جدل حول قتل ربيع بمنزل بورقيبة ومطالبة بإعدام القاتل أمام الناس

خلال اليومين الأخيرين، احتد ت النقاشات في الشارع التونسي وعلى مواقع الانترنت حول قضية الطفل المقتول بجهة منزل بورقيبة ربيع…



جدل حول قتل ربيع بمنزل بورقيبة ومطالبة بإعدام القاتل أمام الناس

 

خلال اليومين الأخيرين، احتد ت النقاشات في الشارع التونسي وعلى مواقع الانترنت حول قضية الطفل المقتول بجهة منزل بورقيبة ربيع.

 

وعبر كثيرون عن ألمهم وحزنهم لبشاعة الجريمة وعن تضامنهم مع عائلة الطفل وعن مطالبتهم بتسليط العقاب القانوني المستوجب على المتهمين  وهو الإعدام.

 

المطالبة بإعدام قاتلي ربيع  صدرت عن والديه و أصدقائه  في المدرسة وعن جيران العائلة وكذلك عن عدد كبير من التونسيين ممن وقفوا على بشاعة القضية على القناة التلفزية حنبعل.

 

الاعدام

 

وفتح كثيرون صفحات على الموقع الاجتماعي فايس بوك خاصة بالمطالبة بإعدام قتلة ربيع على غرار صفحتي  "نطالب بإعدام قاتل ربيع الله يرحمو" وصفحة "الاعدام لقاتل ربيع"…

 

ولقيت الصفحتان تجاوبا كبيرا من متصفحي الموقع. أما الصفحات الالكترونية التي تحدثت عن القضية فقد شهدت بدورها نقاشات مطولة وحادة حول العقاب المستوجب للجاني وهو الاعدام.

 

و يعتبر الإعدام شنقا إحدى العقوبات المعتمدة من القانون الجنائي التونسي، لكن تطبيقه على ارض الواقع متوقف منذ مطلع التسعينات، حيث لم يقع تنفيذ الاعدام في أي محكوم به. وكان آخر مجرم أعدم هو سفاح نابل في اكتوبر 1991.

 

وقد ألغت عدة دول هذه العقوبة من قوانينها الجنائية، فيما تتمسك دول عربية أخرى بها دون تطبيقها بينما سلكت دول أخرى منهج تونس في التعاطي مع الأمر وأبقت على العقوبة صلب القانون، لكن دون تطبيقها على ارض الواقع.

 

ويوجد اليوم في تونس حوالي 130 محكوما بصفة باتة بالإعدام يقبعون في السجون التونسية، لكن لم ينفذ فيهم الحكم.

 

وكانت وزارة العدل قد قررت منذ أسابيع رفع حظر الزيارات عن المساجين المحكوم عليهم بالإعدام وتمكينهم من حق زيارتهم من قبل أقاربهم المخول لهم قانونًا، إلى جانب تمكينهم من حق تلقي المؤونة منهم مرة كل شهر، وذلك في إطار الحرص على تمتع المساجين بكل حقوقهم المضمونة بالقانون المنظم للسجون دون تمييز، والتي كانوا محرومين منها سابقا.

 

وأعلنت الحكومة التونسية المؤقتة الشروع في بحث إمكانية إلغاء عقوبة الإعدام والانضمام إلى اتفاقيات أممية مناهضة لهذه العقوبة.

 

كما راجت مؤخرا أخبار مفادها أن بعض المحكومين بالإعدام غادروا السجون في إطار قرار تمتيع بعض المساجين بالعفو العام بمناسبة الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي.

 

ولم تبرز خلال الإعلان عن هذه الإجراءات في الفترة الأخيرة أية ردود فعل لدى التونسيين حول التخلي عن عقوبة الإعدام من عدمه.

 

غير أن قضية الطفل ربيع فجرت جدلا واسعا لدى التونسيين و دفعت بعدد منهم إلى المطالبة بالإبقاء على الإعدام كعقوبة وعدم الاستجابة لضغوطات أجنبية ولا لضغوطات منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان التي  تنادي بالتخلي عنها.

 

وحضر على بلاتوه  برنامج المسامح كريم على قناة "حنبعل" أثناء عرض الحلقة الخاصة بالطفل ربيع فنان راب أدى أغنية تقول كلماتها "انشا الله يبان الحق ويكون المجرم تشنق".

 

وهكذا طالت المطالبة بإعدام قاتل ربيع قطاع من أهل الفن. ولخص أحدهم على الانترنيت جميع هذه المواقف بالقول "كل من ينادي بإلغاء عقوبة الإعدام عليه أن يضع نفسه مكان والدي ربيع وعائلته فعندئذ سيراجع حساباته..إذا ألغينا الإعدام فسيتمادى المجرمون في جرائمهم وستحصل فظاعات أخرى في المجتمع ..لا بد من إعدام أمثال هؤلاء المجرمين حتى يكونوا عبرة للغير".

 

غير أن آخرين طالبوا باحترام المبادئ الأممية لحقوق الإنسان ومنها التخلي عن الإعدام في إطار الرأفة وعدم التشفي من المجرم الذي قد تزل به القدم وفي إطار احترام حرمة الذات الإنسانية.

 

ويقول هؤلاء إن تنفيذ الإعدام في المجرمين سابقا لم يساهم في الحد من الجرائم بل بالعكس زاد في ارتفاع الجرائم، لان المجرم لحظة ارتكاب الجريمة من المستحيل أن يستحضر أمام عينيه المحكومين بالإعدام.

 

في ساحة عمومية

 

المطالبون بإعدام قاتل (أو قتلة ربيع) انقسموا في الواقع إلى شقين، شق أول طالب بتنفيذ الإعدام واكتفى بذلك، غير أن شقا ثانيا  تميز بصلابة الموقف من حيث طريقة تنفيذ العقاب المستوجب للمتهمين، حيث مروا مباشرة إلى المطالبة بإعدام القاتل (أو القتلة) ، لكن بطريقة خاصة ، وهي الشنق وسط ساحة عمومية بمدينة ربيع (منزل بورقيبة) ليكونوا عبرة لغيرهم.       

 

عدد من متساكني منزل بورقيبة هتفوا  خلال اليومين الأخيرين مطالبين بإعدام القتلة وسط ساحة عمومية وعدم الرأفة بهم.

 

وعلى مواقع الانترنت قال البعض إن الحل الأمثل لتفادي مثل هذه الجرائم هو شنق قاتل ربيع بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة أمام الجميع وتنقل التلفزة الحدث مباشرة.

 

فيما يقول آخرون انه مهما بلغت بشاعة الجرم المرتكب، فإنه تبقى للمجرم حرمة بشرية وجسدية لا يجوز المس منها عبر تشويه الجثة أو التشفي من المجرم قبل قتله والتشهير به أمام العموم أو قطع أعضائه وهو حي، مثلما ينادي بذلك البعض.

 

ولا بد أن يتذكر الجميع خلال التعاطي مع قضية ربيع أن تونس دولة قانون لامجال فيها لقوانين الغاب وانه لا بد من انتظار كلمة القضاء النهائية.

 

وبكل تأكيد فإن نظر القضاء في جريمة قتل الطفل ربيع قد يطول لسنوات، وفي الأثناء من الممكن أن تحدث عدة تغيرات على مستوى القوانين والتشريعات في تونس وعلى مستوى مصادقة تونس على الاتفاقيات الأممية الداعية لإلغاء عقوبة الإعدام. وفي الأثناء أيضا قد تتغير مواقف التونسيين نحو هذا الاتجاه أو ذاك.

 

وليد بالهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.