تونس- ما علاقة الوزير المعتمد لدى الوزير الأول بإقالة رئيس المحكمة الإدارية؟

مرّ على البلاغ الصادر عن الوزارة الأولى بإقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي وتعيين روضة المشيشي خلفا له، 10 أيام كاملة، من دون أن يكون هذا القرار معللا بأسباب الإقالة رغم استفسارات قضاة …



تونس- ما علاقة الوزير المعتمد لدى الوزير الأول بإقالة رئيس المحكمة الإدارية؟

 

مرّ على البلاغ الصادر عن الوزارة الأولى بإقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي وتعيين روضة المشيشي خلفا له، 10 أيام كاملة، من دون أن يكون هذا القرار معللا بأسباب الإقالة رغم استفسارات قضاة وأعوان المحكمة الإدارية، الذين اعتبروا القرار "مهينا" و"جائرا" و"غير قانوني".

 

وقد كوّن قضاة وأعوان إداريين بالمحكمة الإدارية، وهي مؤسسة دستورية ترجع بالنظر إداريا إلى الوزارة الأولى، لجنة لحماية استقلالية المحكمة الإدارية، سعيا منهم للتصدي إلى محاولات السلطة التنفيذية وخاصّة الوزارة الأولى من الهيمنة على المحكمة الإدارية، وفق تصريحات أعضاء اللجنة.

 

وعقد أعضاء لجنة لحماية استقلالية المحكمة الإدارية، اليوم الجمعة، ندوة صحفية هي الأولى من نوعها في تاريخ المحكمة الإدارية، التي لم تخرج عن صمتها إلا بعد إقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي، الذي يحظى بسمعة حسنة واحترام كبير لدى إطارات وأعوان المحكمة الإدارية.

 

لغز الإقالة

 

لقد بقي لغز الإقالة عالقا في أذهان الصحفيين، الذين حاول بعضهم إماطة اللثام عنه بشتى السبل منذ تاريخ إعلان إقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي في 07 سبتمبر الماضي، لكن دون نتيجة بعد.

 

وحتى أصحاب الشأن أنفسهم بداية من المعني بالأمر نفسه غازي الجريبي، الذي مازال يلتزم الصمت إلى حدّ الآن، وصولا إلى لجنة لحماية استقلالية المحكمة الإدارية فلم يزدهم الاستفسار عن سبب الإقالة إلى تعجبا وامتعاضا مما اعتبروه قرارا "ظالما" و"غير أخلاقي".

 

ويهدف قرار الإقالة حسب رأيهم إلى إدخال البلبلة والفوضى في المحكمة الإدارية، التي تنظر في الطعونات من قبل المترشحين إلى انتخابات المجلس التأسيسي وفي جميع النزاعات الإدارية وفي دعاوى تجاوز السلطة، عدا ما أسند لغيرها بقانون خاص…

 

ويبدو أنّ هناك "قوى خفية" تقف وراء إقالة القاضي غازي الجريبي من رئاسة المحكمة الأولى، وهو الذي وقف في حقبة النظام السابق في وجه الطرابلسية وعرف بنزاهته وحسن أخلاقه، حسب عدة شهادات.

 

شبهات

 

ويقول القاضي بالمحكمة الإدارية وليد الهلالي إنّ قرار إقالة القاضي غازي الجريبي جاءت على لسان الوزير المعتمد لدى الوزير الأول رضا بالحاج، الذي هاتف غازي الجريبي لإعلامه بقرار الإقالة، في مخالفة صارخة لقواعد إقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، حسب قوله.

 

ويرى الهلالي أنّ هناك انتهاك سافر لقواعد إقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، والتي تقتضي قانونيا أن يكون القرار صادرا من قبل رئيس الدولة، ومعللا بقرائن الإقالة.

 

لكن ما وقع للرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي "مهين" حسب تعبير الهلالي، ولاسيما أنّ قرار الإقالة صدر شفاهيا عن طريق مكالمة أجراها الوزير المعتمد لدى الوزير الأول، كما يأتي بعد يوم واحد على إثر انعقاد ندوة للقضاة التونسيين بشأن تطهير القضاء، مما يجعل الرأي العام يفهم وكأن قرار إقالة غازي الجريبي مرتبطة بتطهير القضاء من الفاسدين، وهو أمر مرفوض من قبل غالبية إطارات وأعوان المحكمة الإدارية (110 أعوان+90 قاضيا).

