تونس – قائد السبسي و الجندوبي و بن عاشور من سيكون الشخصية السياسية المُميّزة في تونس ل 2011 ؟

تدخل الثورة التونسية خلال بضعة أيام شهرها العاشر وشهر فقط عن موعد 17 ديسمبر 2011 تاريخ حرق محمد البوعزيزي لنفسه معطيا بذلك الشرارة الأولى لثورة الكرامة والحرية ضدّ الطغيان والظلم والاستبداد. وتسارعت وتيرة …



تونس – قائد السبسي و الجندوبي و بن عاشور من سيكون الشخصية السياسية المُميّزة في تونس
ل 2011 ؟

 

تدخل الثورة التونسية خلال بضعة أيام شهرها العاشر وشهر فقط عن موعد 17 ديسمبر 2011 تاريخ حرق محمد البوعزيزي لنفسه معطيا بذلك الشرارة الأولى لثورة الكرامة والحرية ضدّ الطغيان والظلم والاستبداد. وتسارعت وتيرة الأحداث بصفة كبيرة وقوية ليتصاعد الاحتجاج الذي قابله قمع وقتل لأكثر من 300 شهيد وجرح حوالي 900 شخص في العديد من جهات البلاد.

 

وشكّل يوم 14 جانفي 2011 المنعرج الحقيقي والبارز في تاريخ تونس بهروب المخلوع وفراره تاركا البلاد تتخبط في العديد من الإشكاليات تم اكتشافها أمام ذهول التونسيين من حجم الفساد الذي نخر البلاد لأكثر من 23 سنة.

 

وفي خضم هذه التحولات فإن حكومة الإنقاذ الوطني التي تم تشكيلها في الأيام الأولى للثورة وسط انفلات أمني لم تقنع الشعب ولم تتخذ إجراءات عاجلة لتطويق المشاغل والطلبات الاجتماعية المتلاحقة فضلا عن إستراتيجيتها الاتصالية عرفت فشلا ذريعا وهو ما جعل أيامها معدودة وسرعان ما قدّم الوزير الأول محمد الغنوشي استقالته في موفى شهر فيفري.

 

وفي الأثناء ظهرت العديد من الوجوه السياسية في البلاد قامت بالعديد من الحوارات التلفزية وتدخلت في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية بما جلب لها الاحترام والتقدير من خلال قدرتها على التعاطي مع الملفات السياسية كما أنها تمثل نوعا من "الكاريزما" و عرفت شبه إجماع عليها من مختلف الحساسيات والأطياف السياسية.

 

ومن ضمن هذه الشخصيات السياسية سطع اسم ثلاث شخصيات نعتقد أنهم تميزوا خلال الأشهر الأخيرة بالعديد من المواقف والصرامة واتخاذ الإجراءات والقرارات الحاسمة في العديد من المسائل السياسية والتشريعية في أوقات حرجة تمر بها البلاد بطريقة أنهم شدوا إليهم الرأي العام الوطني وحتى الخارجي.

 

وأولى هذه الشخصيات نذكر السيد الباجي القائد السبسي الوزير الأول في الحكومة الانتقالية والذي رغم تقدمه في السنّ (84 سنة) قبل قيادة البلاد وهي تمر بظروف عصيبة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد أعطى تعيينه في مطلع شهر مارس نوعا من الطمأنينة والراحة الشعب التونسي الذي رأى فيه رجل المرحلة والقادر بفضل حنكته وتمرسه بالعمل السياسي نظرا لتعلمه هذا المجال على الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.

 

وعلى امتداد الأشهر الأخيرة اتخذ السبسي ترسانة من القرارات والإجراءات الهامة في العديد من المجالات الحيوية كما أن تدخلاته في الأوقات العصيبة والحرجة التي تمر بها تونس من وقت لآخر من خلال الانفلاتات الأمنية في بعض الجهات، مثلت بلسما على نفوس التونسيين بطريقته المعهودة المرتكزة على العفوية الممزوجة بالذكاء والدهاء السياسي في التعاطي مع مجمل الملفات وكذلك أسلوبه في الخطابة والارتجال في التوجه إلى الشعب التونسي والأحزاب بما ينمّ عن شخصية قوية لم يصبها الصدأ مع مرور الزمن.

 

الشخصية الثانية التي ظهرت في البلاد زمن الثورة السيد عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا للإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة والذي توفق إلى رسم خارطة طريق سياسية لتونس بسنّ العديد من المراسيم والقوانين لتنظيم البلاد ولو بصفة وقتية رغم ما ساد أعمال الهيئة من توتر واستقالات متتالية من أعضائها بخصوص العديد من المسائل لعل لأبرزها قانون تمويل الأحزاب الذي أثار الكثير من الجدل وتجاذب للمواقف غير أنه واصل العمل لتحقيق أهداف الثورة.

 

وما يُحسب لبن عاشور إعلانه أنه لن يترشح إلى أي منصب سياسي بعد انتهاء أعمال الهيئة في 13 أكتوبر الفارط وأنه كذلك لن يقبل بأي منصب يُعرض عليه وأنه يظلّ خادما وفيا لأهداف الثورة.

 

أمّا الشخصية السياسية الثالثة فتتصل باسم السيد كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي نجح وبشهادة العالم بأسره في ظرف زمني وجيز (6 أشهر) على إنجاح انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بالرغم ما رافق هذا الاستحقاق الانتخابي من صعوبات وإشكاليات على العديد من المستويات.

 

ولعلّ أهم موقف يُحسب لهذا الرجل في دليل على نزاهته وجرأته وصموده أمام الانتقادات السياسية، اتخاذه لقرار تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي المُحدّدة أنذاك يوم 25 جويلية 2011.

 

ورغم ما تسببّ هذا القرار من تباين للمواقف ووجهات النظر والتهديد بالتصعيد نظرا لما لهذا القرار من عواقب وخيمة على المسائل الأمنية غير أنه أصرّ على موقفه وأتمّ عمله بدليل النجاح التنظيمي الباهر للانتخابات.

 

معلومة وجب أن نسوقها بكل احتراز تخص هذا الرجل وهو أنه رفض الحصول على راتب شهري من الهيئة والمقدر حسب معلوماتنا ب 5 آلاف دينار شهريا كما رفض الحصول على مناصب سياسية بارزة واختار نهج النضال من أجل خدمة مصلحة تونس.

 

في الوقت الذي فشلت فيه المكاتب المختصة في استطلاعات الرأي حول المسار السياسي في تونس فإنّ عليها أن تقوم في الفترة القادمة باستطلاع لرأي التونسيين حول الشخصية السياسية المُميّزة لديهم في سنة 2011!!!

 

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.