تونس تقرر إلغاء قانون الأمن الاقتصادي

صادق مجلس الوزراء المنعقد يوم الجمعة الفارط على مشروع مرسوم يتعلق بتنقيح وإتمام بعض فصول مجلة الإجراءات الجزائية يهدف إلى تفعيل الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية المتعلقة بالحقوق البدنية والسياسية من بينها اتفاقية مناهضة التعذيب.ويُلغي هذا المشروع كل ما من شأنه أن يمثل خطرا على الحريات بما في ذلك ما يُسمّى في عهد النظام السابق قانون الأمن …



تونس تقرر إلغاء قانون الأمن الاقتصادي

 

صادق مجلس الوزراء المنعقد يوم الجمعة الفارط على مشروع مرسوم يتعلق بتنقيح وإتمام بعض فصول مجلة الإجراءات الجزائية يهدف إلى تفعيل الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية المتعلقة بالحقوق البدنية والسياسية من بينها  اتفاقية مناهضة التعذيب.ويُلغي هذا المشروع كل ما من شأنه أن يمثل خطرا على الحريات بما في ذلك ما يُسمّى في عهد النظام السابق قانون الأمن الاقتصادي.

وبالرجوع إلى هذا القانون الذي تمت المصادقة عليه في جوان 2010 فقد أثار العديد من الضجة في أوساط الحقوقيين في العهد السابق الذين اعتبروا المصادقة على هذا القانون تضييقا واضحا على الحريات واعتبروه ذريعة جديدة من الرئيس السابق لمحاصرة المعارضين والزج بهم في السجن.

وكثيرة هي القوانين التي تمت المصادقة عليها في عهد الرئيس السابق خدمة لمصلحته الشخصية الضيقة وكذلك خدمة لعائلته وأصهاره، فعلى امتداد السنوات الأخيرة في عهد المخلوع تتالت وتيرة إصدار العشرات من مشاريع القوانين ذات البعد السياسي الهدف منها التضييق على الحريات وحقوق الإنسان وكذلك القوانين ذات الشأن الاقتصادي التي تمت المصادقة عليها بالإجماع من الغرفتين الشكليتين.

 وفي الواقع لاقت العديد من القوانين معارضة شديدة من العديد المنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة التي اعتبرت في بياناتها وتصريحاتها للقنوات التلفزية والصحف الأجنبية أن هذه القوانين غير ديمقراطية الهدف منها خدمة أغراض شخصية وتضييق الخناق أكثر على الحريات وتكريس القمع.

 ومن ضمن القوانين التي أثارت الكثير من الجدل في تونس وأسالت الحبر قانون الأمن الاقتصادي والذي صادق عليه كل من مجلسي النواب والمستشارين في جوان 2010 ، رافقته موجة من الاحتجاجات باعتبار المآخذ الحقوقية على القانون المذكور.

  وكان قانون الأمن الاقتصادي يهدف إلى تنقيح أحكام الفصل 61 مكرر من المجلّة الجزائية بإضافة بند تجريم جديد إلى جانب جرائم التجسّس التي يتضمّنها الفصل المذكور بتجريم الإضرار بالمصالح الحيوية لتونس وأمنها الاقتصادي، وهو الأمر الذي أكّدت عديد المنظّمات المحلّية والدّولية والأحزاب السياسية والنشطاء الحقوقيّون أن الهدف منه هو تكميم أفواه النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان ومنعهم من الاتصال بالمنظّمات والهيئات الدّوليّة لفضح واقع الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وذلك في علاقة بمساعي النظام للحصول على مرتبة الشريك المتقدّم مع الاتحاد الأوروبي.

ويتعلق تنقيح الفصل 61 مكرر من القانون الجزائي، الماضي، بإضافة نص يجرم كل من يتعمد "ربط اتصالات مع جهات أجنبية بهدف التحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية لتونس المتعلقة بالأمن الاقتصادي". ويقول محامون إن القانون يعاقب بالسجن من 5 سنوات فما فوق.

وأثار إقرار الحكومة تنقيح القانون حفيظة المعارضين والحقوقيين، وانتقدته منظمات حقوقية تونسية وعربية ودولية بسبب "غموضه" و"صبغته الزجرية". وكانت منظمة العفو الدولية انتقدت القانون، وعدّته "مصمما لتكميم أفواه منتقدي الحكومة والناشطين الذين يقومون بحملات لدى المنظمات الدولية من أجل الضغط على تونس لحثها على احترام حقوق الإنسان".

وسبق لمنظمة العفو الدولية بعد صدور القانون قالت أن التعديل الذي أُدخل على قانون العقوبات التونسي والذي يتعامل مع انتهاكات الأمن الخارجي يستهدف نشطاء حقوق الإنسان الذين يشنون حملات لمطالبة هيئات أجنبية مثل الاتحاد الأوروبي بممارسة ضغوط على الحكومة التونسية بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان.

 وأمام الحراك السياسي الحقيقي الذي تعيشه بلادنا في هذه الظرف الراهن وما رافقه من رغبة جامحة من المطالبة بتغيير عديد المسائل والملفات السياسية لعاجلة، فقد استجابت الحكومة المؤقتة لهذه المطالب ومن بينها إقرار قانون العفو العام وإطلاق سراح العديد من السجناء، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في الوقت الحالي هو سيقع إلغاء قانون الأمن الاقتصادي الذي لم يعد يتماشى ومبادئ الثورة وقيمها وكذلك إنهاء العمل بعديد القوانين البالية؟

 مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.