 

وما يثير التساؤل ويبعث على الاستغراب لدى أغلب قضاة وأعوان المحكمة الإدارية وما صرحوا به في الندوة الصحفية المنعقدة اليوم الجمعة 16 سبتمبر  أن زوجة الوزير المعتمد لدى الوزير الأول رضا بالحاج وتدعى نعيمة بن عاقلة تعمل حاليا كرئيسة دائرة ابتدائية بالمحكمة الإدارية، ولها خصومات قديمة مع الرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي، حسبما كشفته لنا مصادر من المحكمة الإدارية.

 

وتقول مصادرنا إنّ نعيمة بن عاقلة زوجة الوزير المعتمد لدى الوزير الأول رضا بالحاج لها علاقات قوية بروضة المشيشي، التي تقرر تعيينها بدلا من غازي الجريبي.

 

ويشار إلى أنّ الرئيس المؤقت فؤاد المبزع والوزير الأول الباجي قايد السبسي لم يستقبلا بعد وفد من لجنة لحماية استقلالية المحكمة الإدارية رغم مطالبهم المتعددة للاستفسار عن الأسباب الموضوعية التي تقف وراء الاستغناء عن غازي الجريبي.

 

واعتمدت الوزارة الأولى على الفصل 14 من القانون الأساسي للمحكمة الإدارية الذي ينص على أنه يمكن أن يعين الرئيس المؤقت رئيسا للمحكمة الإدارية باقتراح من الوزارة الأولى، لكن وليد الهلالي يتساءل "كيف للوزير الأول وهو غائب منذ مدة طويلة على الساحة السياسية ولا يعلم بأن نعيمة بن عاقلة هي زوجة الوزير المعتمد لدى الوزير الأول يقوم بإقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية"؟، في إشارة إلى وجود "قوى خفية" تقوم بلعبة سياسية "قذرة" لإدخال المحكمة الإدارية في بلبلة وإرباك الانتخابات التأسيسية.

 

من جهة أخرى، شنّ القاضي بالمحكمة الإدارية علي العباسي أحد أعضاء لجنة لحماية استقلالية المحكمة الإدارية هجوما على الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، قائلا إن رئيسها عياض بن عاشور تجاهل "مطالبنا" ورفض النظر في ما يحدث من أزمة حادة بالمحكمة الإدارية.

 

كما اتهم العباسي الوزارة الأولى بمحاولة شق صفوف إطارات وأعوان المحكمة الإدارية، مستنكرا ما تقوم به القاضية بالمحكمة الإدارية سامية البكري، والتي تمّ تعيينها بعد الثورة عضوة بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، من تشويه للحقيقة بما يجري داخل المحكمة الإدارية.

 

ولم يصدر بعد قرار بإقالة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية غازي الجريبي بالرائد الرسمي، لكن قضاة وأعوان إداريين بالمحكمة الإدارية متمسكون برفضه وسيطعنون في قانونيته شكلا وأصلا، في حال تمّ استصدار القرار بالرائد الرسمي.

 

في الأثناء، يؤكد أعضاء لجنة لحماية استقلالية المحكمة الإدارية أنّ المحكمة الإدارية ستواصل سير نشاطها العادي، مشيرين إلى أن المحكمة أصدرت بالأمس حكما بنقض قرار رفض ترشح قائمة انتخابية بدائرة سوسة تابعة لحزب الخضر للتقدم وأنها ستنظر في قضيتين غدا وبعد غد بشأن طعونات المترشحين في رفض قوائمهم الانتخابية.

وقد جاء في برقية لوكالة تونس إقريقيا للأنباء صباح اليوم الجمعة  خبر مفاده ما يلي : " استقبل السيد فؤاد المبزع رئيس الجمهورية المؤقت صباح الجمعة السيد غازي الجريبي وقرر تعيينه رئيسا للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية .

والسيد غازي الجريبي هو قاض وشغل قبل ذلك خطة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بتونس . "

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.