شكرا تونس …

صدر هذا المقال اليوم الخميس15 ديسمبر 2011 بصحيفة “الحياة الجديدة” وهي صحيفة يومية شاملة تصدر في فلسطين بعنوان شكرا تونس ولكم نص المقال …



شكرا تونس …
بقلم محمود ابوالهيجاء

 

 صدر هذا المقال اليوم الخميس15 ديسمبر 2011 بصحيفة "الحياة الجديدة"  وهي صحيفة يومية شاملة تصدر في فلسطين بعنوان شكرا تونس ولكم نص المقال :

بخطاب الرئيس التونسي المنتخب المنصف المرزوقي وهو الاول له بعد انتخابه مباشرة، يمكن لنا القول ان عهدا جديدا من الخطاب السياسي العربي قد بدأ للتو، سنسمع فيه خطاب الدولة التي تريد ان تعيد ترتيب شؤونها بعيدا عن لغة الشعارات الثورية وبواقعية المتفحص لمعضلات مجتمعها من الخبز الى الحرية والكرامة اولا ثم لمعضلاتها الدولية في طبيعة علاقاتها مع الغرب والشرق وكيف ينبغي ان تكون دون انحياز يقود للعمالة والتبعية سواء للشرق او للغرب، وبمعنى آخر يمكن القول انه مع خطاب الرئيس المرزوقي قد بدأ للتو عصر الدولة الوطنية في المنطقة العربية، الدولة التي تتفحص شؤونها أولاً وتسعى لتطور داخل حدودها قبل كل شيء، لكن دون ان تنسى ارتباطاتها القومية كما جاء في خطاب الرئيس التونسي .


وسأرى انه كان أمرا ايجابيا غياب فلسطين عن مقدمة الخطاب ومتنه، اما اشارة التمنيات لشعب فلسطين بالحرية التي ترافقت مع تمنيات مماثلة لشعبي سوريا واليمن في مواجهة « الاحتلالات الداخلية والخارجية « فإنها إشارة من طبيعة الخطاب الواقعية التي لا تريد منازلات وهمية لطالما حفل بها خطاب العهد القديم وبخاصة بياناته الانقلابية العسكرية التي كانت تمتطي صهوة فلسطين أولاً لتنتزع شرعية استيلائها على الحكم في هذا البلد العربي او ذاك، اقول: رأيت غياب فلسطين عن مقدمة ومتن خطاب الرئيس التونسي المنتخب امرا ايجابيا في حدود ما يعني ذلك اننا هنا في فلسطين لن نأكل بعد اليوم جوزا فارغا لطالما اطعمنا اياه الخطاب القديم، واكثر من ذلك فان الايجابية الأهم في هذا الامر ان الشقيقة تونس مقبلة مع خطاب من هذا النوع على تقدم لافت وتطور كبير لأنه قد تم التخلص من اوهام الشعارات وبلاغتها الحماسية، وبالطبع فان ذلك سيحدث ما لم يرتد الاخوان على خطاب رئيس الدولة، واقول ان هذا احتمال وارد مع شديد الاسف…!!على اني لا أقرأ هنا الآن سوى هذا الخطاب واتكشف دلالاته التي لا تشير لغير اللغة الجديدة التي ستكتسح الخطاب السياسي العربي بعد الآن .


اللافت ايضا في خطاب الرئيس التونسي والمبهج في نفس الوقت، محتواه الثقافي الذي طالما ظل غائبا عن الخطاب السياسي العربي بشكل عام، ذلك لأن المحتوى الثقافي يقود اللغة الى تواضعها والمعرفة الى تشخيصاتها الصائبة بعيدا عن مطلقات الشعار السياسي وادعاءاته المعرفية الزائفة بامتلاك الحقيقة وخاصة اذا ما انطلق من وجهة نظر واحدة ووحيدة …!!


بالطبع يحتاج خطاب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الى قراءة اوسع من هذه بكثير، لا لأنه بحق خطاب العهد الجديد بل لأنه يستحق ذلك تماما ولأن فيه اكثر كثيرا مما قلنا هنا، وليس لنا الان الا ان نقول شكرا لتونس .

 

 

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.