هل سنرى وزيرا شابا(أقل من 40 سنة) في الحكومة التونسية القادمة؟

تتسارع وتيرة الأحداث على الساحة السياسية في الوقت الراهن من أجل تشكيلة حكومة جديدة وتعيين رئيسا جديد للجمهورية، بعد الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وفوز حركة النهضة بأغلبية المقاعد وإقدامها على القيام بمشاورات مع مختلف الأطياف والحساسيات السياسية في البلاد من أجل تشكيل حكومة يُحبّذ البعض …



هل سنرى وزيرا شابا(أقل من 40 سنة) في الحكومة التونسية القادمة؟

 

تتسارع وتيرة الأحداث على الساحة السياسية في الوقت الراهن من أجل تشكيلة حكومة جديدة وتعيين رئيسا جديد للجمهورية، بعد الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وفوز حركة النهضة بأغلبية المقاعد وإقدامها على القيام بمشاورات مع مختلف الأطياف والحساسيات السياسية في البلاد من أجل تشكيل حكومة يُحبّذ البعض الإطلاق عليها اسم حكومة "وحدة وطنية".

ولئن بدأ ولو بصفة جزئية تداول بعض الأسماء في الحكومة الجديدة من بقايا حكومة الباجي القائد السبسي والتي ستحافظ على بعض الحقائب نظرا لحصول شبه وفاق عليها وتميز أداؤها بالنجاعة طيلة الفترة القادمة على غرار وزير الداخلية ووزير الدفاع الوطني ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي، فإن بقية الحقائب لم يتم الحسم بشأنها لتباين الآراء ورغبة الأحزاب الفائزة في التأسيسي الاضطلاع بحقائب وزارية والتي تعتبرها أمرا طبيعيا ومن قواعد اللعبة الديمقراطية.

الدرس الجديد و البارز الذي ينبغي استخلاصه هو عدم الاستهانة والاستخفاف بالشباب وإقصاءه من الحكومة الجديدة على غرار حكومات المخلوع وخاصّة حكومتي الغنوشي وحكومة الباجي القائد السبسي اللاتي همّشت تواجد الشباب وغيّبته تماما عن دائرة القرار السياسي وجعلته مجّرد متلقّي ومتقبّل و"غير فاعل بل مفعولا به".

ما يمكن التأكيد عليه هو أن الحكومة الجديدة يجب عليها تأخذ في اعتبارها تمثيل الشباب بتعيين وزير أو كاتب دولة شابا ولم لا أقل من أربعين سنة حتّى تكتمل الصورة وتصل الرسالة من كون الحكومة الجديدة على يقين تام بضرورة تشريك الشباب في صنع القرار السياسي وإعداده لرفع التحديات القادمة.

بشهادة جميع مكونات المجتمع ساهم الشباب التونسي في الإطاحة بالنظام السابق ونزل إلى الشوارع من خلال المظاهرات تعبيرا منه على عدم رضاه بالوضعية التي يعيشها. ففي "السنة الدولية للشباب" قام الشباب التونسي بثورته على العديد من المفاهيم السائدة ورفضها رفضا قطعيا باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وتمرير العديد من الشعارات والأغاني وتمرير اللقطات والومضات التي تبرز فضاعة ما حصل للشعب في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 وموفى جانفي 2011 من قتل متعمّد لعشرات الشباب الذين واجهوا رصاص القناصة مدافعين عن مبادئ حان الوقت لإبرازها وظهورها لترى النور.

لقد أثبتت ثورة الكرامة أن الشباب التونسي كان في صدارة القوى الحية في البلاد التي تصدّت لحركات القمع ونزلت بثقلها في الشارع لإرغام المخلوع على الفرار والذود ببسالة عن الأحياء في فترة الانفلات الأمني الذي ساد في تلك الفترة.

أما اليوم وبعد انقضاء أكثر من 10 أشهر عن الثورة ومجيء ثلاثة حكومات(فرضها أيضا الشباب) الأسئلة التي تفرض نفسها بإلحاح، أين تموقع الشباب في الحكومات الثلاث المتعاقبة؟ وماذا قدمت فعليا هذه الحكومات.

الثابت والمتأكّد أن الحكومات الوطنية الثلاث حصرت تعاملها مع الشباب في قضية التشغيل وبالتحديد تشغيل حاملي الشهائد العليا، وبقدر ما نفهم أن دور الحكومة هو مؤقت فإنه في اعتقادنا أن قضية الشباب التونسي لا تنحصر فقط في التشغيل بل في العديد من المسائل.

 

لنتفق في البداية أن التشغيل يظلّ من أوكد الأولويات العاجلة والتي لا تحمل التأخير باعتباره الضامن لكرامة الفرد والمُحقّق لذاته ومن العناصر الجوهرية لمبادئ حقوق الإنسان. فمن الأسباب المباشرة التي قامت عليها الثورة هي الحق في التشغيل وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع الشباب في الحصول على موطن شغل يضمن الكرامة.

بقدر ما هذه البرامج تُعدّ هامة وجديرة بالاحترام، فإن قضايا الشباب التونسي لا تنحصر فقط في التشغيل، بل في العديد من المسائل والقضايا الجوهرية المتصلة بتموقعه في المجتمع التونسي ومدى مساهمته في اتخاذ القرار في العديد من الملفات والمواضيع ذات الشأن الوطني ومن بينهم تحديدا تصوراته في السياسة التشغيلية المعتمدة.

هذا التموقع يمكن عكسه في أشغال الهيئة الوطنية لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي من خلال الثقل الغير الواضح للشباب في مداولات الهيئة واحتكار لبعض الشخصيات الوطنية وممثلي الأحزاب الأشغال الكلمة في وسائل الإعلام الوطنية.

على ذكر وسائل الإعلام لاحظنا غياب شبه واضح للبرامج الموجهة للشباب والمهتمة بمشاغله وقضاياه بصفة معمقة ومدروسة تغوص في أوضاع الشباب التونسي وتبحث في مشاكله الحقيقية وتطرح البدائل والحلول، وحتى البرامج الحالية تبدو سطحية ولا تلامس ما يخالج الشباب من انتظارات.

ما نلاحظه اليوم الضبابية الحاصلة عند الشباب في التعاطي مع بعض المفاهيم والمبادئ الجديدة واندفاعهم في تبني هذه المفاهيم من دون استساغها جيّدا في ظلّ غياب شبه كلي لبرامج تثقيفية وتوعوية توضح هذه المفاهيم بشكل علمي.

العديد من الأطراف والأحزاب السياسية تسعى اليوم إلى استقطاب الشباب ليكون لاحقا قوّة ضغط في الانتخابات لكنّهم لا يعلمون أن هذه القوّة قد تنقلب ضدّهم إذا لم يقع تأطيرهم ومغالطتهم وليتّخذوا من الرئيس السابق عبرة لهم  !!!

مهدي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.