تونس – هل اعتدت الهيئة الانتخابية على اختصاص رئيس الدولة وكيف الخروج من مأزق التواريخ؟

تعقدت الوضعية السياسية بتونس أكثر فأكثر بصدور الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي يوم 24 جويلية بالتزامن مع تواصل تمسك الهيئة المستقلة للانتخابات بتأجيل هذا الحدث الهام إلى موعد 16 أكتوبر …



تونس – هل اعتدت الهيئة الانتخابية على اختصاص رئيس الدولة وكيف الخروج من مأزق التواريخ؟

 

تعقدت الوضعية السياسية بتونس أكثر فأكثر بصدور الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي يوم 24 جويلية بالتزامن مع تواصل تمسك الهيئة المستقلة للانتخابات بتأجيل هذا الحدث الهام إلى موعد 16 أكتوبر .

الوضعية غريبة بكل المقاييس وحيرت التونسيين وكل الملاحظين للشأن السياسي داخليا وخارجيا لأنه لا يعقل من الناحية القانونية والسياسية أن تضبط  الهيئة المكلفة بتنظيم ومراقبة الانتخابات (في أي بلد من العالم) رزنامة للتحضير لهذا الموعد الهام دون الاستناد للنص القانوني الذي يدعو للانتخابات(في تونس الدعوة تتم بأمر).

فتحديد موعد الانتخابات – من خلال الدعوة لها- هو من اختصاص رئيس الجمهورية  دون سواه ولا يمكن لأي كان التدخل في هذا الاختصاص، وهو ما تم فعلا عبر الأمر عدد 582 المؤرخ في 20 ماي 2011.

أما الهيئة المستقلة للانتخابات فإن النص القانوني المحدث لها نص على أنها مكلفة بضبط رزنامة للانتخابات ..ومن باب أولى وأحرى فإن ضبط هذه الرزنامة يكون بناء على الأمر الصادر من قبل الرئيس للدعوة للانتخابات وليس بناء على موعد آخر تحدده الهيئة من تلقاء نفسها ..ويرى بعض فقهاء القانون أنها بذلك تكون قد اعتدت على اختصاص رئيس الدولة.

وقد جاء الأمر الرئاسي المذكور محترما للشروط القانونية الواردة بالمرسوم المتعلق بانتخاب المجلس التأسيسي ومن أهمها خاصة ضرورة دعوة الناخبين للانتخابات عن طريق أمر على الأقل شهرين قبل الموعد المحدد للانتخابات.فقد صدر هذا الأمر بالرائد الرسمي يوم 24 ماي أي قبل شهرين من موعد 24 جويلية المحدد مبدئيا لإجراء الانتخابات.

وما يمكن قوله هو أن كل الأطراف تجد اليوم نفسها في مجموعة من المآزق السياسية والقانونية الحقيقية كان بالإمكان تفاديها.

فمن جهة جاء أمر 24 ماي الداعي للانتخابات متسرعا حسب بعض المختصين ، بل هناك من اعتبره  يدخل في خانة الانفلات القانوني.. في حين يرى آخرون أن رئيس الجمهورية المؤقت ومن وراءه الحكومة المؤقتة أرادا أن "يحميا" نفسيهما من ردود الفعل التي قد تتهمهما بالتسبب في تأجيل الانتخابات –آليا وقانونيا إلى ما بعد 24 جويلية- لو لم يقع اتخاذ هذا الأمر يوم 24 ماي .

وأول سؤال يتبادر إلى الأذهان هو مصير الأمر 582 المذكور وهل يقع إلغاؤه أم تنقيحه أم تعديله ؟ في صورة توصل الأطراف إلى اتفاق على تأجيل الانتخابات ل 16 أكتوبر أو أي تاريخ آخر يمكن أن يقع عليه الاتفاق مثلما هو مطروح الآن لتاريخ أول سبتمبر كمنزلة بين المنزلتين…

ومن جهة أخرى يجوز القول أن الهيئة الانتخابية قد تكون فاجأت الجميع بالإعلان عن اختيارها لموعد 16 أكتوبر  وهكذا لم تجد كل الأطراف متسعا من الوقت للتشاور ووجد رئيس الجمهورية المؤقت نفسه في مأزق عندما داهمه موعد 24 ماي (الذي يجب أن يصدر فيه أمر دعوة الناخبين)  في وقت لم يقع التوصل فيه إلى أي اتفاق حول الموعد النهائي للانتخابات فاضطر لاحترام القانون ولاحترام موعد الانتخابات الذي أعلنه بنفسه سابقا (24 جويلية) وأصدر بالتالي هذا الأمر.

وبكل تأكيد فإن ما حصل من لخبطة كان بالإمكان تفاديها لو تصرفت كل الأطراف بحكمة "سياسية " حقيقية  وأيضا بحكمة "ثورية" تحترم إرادة الشعب أولا وأخيرا ..لكن للأسف يبدو أن الحسابات السياسية الضيقة مازالت تسيطر على المشهد السياسي في تونس وهو ما قد يؤدي بالبلاد إلى متاهات مخالفات تماما لأهداف الثورة.

وليد ب.

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.