الاعتصامات في تونس.. من يسعى للإطاحة بالنهضة؟

يتساءل البعض عن سبب الاحتقان الاجتماعي بكثير من المدن التونسية، وعن سبب كثرة الاعتصامات المطالبة بالتشغيل والتنمية والتي شهدت ارتفاعا غير مسبوق وخطير في الآونة الأخيرة…



الاعتصامات في تونس.. من يسعى للإطاحة بالنهضة؟

 

يتساءل البعض عن سبب الاحتقان الاجتماعي بكثير من المدن التونسية، وعن سبب كثرة الاعتصامات المطالبة بالتشغيل والتنمية والتي شهدت ارتفاعا غير مسبوق وخطير في الآونة الأخيرة.

 

فلم يمرّ سوى شهر واحد عن تشكيل الحكومة في 23 ديسمبر الماضي، حتى قامت الدنيا ولم تقعد بسبب الانفلاتات الأمنية، وراح بعض المسؤولين الحكوميين يوجهون اتهاماتهم لأقصى اليسار.

 

ومنذ أيام صرح الرئيس المؤقت منصف المرزوقي في حوار مع الجزيرة.نت تصريحا ناريا وجه فيه أصابع الاتهام إلى أقصى اليسار بالتحريض على الإعتصامات ضدّ الائتلاف الحاكم، الذي تقوده حركة النهضة.

وقبله وجه رئيس الحكومة حمادي الجبالي أصابع الاتهام لأطراف "لم ترضها الانتخابات"، في إشارة إلى أحزاب اليسار التي حققت فشلا ذريعا بالانتخابات الماضية، دون أن يسميها.

 

هذا وأطلقت بعض الألسن تلميحات مبطنة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل بأنه هو من يقف وراء تحريك الاحتجاجات والاعتصامات، لاسيما في منطقة الحوض المنجمي المهمشة.

 

المصدر حاول رصد بعض الآراء لمحاولة استقراء حقيقة ما يحدث في البلاد، التي تعيش وضعا انتقاليا صعبا خصوصا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي. وفيما يلي بعض تصريحات المسؤوليين الحكوميين والمعارضين والنقابيين والمراقبين حول حقيقة من يقف وراء الاعتصامات والانفلات الأمني بالبلاد:

 

سمير بن عمر رئيس كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في المجلس التأسيسي:

 

بسؤاله عن موقفه من الاتهامات التي وجهها الرئيس المؤقت منصف المرزوق لأقصى اليسار، أجابنا بن عمر "وهل لديك رأي آخر؟". إذ يحمل بن عمر من جانبه مسؤولية ما يحدث من أضرار جراء "الاحتجاجات المفتعلة" إلى أحزاب أقصى اليسار كالحزب العمال الشيوعي وحركة الوطنيين الديمقراطيين. ويقول "بعض الأطراف نزلت إلى مستوى الحضيض وأصبحت تغلب مصلحتها الحزبية على مصلحة البلاد". وعن الهدف الذي تسعى إليه هذه الأحزاب، يقول بن عمر إنها تسعى لإسقاط الحكومة والتمهيد للوصول إلى الحكم، مشيرا إلى هناك أدلة وأنّ الأبحاث القضائية مفتوحة في هذا الموضوع.

 

طاهر هميلة عضو المجلس التأسيسي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية:

 

من جانبه، أكد لنا الطاهر هميلة أنّ الاعتصامات والإضرابات تقف وراءها أطراف سياسية تسعى للإطاحة بالحكومة الحالية. ويقول للمصدر "أنا أعرف من يعطل في تونس اليوم. هما حثالتين: الحثالة الفرنكوفونية والحثالة اليساروية". ولما طلبنا منه توضيح ما يقصد بكلامه قال طاهر هميلة "الحثالة الفرنكوفونية أقصد بها كل من لديهم ارتباط بالفكر الفرنكوفوني الذي يريد تكريس إخضاع الوطن للاستعمار الفرنسي المبطن السياسي والثقافي والاقتصادي". أمّا عن الأحزاب اليساروية كما قال، فأشار هميلة إلى الحزب العمال الشيوعي وحركة الوطنيين الديمقراطيين. وبسؤاله عما إذا كانت كل الاحتجاجات مفتعلة من اليسار، أجاب "صحيح هناك جماعات لديهم مطالب مشروعة ولكن احتجاجاتهم يجب أن تكون في نطاق القانون وليس في نطاق تعطيل الحياة. كل عمل من شأنه أن يعطل الحياة هو عمل تخريبي وعلى الحكومة أن تأخذ تجاه هذا الأمر قراراتها باستعمال القانون دون رحمة".

 

الفرجاني دغمان رئيس اللجنة المالية والتنمية بالمجلس التأسيسي (عن حركة النهضة):

 

ردا على سؤال حول من يقف وراء هذه الاعتصامات وهل هناك أطرافا خفية تحرك الشارع، أجاب الفرجاني دغمان المصدر على هامش الندوة الوطنية للتنمية "أنا لا أعلم إن كانت هناك أطرافا خفية تقف وراء هذه الاعتصامات وإن كانت هناك أطراف خفية فعلى السلطات المختصة الكشف عنها". ويقول "الاعتصامات والمطالب الاجتماعية هذه مشروعة ولكن أقول لا إجحاف. لا يجب علينا أن نتجنى على هذه الحكومة التي اعتبرها حكومة شجاعة لأنها أرادت أن تتحمل المسؤولية في هذا الظرف الصعب". ويقول "نحن نتفهم الاعتصامات ولكن لا تظلموننا دعونا نشتغل وسترون النتائج في القريب العاجل". وأكد الفرجاني دغمان بأنّ هناك مبالغ مرصودة في ميزانية عام 2012 لكنها تنتظر عودة الأمن والاستقرار حتى يقع استثماراها في مشاريع تنموية بالجهات.

