تونس- “حكومة صامتة” تعاني من أزمة اتصال

تعاني الحكومة المؤقتة برئاسة حمادي الجبالي من أزمة اتصال حقيقية ما يزيد من إرباك مهمتها في إدارة البلاد وفتح الملفات العاجلة.
وإلى حدّ كتابة هذا التقرير لم تخطط الحكومة الجديدة بعد لتنظيم لقاءات إعلامية دورية، على …



تونس- “حكومة صامتة” تعاني من أزمة اتصال

 

تعاني الحكومة المؤقتة برئاسة حمادي الجبالي من أزمة اتصال حقيقية ما يزيد من إرباك مهمتها في إدارة البلاد وفتح الملفات العاجلة.

وإلى حدّ كتابة هذا التقرير لم تخطط الحكومة الجديدة بعد لتنظيم لقاءات إعلامية دورية، على غرار حكومة الباجي قايد السبسي المتخلية، لإطلاع الصحافة والرأي العام بخطواتها وآخر قراراتها بشأن معالجتها لأمهات المشاكل التي تعصف بالبلاد في هذه المرحلة الإنتقالية.

وتسود حالة ترقب في الشارع التونسي مع إعلان الحكومة في وقت سابق عن العناوين الكبرى لبرنامج عملها دون أن تخوض في التفاصيل ودون تحديد سقف زمني للأهداف المعلنة.

وكان أبرز ملف تمّ التطرق إليه بداية، التشغيل، حيث وعدت الحكومة بتوفير 25 ألف وظيفة في القطاع العمومي بشكل عاجل وأكثر من 70 ألف في القطاع الخاص مع العمل على تصدير نحو 200 ألف من اليد العاملة إلى الدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسها ليبيا التي تستعد لإعادة الإعمار.

وإلى جانب ذلك، ما تمّ إعلانه من التوسع في رصد المنح الإجتماعية للعائلات المعوزة وإصلاح القوانين الجبائية.

غير أن تلك العناوين التي تتردد في منابر كثيرة من قبل وزراء حكومة الجبالي وائتلاف "الترويكا" لا تجد صدى يذكر لدى وسائل الإعلام بسبب أولا البطئ في تسريع الإجراءات، وثانيا غياب التواصل الإعلامي والندوات الصحفية التي من شأنها أن تطمئن الرأي العام وتضعه على بينة مما يخطط وينفذ.

ويكاد يتحول الملف الاتصالي إلى عائق فعلي في طريقة عمل الحكومة التي خيرت التزام الصمت في عدد من الإشكاليات والنأي بنفسها أحيانا أخرى عما يحدث من توترات بشكل أربك خطط الحكومة في كيفية اتخاذ المواقف وسرعة الرد.

واكتفى رئيس الحكومة في المدة الأخيرة بالدعوة إلى الكف من الإعتصامات والاضرابات فيما لوح وزير الداخلية علي العريض بتطبيق القانون ضد من يخلون بالأمن العام.

وقد بدأ التجسيد الفعلي لذلك التلويح الإربعاء أمام وزارة التعليم العالي عندما تدخلت قوات الأمن بقوة لفض الاعتصام المنادي بحماية الجامعة التونسية على خلفية أحداث كلية منوبة
ما أدى إلى تسجيل تجاوزات جديدة بحق صحافيين.

وكان وزير التعليم العالي في حكومة الجبالي، المنصف بن سالم، قد انتظر أكثر من أسبوعين، من دون أن يحدد موقف الوزارة بشكل واضح، لفض اعتصام المجموعات السلفية بكلية منوبة والذي تسبب في تعطيل الدروس وغلق الكلية كما تسبب في تجاوزات خطيرة لحقت الكوادر الجامعية والحريات الأكاديمية.

وجاءت أنباء الاحتجاجات أيضا في وقت لاحق من مدينة قفصة أثناء احتفائها بالذكرى الرابعة لأحداث الحوض المنجمي ضد ما سموه بتجاهل الحكومة لذكرى الأحداث، في الوقت الذي كانت تستعد فيه لاستقبال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة اسماعيل هنية، ما أدى إلى صدامات جديدة بين الأمن والمحتجين بقفصة.

وفي الواقع فإنه لا يعرف ما إذا كان البطء والغموض في اتخاذ المواقف عائد إلى الافتقاد في الخبرات أم أنه مجرد تكتيك يهدف من وراءه الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة إلى المحافظة على الرصيد الانتخابي لدى الناخب التونسي والمسجل في انتخابات المجلس التأسيسي قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.

ولكن بغض النظر عن ذلك، وبالعودة إلى الأزمة الاتصالية للحكومة فإنها لا تقف عند حالات الغموض والتأرجح وطريقة التعاطي الإعلامي مع الشأن العام وسرعة اتخاذ المواقف، ولكنها تمتد إلى العلاقات مع رجال الإعلام أنفسهم.

ولا تبدو تلك العلاقة في أفضل حالاتها اليوم حيث من المنتظر أن ينظم الإعلاميون بمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وعدة تنظيمات من المجتمع المدني وقفة احتجاجية في ساحة القصبة ضد ما يرونه من أشكال الوصاية والانتهاكات التي تطال الإعلاميين وتهدد عملهم وحرياتهم في ظل الحكومة الحالية.

وفي انتظار ذلك الموعد يعلق الإعلاميون آمالهم على ساحة القصبة علها تنجح مرة أخرى في تصحيح الانحرافات التي تطرأ من حين إلى آخرعلى مسار الانتقال الديمقراطي.

 

طارق القيزاني

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.