بعد أزمة “العريضة” و”الوطني الحر”: هل يجوز للنائب تغيير انتماءه السياسي بعد الانتخابات؟

تفاجأت الأوساط السياسية مؤخرا بخبر انشقاق نواب بالمجلس التأسيسي عن تيار العريضة الشعبية وانضمامهم إلى حزب الاتحاد الوطني الحر.وكان نواب بالمجلس التأسيسي قد أعلنوا مؤخرا انضمامهم إلى تحالف داخل المجلس يقوده على ما يبدو العضو سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، ومن بين هؤلاء أعضاء كانوا محسوبين سابقا على تيار العريضة الشعبية الذي يقوده من لندن الهاشمي الحامدي، وهو ما أكده هذا الأخير الخميس في تصريحات إعلامية.



بعد أزمة “العريضة” و”الوطني الحر”: هل يجوز للنائب تغيير انتماءه السياسي بعد الانتخابات؟

 

تفاجأت الأوساط السياسية مؤخرا بخبر انشقاق  نواب بالمجلس التأسيسي عن تيار العريضة الشعبية وانضمامهم إلى حزب الاتحاد الوطني الحر.

 

وكان نواب بالمجلس التأسيسي قد أعلنوا مؤخرا انضمامهم إلى تحالف داخل المجلس يقوده على ما يبدو العضو سليم الرياحي رئيس حزب  الاتحاد الوطني الحر، ومن بين هؤلاء أعضاء كانوا محسوبين سابقا على تيار العريضة الشعبية الذي يقوده من لندن الهاشمي الحامدي، وهو ما أكده هذا الأخير الخميس في تصريحات إعلامية.

 

وفي أولى ردود فعل الملاحظين والمتابعين للشأن السياسي بتونس، وبقطع النظر عن صحة  الخبر من عدمه، تم طرح سؤال هام يتعلق بمدى شرعية ومشروعية هذا التمشي بل ومدى استقامته من الناحية الأخلاقية، فالنواب المذكورين شاركوا في انتخابات 23 أكتوبر الماضي على أساس أنهم ينتمون لتيار العريضة الشعبية حسب حملاتهم الانتخابية.

 

وقد صوت لهم الناخبون يوم الاقتراع على ذلك الأساس (أي الانتماء لتيار حزبي وسياسي معين وهو العريضة الشعبية)، وكان لناخبيهم آنذاك – بلا شك – قناعات شخصية وسياسية لتنفيذ هذا الاختيار.

لكن بعد الانتخابات يتفاجأ هؤلاء الناخبين بأن من انتخبوهم انسلخوا عن انتمائهم الأصلي الذي اختاروهم على أساسه ودخلوا تحت مظلة انتماء آخر.

 

وهذا ما يطرح مسألة مصداقية وشفافية الانتخابات. ففي هذه الحالة لا يكفي أن تجري الانتخابات يوم الاقتراع وأثناء الفرز في كنف الشفافية والنزاهة وحرية الاختيار والسرية فحسب، بل لا بد أيضا من ضمان تواصل هذه الشفافية والنزاهة وحرية الاختيار بعد الانتخابات وطيلة المدة النيابية.

 

ولا يتناول القانون الانتخابي التونسي هذه المسألة، وكان من المفروض حسب الملاحظين أن يوجد فصل قانوني يمنع على المُنتخبين تغيير انتمائهم الحزبي والسياسي طيلة المدة النيابية التي انتُخبوا من أجلها، وبعد ذلك لهم حرية التغيير.

 

فالناخب عندما ينتخب اليوم مترشحا على أسس معينة لا يجب أن يتفاجأ من الغد بأن ذلك المترشح غير "جلدته السياسية " لأن ذلك سيضع أحد أهم مبادئ الاقتراع في العالم (حرية التصويت) في الميزان ويصبح إجراء انتخابات كعدمه لأنه لا أحد سيضمن فيما بعد تواصل المشهد السياسي تماما كما اختاره الناخبون.

 

وعلى صعيد آخر، فجر رئيس تيار العريضة الشعبية الدكتور الهاشمي الحامدي الخميس قنبلة سياسية عندما قال في تصريح "لإذاعة شمس أف أم" أن حزب الاتحاد الوطني الحر دفع أموالا للنواب المنسلخين عن العريضة حتى ينضموا إليه، أي بلغة أخرى "اشتراهم".

 

وهذه الإتهامات حول دفع الأموال نفاها بشدة الاتحاد الوطني الحر في ردود فورية على تصريحات الحامدي عبر وسائل الإعلام دون أن ينفي انتماء أعضاء جدد له من نواب التأسيسي وصفهم بالمستقلين.

 

وهذا ما يطرح أيضا مسألة المال السياسي ومدى لعبه دورا في تغيير المشهد السياسي وفي التلاعب بخيارات الناخبين التي كانت يوم الاقتراع حرة ومستقلة ومبنية على قناعات، وعلى السلط المعنية التحري في الأمر وفتح تحقيقات صارمة لكشف الحقيقة للمواطن بشكل عام وللناخب بشكل خاص حتى يعرف صحة ما يقال حول التلاعب باختياراته التي عبر عنها يوم الاقتراع.

 

كما يطرح أيضا جدلا حول هيبة "كراسي" المجلس التأسيسي التي ستصبح – إذا ما صحت أقوال الهاشمي الحامدي – تُباع وتُشترى، وهو ما قد يشوه صورة  المشهد السياسي في تونس وصورة المسار الديمقراطي الذي شهد له كل العالم بالنجاح يوم 23 أكتوبر الماضي وبعده.

 

هذا الموضوع سيبقى في كل الأحوال مرشحا لمزيد التطورات خلال الفترة القادمة، والمهم هو ضرورة تدخل الحكومة لتوضح للرأي العام حقيقة ما حصل تفاديا لتصيد الكلام والاتهامات من هذا الجانب أو ذاك والتي قد تغالط الناس وتُدخل الجميع في جدل عقيم.

 

 

 

وليد بالهادي

اترك تعليقاً

Time limit is exhausted. Please reload CAPTCHA.