تونس – تبرئة الضابط سمير الفرياني ومعركته لاستعادة الحرية متواصلة

أفرج القاضي العسكري، أمس الخميس، عن سمير الفرياني الذي اتهمته وزارة الداخلية بنشر معلومات “زائفة” من شأنها أن تهدّد سلامة الأمن الخارجي للبلاد، فيما سيتخلى عن قضيتين أخريين لفائدة المحكمة الابتدائية بتونس لعدم الاختصاص…



تونس – تبرئة الضابط سمير الفرياني ومعركته لاستعادة الحرية متواصلة

 

أفرج القاضي العسكري، أمس الخميس، عن سمير الفرياني الذي اتهمته وزارة الداخلية بنشر معلومات "زائفة" من شأنها أن تهدّد سلامة الأمن الخارجي للبلاد، فيما سيتخلى عن قضيتين أخريين لفائدة المحكمة الابتدائية بتونس لعدم الاختصاص.

 

وكان ضابط الشرطة سمير الفرياني قد اعتقل يوم 29 ماي الماضي على خلفية كشفه تجاوزات أمنية بواسطة الإعلام، من بينها إتلاف جزء من الأرشيف الفلسطيني بوزارة الداخلية، قال إنه يثبت علاقة الرئيس السابق بوكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد).

 

وكان القاضي العسكري قد استجاب، الأسبوع الماضي، لطب المحامين بالإفراج مؤقتا على سمير الفرياني لمحاكمته بحالة سراح، بعد أكثر من ثلاثة أشهر على بقائه رهن الاعتقال العسكري.

 

ومن المرتقب أن تحيل المحكمة العسكرية إلى أنظار المحكمة الابتدائية بتونس في الأيام المقبلة بقية التهم التي يواجهها الفرياني، والتي تتعلق بنشر "أخبار زائفة" من شأنها تعكير صفو النظام العام، وتوجيه تهم "غير قانونية" إلى موظف عمومي.

 

وقال سمير بن عمر أحد لسان الدفاع إنّ معركة استعادة الحرية بالنسبة إلى سمير الفرياني ما زالت متواصلة، في إشارة إلى إحالة موكله إلى المحكمة الابتدائية بتونس بتهم أخرى.

 

وتوقع أن تأخذ محاكمة الفرياني مزيدا من الوقت بالنظر إلى القضايا التي ستنظر فيها المحكمة بشأن اتهامه بنشر "أخبار زائفة" عبر الصحف واتهام المدير العام للمصالح الفنية الحالي ياسين التايب بصفة "غير قانونية".

لكن المحامي عبد الرؤوف العيادي توقع أن تحفظ المحكمة المدنية بتونس هذه القضية، التي سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام بعدما كشف الفرياني عن تجاوزات داخل وزارة الداخلية.

 

واستبعد عبد الرؤوف العيادي أن تواصل المحكمة النظر في القضايا المتبقية، معتبرا أن تلك القضايا قائمة على "اتهامات واهية حولت موكله من موقع الشاهد إلى موقع المتهم".

 

وأشاد عبد الرؤوف العيادي أحد لسان الدفاع بقرار المحكمة العسكرية، قائلا  إنّ القضاء العسكري كان مقتنعا بصحة أقوال الفرياني بشأن اتهام الرئيس المخلوع بالتورط مع "الموساد".

 

واعتبر أنّ اتهام الفرياني بالمسّ من سلامة الأمن الخارجي "مكيدة" لطمس جرائم بعض الإطارات الأمنية، مبرزا أنّ تصريحات موكله لم ينتج عنها أي تهديد أو ضرر خارجي أم داخلي.

 

وكان وزير الداخلية الحالي قد اعتبر أنّ تصريحات الفرياني عبر الصحافة تمسّ من سلامة أمن الدولة الخارجي والداخلي، وعبّر لمحامي الفرياني عن خشيته من إقدام إسرائيل على قصف البلاد بسبب تلك التصريحات.

 

من جهة أخرى، أشار المحامي عبد الرؤوف العيادي إلى أنّ القاضي حكم بعدم سماع الدعوى دون أن يقضي ببطلان إجراءات التتبع، موضحا أنه نظر في القضية من حيث الأصل وليس من حيث الإجراءات الشكلية، التي شابتها "إخلالات كثيرة"، حسب قوله.

