هل دخلت تونس مرحلة الثورة المُضادة؟

يمكن تشبيه ما يحصل لتونس في هذا الظرف وفي هذا الوقت بذلك الرجل الذي كان في غيبوبة (23 سنة من حكم بن علي) وخرج من هذه الغيبوبة ( حصول الثورة) والدخول في فترة الإنعاش (الانفلات الأمني وأحداث النهب والحرق والسرقة) وسرعان ما بدأت تتحسّن حالته الصحية نسبيا وبدأ يتعافى

هل دخلت تونس مرحلة الثورة المُضادة؟
 
 

يمكن تشبيه ما يحصل لتونس في هذا الظرف وفي هذا الوقت بذلك الرجل الذي كان في غيبوبة (23 سنة من حكم بن علي) وخرج من هذه الغيبوبة ( حصول الثورة) والدخول في فترة الإنعاش (الانفلات الأمني وأحداث النهب والحرق والسرقة) وسرعان ما بدأت تتحسّن حالته الصحية نسبيا وبدأ يتعافى نوعا ما بتناول المضادات الحيوية وحزمة من الأقراص المُهدّأة (الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية).

ولمّا اعتقدنا أن حالة هذا المريض بدأت فعلا تتحسّن ويشتدّ عوده ( من خلال العودة التدريجية للنسق العادي للحياة الاقتصادية والاجتماعية والحراك السياسي زخم الإجراءات المتواصلة في البلاد) سرعان ما حصلت له انتكاسة جديدة على مستوى حالته الصحية التي لا تزال هشّة وتحتاج إلى المراقبة الصحية اللصيقة والدقيقة.

هذه الانتكاسة سببها في اعتقادنا عدم ضعف الحكومة المؤقتة وقدرتها على اتخاذ القرارات المناسبة والرصينة وغير الاعتباطية أو المدروسة، سواء على مستوى تعيين بعض أعضاء الحكومة الذين لهم تاريخ سياسي لا يتناسب والمرحلة الراهنة وخاصة التأخير الحاصل في إيجاد حلول جذرية لمعضلة التنمية الجهوية والبطالة في المناطق الداخلية.

هذه الوضعية ساهمت بشكل ملموس في عدم استقرار الأوضاع في بعض المناطق الداخلية من البلاد وفي اعتقادنا أن أحداث العنف والشغب التي تم على إثرها إقرار حضر التجول دليل واضح وجلي على أن الأوضاع  ظلت على حالها ولم يقع تسجيل تقدم إيجابي في مسار الثورة وهو ما من شأنه أن يعطينا فكرة شبه واضحة عما سؤول إليه الأمور مع اقتراب موعد 23 أكتوبر القادم موعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.

ما حصل من أحداث خطيرة وما انجرّ عنها من تبعات وأعمال شغب في بعض مناطق البلاد وخاصّة ما حصل عشية أمس في العاصمة من مصادمات بين أعوان الأمن وبعض المواطنين تمت تفرقتها بالقوة على خلفية القصبة 3، يوحي بضرورة إعلان ناقوس الخطر في تونس والعمل على التصدي "بحزم" لكل ما من شأنه أن يعود بالبلاد إلى الوراء والزجّ بها في متاهات، الشعب في غنى عنها.

ما يجري حاليا على ساحة الأحداث السياسية خاصّة يوحي بأن الثورة التونسية على وشك الانتكاس والرجوع بها إلى الوراء، ليس فقط ما خلّفته من ردود أفعال متباينة بل كذلك ما يجري في الوقت الراهن من تطورات جذب نحو الأسفل من جرّاء تتالي المطلبية وارتفاع نسبة الاحتجاجات والاعتصامات والتضارب الحاصل في بعض الهياكل وتنامي ظاهرة العروشية الذي طفت على سطح مجريات الأحداث بشكل شلّ حركة نمو يعض القطاعات الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن التجاذبات الحاصلة في التعاطي مع الشأن الديني ومسألة تسييس الأبعاد الدينية عند التعاطي مع مواضيع تتصل بالإسلام والشريعة.

صحيح أن عمر الثورة التونسية تجاوز 6 أشهر، وهو عمر صغير جدا بالمقارنة مع عمر الثورات التي حصلت في العالم وانّه ينبغي انتظار العديد من السنوات لجني ثمار هذه الثورات والتأكد من نجاحها بالكامل، لكن الأمر الذي يتعيّن أخذه بعين الاعتبار هو الخوف من حصول انتكاسة حقيقية للثورة التونسية والدخول في ما يُعرف بالثورة المُضادّة والتي لا عواقب وخيمة جدّ سلبية على واقع وخاصة مستقبل البلاد والعباد، من ذلك الفوضى العارمة والدخول في حلقة مفرغة من "النقاش البيزنطي" وصراع التيارات السياسية فيما بينها على حساب المسائل الحياتية والمعيشية وهو ما يمكن أن يُحيلنا إلى مرحلة أخطر وهي اللجوء إلى قانون الغاب والبقاء للأقوى!!!

الأمر الثابت أن الظرف الحالي والدقيق الذي تمرّ به تونس يستوجب التحلّي بالوطنية والحقيقية وجعل مصلحة البلاد فوق كل اعتبار ودرء الصراعات السياسية جانبا والتخطيط إلى مستقبل أفضل للبلاد وتأمين مستقبل واعد للشباب الذي صنع الثورة والذي يشاهد حاليا أن ثورته تُسرق منه!!!

 

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.