 

حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي:

 

نأى حمة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي وقوفه وراء تأجيج الأوضاع في البلاد، مشيرا إلى أن الحزب طالما دعا إلى نبذ العنف والاحتقان. واعتبر الاتهامات التي أطلقها رئيس الدولة المؤقت منصف المرزوقي لأقصى اليسار بأنها "غير مسؤولة" وأنها اتهامات "باطلة" كان النظام السابق لبن علي يكيلها لمعارضيه. ويتساءل "إذا كنا نوصف بأننا أحزاب صفر فاصل فكيف يمكننا أن ندير كل هذه الاحتجاجات في البلاد؟". ويقول "كان على الحكومة الحالية تشخيص الأسباب الحقيقية وراء هذه الاحتجاجات قبل أن تعلق عجزها في معالجة الأوضاع على أقصى اليسار". وأشار إلى أنّ هناك غضب شعبي سائد بسبب عدم وضوح الرؤية في ظل غياب برنامج حكومي واضح وحلول عاجلة لفائدة الفئات المهمشة والفقيرة، وفق قوله.

 

أحمد إبراهيم الأمين العام لحركة التجديد وعضو بالمجلس التأسيسي:

 

أكد أحمد إبراهيم للمصدر أنّ الاعتصامات الحاصلة في البلاد تعبر عن مطالب وانتظارات المواطنين، مبينا أنّ سبب الاعتصامات هو الإطناب في الوعود الانتخابية وهو ما ترك انطباعا لدى الرأي العام بأن الحكومة قادرة على انجازها رغم أنها غير قادرة على ذلك، وفق قوله. ويقول "الحل هو وطني أي بالتوجه نحو حكومة كفاءات وطنية". وعن توجيه أصابع الاتهام إلى أقصى اليسار، يقول "هذا خطأ في التشخيص الأسباب الحقيقية لاندلاع الاعتصامات، إذ يجب أن يكون التشخيص سليما لإيجاد حلول سليمة. توجيه أصابع الاتهام دون براهين هي من الأمور التي لا تساعد على إيجاد الحلول". ويضيف "نحن في حاجة إلى مناخ ثقة جديد. هل الحكومة بتركيبتها وبسياستها قادرة على أن تواجه هذه الصعوبات؟ في اعتقادنا اختيار الحكومة بأغلبية وأقلية هو اختيار غير صائب لأنها فترة تأسيسية وكان بالإمكان أن تكون هماك حكومة كفاءات وطنية بين كل الأطراف تعتمد على الكفاءات ولا على المحاصصة الحزبية".

 

حسين العباسي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل:

 

نظر لما وجهه البعض من انتقادات لقيادات الاتحاد الذين تخلوا عن منصابهم في مؤتمر طبرقة توجهنا بالسؤال إلى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي عما إذا كان الاتحاد غير قادر على السيطرة على قواعده الشعبية بما جعلها تقوم بإضرابات عشوائية في بعض المناطق لا سيما في الحوض المنجمي. لكن حسين العباسي نفى تورط الاتحاد في تأجيج الوضع من خلال تحريك الإضرابات وحمل بعض الأحزاب السياسية مسؤولية تأجيج الوضع الاجتماعي والانفلاتات الأمنية الواقعة في البلاد. وقال العباسي إنّ العديد من الأحزاب السياسية أطنبت قبل الانتخابات في رفع سقف المطالب الاجتماعية وأنها بالغت في وعود الناخبين بتحقيق مطالبهم العاجلة، وهو ما دفع حسب رأيه الناس إلى شن موجة عاتية من الاعتصامات، في ظل غياب حلول سريعة وبرامج واضحة.

 

محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية:

 

يرى الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية محسن مرزوق أنّ دوافع الاعتصامات في البلاد "دوافع اجتماعية محضة بسبب الأوضاع المتردية في الجهات". ويقول "اعتقد أنّ إلقاء التهم دون براهين باتجاه أطراف معينة هو توجه خاطئ"، مشيرا إلى أنّ تونس تحتاج إلى لحمة وطنية، بعيدا عن "التفرقة والتمزقات".

وفيما يتعلق بتوجيه التهم إلى أقصى اليسار يقول محسن مرزوق " لا اعتقد أن هذه الاتهامات لها أساس واعتقد أنه الحالة اكبر بكثير جدا من محاولة تأجيج الاعتصامات من طرف ما لأنها احتجاجات شاملة لكل الجمهورية". ويقول للمصدر "يجب أن نكف عن التفرقة والتمزقات. تصريحات الرئيس إما أن تذهب نحو تقسيم التونسيين منقبات وحجبات وسافرات أو لاتهام أطراف تحرض وتخرب. على الرئيس أن يعبر عن الوحدة وأرجو أن يكون هذا توجهه في المرحلة المقبلة".

 

خميس بن بريك

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.