 

وقال سمير الفرياني إنه تعرض لعملية اختطاف بجهة باردو يوم اعتقاله في صبيحة الأحد  29 ماي 2011 الماضي من قبل أعوان أمن ملثمين اصطدموا سيارته واقتادوه بالقوة إلى التحقيق، بدلا من استدعائه طبقا للإجراءات القانونية المعمول بها.

 

كما وجه سمير الفرياني خلال خلال محاكمته، التي دامت قرابة 6 ساعات، انتقادات لبعض إجراءات قاضي التحقيق العسكري الذي لم يعاين، حسب قوله، ما تمّ حجزه بسيارته، إلا بعد شهر من اعتقاله، مما مكّن خصومه بوزارة الداخلية من دسّ وثائق لتوريطه، وفق قوله.

 

واعتقل الفرياني بعد يوم من شكوى رفعها ضده وزير الداخلية الحالي، على إثر نشره مقالات كشف فيها عن إتلاف ملفات من أرشيف وزارة الداخلية تتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقال إنها تثبت تورط الرئيس المخلوع مع وكالة الاستخبارات الإسرائيلية.

 

وتحوّلت محاكمة الفرياني إلى قضية رأي عام بعد التهم التي وجهها أيضا في مقالاته إلى المدير العام للمصالح الفنية ياسين التايب بالتورط في قتل متظاهرين في سيدي بوزيد والقصرين.

 

ورافع محامو الفرياني، أمس، عن موكلهم، مستعرضين أمام القاضي العديد من الوثائق التي تثبت أنّ المدعو ياسين التايب المدير العام للمصالح الفنية تحولّ إلى جهة سيدي بوزيد ومن ثم إلى القصرين أوائل شهر جانفي إلى غاية 10 من الشهر نفسه، واتهموه بالمشاركة في قتل الشهداء.

 

كما اتهموا طبقا لما لديهم من وثائق ومعلومات وشهادات من عند الفرياني زوجة الرئيس المخلوع ليلى بن علي أو "سيدة تونس الأولى" حسب تشبيه أحد المحامين ببسط نفوذها على المصالح الأمنية بوزارة الداخلية وتدخلها في تعيينات المسؤولين، الذين ما زال بعضهم ينشط إلى حدّ الآن.

 

وبشأن إتلاف جزء من الأرشيف الفلسطيني وعلاقة الرئيس المخلوع بالاستخبارات الإسرائيلية، أبرز فريق الدفاع أن موكلهم رأى بأم عينه كيف تم إتلاف ذلك الأرشيف بوزارة الداخلية.

 

وأكدوا أنّ قاضي التحقيق العسكري لما تنقل في فترة التحقيق لمعاينة الأرشيف بالمصالح الفنية لم تكن له الخبرة الكافية لمعرفة ما إذا كان جزءا من الأرشيف قد تمّ إعدامه.

 

واستندوا إلى بعض المعطيات والمعلومات التي كشفت عن وجود معركة شرسة بين السلطة الفلسطينية وتونس بعد وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات من أجل استعادة الأرشيف الفلسطيني.

 

وطعنوا في العديد من الإجراءات التي شابتها عدّة إخلالات حسب قولهم، ومنها عدم أخذ تصريحات الفرياني محمل الجد لفتح تحقيق حول حقيقة ما حصل.

 

بالمقابل، رافع بعض المحامين في إطار الحق الشخصي لفائدة المدير العام للمصالح الفنية ياسين التايب، معتبرين أنّ تصريحات الفرياني "باطلة" وأنه "يتاجر" بالثورة وأرواح الشهداء للإطاحة بخصومة من بعض المسؤولين الأمنيين الذي رفضوا ترقيته بوزارة الداخلية.

 

وتساءلوا عن سبب سكوت سمير الفرياني لأكثر من أربع أشهر بعد الثورة دون البوح بكلمة عن التجاوزات الحاصلة بوزارة الداخلية، مشيرين إلى قبوله بالعمل طيلة 19 عاما في صلب وزارة الداخلية وأنه ليس بتلك النزاهة والجرأة، التي يحاول إضفائها على نفسه، حسب قولهم.

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.