في ذلك السلطة المؤقتة إلى حين إجراء الانتخابات وتشمل هذه الخطة من ضمن ما تشمل توفير الظروف السياسية الملائمة لإجراء الانتخابات في مناخ من الحرية (تحرير الإعلام، تطهير الجهاز الأمني والقضائي الخ.

3. تحديد آلية رقابة على السلطة المؤقتة في ما تتخذه من قرارات وإجراءات وتأتيه من أعمال وممارسات لضمان حسن إدارة الفترة الانتقالية .

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.