المعارضة تتكتل من أجل جمهورية “الترويكا”!

لئن شهدت تونس بعد الثورة انفتاحا سياسيا واسع النطاق وتم إطلاق العنان لظاهرة التحزّب والانخراط في الأحزاب السياسية، فإن هذه الأخيرة أضحت محل جدل سياسي واسع النطاق من السياسيين وعلماء الاجتماع وخاصة من …



المعارضة تتكتل من أجل جمهورية “الترويكا”!

 

لئن شهدت تونس بعد الثورة انفتاحا سياسيا واسع النطاق وتم إطلاق العنان لظاهرة التحزّب والانخراط في الأحزاب السياسية، فإن هذه الأخيرة أضحت محل جدل سياسي واسع النطاق من السياسيين وعلماء الاجتماع وخاصة من طرف الناس حول فاعليتها وتموقعها في الخارطة السياسية الجديدة لتونس بعد 14 جانفي 2011. فقد فاق عددها إلى حد الآن 100 حزب تحصل على التأشيرة القانونية.

غير أنّ السؤال الذي يفرض نفسه بعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل الحكومة الجديدة والرهانات والاستحقاقات السياسية المرتقبة وفي ومقدمتها صياغة الدستور الجديد للبلاد، يتمثل في مستقبل الأحزاب السياسية في تونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي؟

وهنا تكمن المعضلة والإشكالية بتواجد عدد كبير من الأحزاب خارج المجلس وهو ما يضع مستقبلها السياسي برمته على المحكّ في ظل غياب أيّ حافز أو موعد سياسي قريب تستمدّ منها نشاطها وتحركها.

فالأحزاب التي دخلت المجلس الوطني التأسيسي ستواصل نضالها السياسي من أجل تحقيق الانتقال الديمقراطي ولها من المشروعية والتمثيلية للشعب التونسي للدفاع عن العديد من المسائل والملفات، أمّا الأحزاب الأخرى والأكيد أن عددها سيكون مرتفعا ستفقد من بريقها الشيء الكثير وقد تتوه في الخارطة السياسية الجديدة التي تشكلت بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011.

 

وهذا التوهان الذي قد يحصل، له العديد من المبررات ومن أبرزها أن الأحزاب الجديدة والفتية من الصعب أن يكون لها النفس الطويل والجهد لمواصلة المثابرة والنضال في ظلّ تواضع عدد المنخرطين وخاصة شحّ التمويل العمومي والخاصّ وهو عامل قد يعوقها حتما على مواصلة نشاطها بصفة طبيعية وقد يكون حضورها مناسباتيا في بعض الأحداث السياسية.

وما يمكن التأكيد عليه أن الأحزاب الجديدة مطروح أمامها العديد من التحديات والرهانات الجسام وفي مقدمتها إثبات وجودها بعد انتخابات المجلس التأسيسي باعتبار أن المشهد السياسي في تونس بعد هذا الاستحقاق السياسي البارز قد أفرز تحولات جذرية في الخارطة السياسية في تونس وأعاد توزيع الأوراق من جديد!

والأمر الثابت أن التطورات السياسية المتلاحقة والمتسارعة وما حصل من تكتل بين الأحزاب التي تحصلت على أغلبية المقاعد في المجلس إبان الانتخابات والتفاهم بتقسيم الرئاسات الثلاث، علاوة على التجاذبات التي حصلت عند صياغة مشروع تنظيم السلط العمومية (الدستور الصغير) والطريقة التي تم بموجبها المصادقة على مشروعي قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2012 فضلا عن الخلافات بخصوص قانون تنظيم النظام الداخلي للمجلس، كلها عوامل جعل من الأقلية وهي المعارضة تعيد صفوفها من جديد وتوحد جهودها لأجل تكوين جبهة معارضة.

ولعلّ الاتفاق الحاصل مؤخرا بدمج ثلاثة أحزاب وهي الحزب الديمقراطي التقدمي وآفاق تونس والحزب الجمهوري في جبهة واحدة ومن قبله إعلان العديد من الأحزاب الصغيرة عن عمليات دمج في ما بينها يترجم بالفعل أن الخارطة السياسية في تونس بدأت تتشكّل من جديد لتكوين جبهات معارضة سواء داخل أو خارج أسوار المجلس التأسيسي.

 

فالأحزاب المتواجدة داخل المجلس والتي تمثل أقلية بالنسبة إلى الإئتلاف الحاكم ستحرص على مواصلة نضالها تحت قبة البرلمان بينما ستحرص الأحزاب الأخرى على تكوين مجموعات ضغط على الأغلبية لاسيما في العديد من الملفات الحكومية والسياسية وخاصة عند الشروع في صياغة الدستور الجديد للبلاد الذي سيشد إليه انتباه مختلف القوى والحساسيات السياسية ونسيج المجتمع المدني حتى يكون العين الساهرة واليقظة على "الترويكا".

 

مهدي الزغلامي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.